06-أبريل-2016

في تونس.. تشكيك ودعوات للتحقيق في وثائق بنما(تويتر)

أجمعت "وثائق بنما" على كشف شبهات الفساد في عدة دول من العالم، لكن التعاطي معها ومدى تقبلها كان مختلفًا من دولة إلى أخرى. في تونس، كان الرد عبر القرصنة والاختراق والاتهام بالتوظيف السياسي أساسًا، إذ تعرض الموقع الإلكتروني التونسي "إنكيفادا"، المكلف بنشر الجزء التونسي من "وثائق بنما" إلى الاختراق والقرصنة بعد نشره أولى الوثائق المتعلقة بالسياسي التونسي محسن مرزوق.

تعرض الموقع الإلكتروني التونسي "إنكيفادا"، المكلف بنشر الجزء التونسي من "وثائق بنما" إلى الاختراق والقرصنة بعد نشره أولى الوثائق

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. مرزوق وآخرون في شراك "وثائق بنما"

قرصنة "إنكيفادا" و"مراسلون بلا حدود" تندد

كان موقع "إنكيفادا" قد نشر، في ساعة متأخرة من ليلة الاثنين 4 نيسان/أبريل الحالي، أولى تحقيقاته وفقًا لـ"وثائق بنما"، باللغة الفرنسية، وعنونها "وثائق بنما.. محسن مرزوق في الطريق إلى الأفشور"، وانطلقت إثر ذلك محاولات لقرصنته، حسب تأكيد صحفيي الموقع، وهو ما تم صباح الثلاثاء 5 نيسان/أبريل وتلاه نشر معلومات باسم "إنكيفادا" تتهم الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي.

لكن سرعان ما تبرأت إدارة الموقع، في بيان نشر على حساب "إنكيفادا" على "فيسبوك" من المنشور حديثًا، مؤكدة تعرض الموقع للقرصنة وأن الوثيقة الوحيدة التي صدرت عن الموقع متعلقة بالسياسي مرزوق. ونددت منظمة "مراسلون بلا حدود"، في بيان لها اطلع "الترا صوت" على نسخة منه، بقرصنة موقع "إنكيفادا"، وقالت ياسمين كاشا، مسؤولة مكتب المنظمة في شمال إفريقيا: "نحن نندد وبشدة بهذا الهجوم الإلكتروني، الذي يؤكد أن الصحافة الاستقصائية لا تزال تثير الخوف اليوم في تونس". وذكر بيان المنظمة أن "تونس لا تزال في أمس الحاجة لهذه النشريات الشجاعة التي تدعم الحق في المعلومة بشكل حر وتعطي المثال في المنطقة".

وأوضحت منية بن حمادي، مديرة تحرير الموقع، لـ"مراسلون بلا حدود": أن الهجوم على إنكيفادا "كان من مناطق مختلفة وقد تم التعرف على الأجهزة التي قامت بذلك لكن ليس على من يقفون وراءها". وتحتل تونس المرتبة 126 من بين 180 دولة في الترتيب العالمي لحرية الصحافة الذي تعده "مراسلون بلا حدود". وبعد القرصنة، ذكر "إنكيفادا" أن المعلومات التي نشرها متوفرة الآن على هذا الرابط، بدعم من "الشبكة الإفريقية لمراكز التقارير الاستقصائية" (ANCIR).

يذكر أن موقع "إنكيفادا"، هو أحد ممثلي الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في تونس إضافة إلى "وكالة تونس أفريقيا للأنباء"، التي ورد اسمها على موقع الاتحاد كشريك إعلامي لكنها لم تصدر إلى حد الآن ما يثبت اشتغالها على هذه الوثائق أو نيتها نشر أي معطيات، وقد شارك صحفيان من العاملين في موقع "إنكيفادا" في العمل الاستقصائي المعروف بـ"وثائق بنما"، وهما مالك الخضراوي مدير الموقع وسناء السبوعي رئيسة تحرير النسخة الفرنسية للموقع.

اقرأ/ي أيضًا: "وثائق بنما"..تسريبٌ بريء أم ماذا؟

المرزوقي: "زجي في القضية محاولة لتحويل الأنظار"

إثر تناقل جزء من الإعلام التونسي لخبر تورط المنصف المرزوقي، تعددت تصريحات قيادات من حزب "حراك تونس الإرادة"، الذي يترأسه المرزوقي، لنفي الأمر. وصدر بيان عن الحزب دعا فيه "النيابة العمومية إلى فتح تحقيقات في شأن كل من يرد اسمه خاصة من المقيمين في تونس وذلك للحاجة الضرورية إلى التحري". وذكّر البيان بمبادرات سابقة كانت لمؤسسي الحزب من أجل "تشريع قوانين ترسّخ مبدأ التحرّي في ثروات من يتوجّب التحرّي معهم من مسؤولين سامين أو رجال أعمال تحت شعار "من أين لك هذا؟".

في الأثناء، جاء رد المرزوقي سريعًا على صفحته الرسمية في "فيسبوك" نافيًا ما وجه له من اتهامات وقائلًا: "غرفة العمليات تريد تحويل الأنظار وزجي في قضية "بنما بايبرز" بما يثير الازدراء.. بالطبع الأمر كذبة مفضوحة تضاف لقائمة الأكاذيب الطويلة التي لفقت ضدي.. القضاء سيقول كلمته والتحقيق في الأسماء الحقيقية يجب أن يبدأ الآن".

مرزوق: محاولة تشويه أهدافها سياسية!

في سياق متصل، نفى محسن مرزوق، مؤسس حركة "مشروع تونس"، في مداخلة هاتفية إذاعية، ما تم تداوله بخصوص أي مراسلات جمعته بمكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا". وتحدى مرزوق موقع "إنكيفادا" بأن ينشر الرسائل الإلكترونية التي تحدث عنها في تحقيقه، وأكد أنه "سيقاضي الموقع"، معتبرًا ما جاء فيه "محاولة تشويه ولا علاقة لها بوثائق بنما الحقيقية بل وراءها أهداف سياسية تونسية".

 

تونسيون في "وثائق بنما".. دعوات للتحقيق!

على إثر ما تم تداوله في وسائل الإعلام التونسية والعربية في علاقة بالجزء التونسي من "وثائق بنما"، والتي انطلق موقع "إنكيفادا" في نشرها، أصدرت وزارة العدل التونسية بلاغًا مساء يوم الثلاثاء 5 نيسان/أبريل الحالي، جاء فيه أن "وزير العدل عمر منصور أذن للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس بمتابعة الموضوع بدقة والإذن بإجراء التحقيقات اللازمة عند الاقتضاء".

تقدم 127 نائبًا من كتل نيابية مختلفة في مجلس نواب الشعب التونسي بطلب لرئاسة المجلس قصد تكوين لجنة تحقيق برلمانية في "وثائق بنما"

وتقدم 127 نائبًا من كتل نيابية مختلفة في مجلس نواب الشعب التونسي بطلب لرئاسة مجلس نواب الشعب قصد تكوين لجنة تحقيق برلمانية. وجاء في نص طلبهم: "نحن أعضاء مجلس نواب الشعب الممضون الموقعون أسفله نتقدم بطلبنا هذا لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في موضوع الفساد المالي والتهرب الضريبي الذي تم الكشف عنه مؤخرًا ويسمى "أوراق بنما" ومدى تورط تونسيين في الموضوع طبقًا للفصل 97 من النظام الداخلي بمجلس نواب الشعب".

من جانب آخر، صرح محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري، لوسائل إعلام محلية، "احتمال فتح تحقيق مع التونسيين الوارد أسمائهم في ما يعرف بقضية "وثائق بنما" في حال التأكد من صحة ما نسب إليهم". وأضاف العياري أن "التحقيق سيتم وفقًا للقوانين التونسية". يذكر أنه لم ترشَح أي معطيات حول عمليات التحري التي أعلنت عنها النيابة العمومية في موضوع التسريبات التي تعلقت بـ"سويس ليكس" العام الماضي.

الإعلام التونسي بين التجاهل والتشكيك..

لم تأخذ كل وسائل الإعلام التونسية التحقيق الأول لموقع "إنكيفادا" بمنحى جدي، إذ تجاهلها البعض بشكل كلي، وهو ما أثار استغراب وتساؤلات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، أما جزء آخر فانخرط، من خلال الخطاب المتعمد والضيوف المختارين، في حملات تشكيك في صحة ما ذكره موقع "إنكيفادا" وفي التلميح لارتباط الموقع بشبهة سياسية.

في المقابل، تسرع جزء من الإعلام التونسي في نشر خبر تورط المرزوقي أو في توجيه اتهامات لمحسن مرزوق لا ينص عليها تحقيق "إنكيفادا"، واضطر بعضهم للاعتذار فيما بعد أو تعديل ما سبق نشره. وعلل البعض تأخر المؤسسات الإعلامية التونسية في التعاطي مع "وثائق بنما" في علاقة بالجزء الذي يخص تونسيين، إلى ضرورة التريث والتثبت.

من جانبها، أصدرت "إنكيفادا" بيانها الثاني الذي دافعت فيه عن التشكيك الوارد في الإعلام التونسي، وجاء في البيان أنهم "يتحققون جيدًا من المعلومات قبل نشرها" وأنهم "اختاروا عدم نشر قائمة بأسماء الأشخاص أو المؤسسات المذكورة في وثائق بنما ذات العلاقة بتونس، قبل الانتهاء من أعمال المراجعة الضرورية"، مؤكدين نشرهم تحقيقات أخرى مع أسماء تونسية جديدة في قادم الأيام. يذكر أن موقع "إنكيفادا" عاد إلى العمل منتصف يوم الأربعاء 6 نيسان/أبريل.

اقرأ/ي أيضًا:

وثائق بنما.. ساسة الفساد المالي حول العالم

تونس.. تعددية بدائل التغيير وتكثيفها