07-ديسمبر-2015

السوريون يترقبون (بيسار آديمي/الأناضول/Getty)

يترقب السوريون مؤتمر المعارضة الأوسع، الذي سيعقد في مدينة "أبها" السعودية، والذي سيشمل الغالبية الساحقة من التيارات والأحزاب والتكتلات والشخصيات المعارضة، فضلًا عن تمثيل المستويين السياسي والعسكري على حد سواء، فيما لا تزال المزيد من تفاصيل المؤتمر تتكشف كلما اقتربنا أكثر من موعده المقرر في الحادي عشر والثاني عشر من الشهر الجاري، على ما أفاد مصدر في الفصائل المسلحة لـ"ألترا صوت".

ويأتي مؤتمر "أبها" الذي تشرف عليه السعودية في إطار التحضير لإطلاق العملية التفاوضية في سوريا، أول بنود اتفاق فيينا الذي توصلت إليه مجموعة الاتصال الدولية حول سوريا في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وضمت المجموعة الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والسعودية وقطر، بالإضافة إلى جميع الدول الإقليمية والغربية المعنية بالملف السوري.

ونص اتفاق فيينا على تحديد الأول من يناير/كانون الثاني موعدًا لبدء المفاوضات بين نظام الأسد والمعارضة السورية، على أن يعمل المبعوث الدولي لسوريا، ستيفان دي مستورا، على توحيد المعارضة والتوصل إلى تشكيل وفدها المفاوض، بالتعاون مع السعودية، على أن يترافق مع إطلاق المفاوضات إعلان الطرفين لوقف إطلاق النار وصولًا إلى تشكيل حكومة انتقالية تقود البلاد لأكثر من عام تقوم خلالها بالإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية ووضع دستور جديد للبلاد.

يأتي مؤتمر "أبها" الذي تشرف عليه السعودية في إطار التحضير لإطلاق العملية التفاوضية في سوريا وهو أول بنود اتفاق فيينا

وتضمنت بنود "فيينا" الاتفاق بين الدول المشاركة أيضًا على تصنيف تنظيم داعش وجبهة النصرة ضمن التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى كل المجموعات التي تتفق عليها هذه الدول لاحقًا، وهي المهمة التي يرى محللون أنها مرتبطة بمدى تجاوب الفصائل العسكرية مع مقتضيات اتفاق فيينا والعملية السياسية التي ستنتج عن التفاوض مع النظام، لا سيما وقف إطلاق النار وتشكيل الحكومة الانتقالية التي ستعمل على فرض سلطتها على كامل الأراضي السورية، ومن ثم يبدو مؤتمر "أبها" بالنسبة للفصائل المدعوة وكأنه "طوق نجاة" من التصنيف على لوائح الإرهاب الدولية.

وفي أحدث التفاصيل حول المدعوين إلى المؤتمر، الذي تشرف عليه الرياض بالتنسيق مع الأمم المتحدة، أوضح مصدر قيادي في إحدى الفصائل السورية المسلحة، في حديث لـ"ألترا صوت"، أن الدعوة وجهت إلى أكثر من خمسة عشر من كبرى الفصائل، بينها حركة أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام والجبهة الشامية والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، والجبهة الجنوبية وجميع الكتائب التابعة للجيش الحر، ولم يستثن من تلك الفصائل سوى جبهة النصرة والكتائب المقربة منها مثل "جند الأقصى".

وأشار المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الفصائل الخمسة عشر ستمثل بـعضو واحد عن كل فصيل، فيما يبلغ العدد الإجمالي المتوقع للمشاركين في المؤتمر حوالي مائة وعشرين، بينهم ستة وثلاثين من الائتلاف الوطني السوري، اثنان وعشرون من هؤلاء ضمن قائمة واحدة مشتركة، فيما دعي البقية من أعضاء الائتلاف الستة والثلاثين كشخصيات وطنية عامة.

وكان الائتلاف السوري شهد في الأيام القليلة الماضية اضطرابًا في عملية تقديم قائمة موحدة متفق عليها للوفد الذي من المفترض أن يمثله في المؤتمر، فرئيس الائتلاف خالد خوجة اقترح قائمة قام بانتقاء أفرادها شخصيًا، من مجمل الكتل المشكلة للائتلاف، فيما قدمت الهيئة السياسية مقترحًا يقضي بأن يكون أعضاؤها هم أنفسهم أعضاء الوفد إلى "أبها" يضاف إليها الرئيس، فيما حسم الخلاف أخيرًا بتقديم قائمتين، الأولى تمثل الائتلاف بـاثنين وعشرين عضوًا، فيما تمثل الأخرى شخصيات عامة مستقلة عن القائمة الأولى لكنها تحظى برمزية وطنية، ليبلغ العدد النهائي لأعضاء وفد الائتلاف ستة وثلاثين عضوًا.

كان الائتلاف السوري شهد في الأيام القليلة الماضية اضطرابًا في عملية تقديم قائمة موحدة متفق عليها للوفد الذي من المفترض أن يمثله في المؤتمر

وكان العدد الكلي المتوقع للمشاركين في مؤتمر "أبها" عند البدء بالإعداد له حوالي خمسة وستين، لكن العدد ازداد مع الوقت وبلغ مائة وعشرين، في محاولة من السعودية لدعوة أكبر عدد ممكن من أطياف المعارضة السورية وخصوصًا تلك التي تمثل الأقليات الدينية والعرقية، بحسب المصدر ذاته.

ومن بين المكونات التي أعلنت استلامها دعوات لحضور المؤتمر تلك المحسوبة على معارضة الداخل، أو القريبة من النظام، مثل هيئة التنسيق وما أطلق عليه "مؤتمر القاهرة"، والذي يتزعمه هيثم مناع، بالإضافة إلى شخصيات علوية أبرزها لؤي حسين، ناهيك عن المشاركين بلقاءات موسكو، مثل قدري جميل.

اقرأ/ي أيضًا: التجنيد الإجباري يفرغ دمشق من شبابها

وتعليقًا على مدى تأثر عملية الإعداد لمؤتمر "أبها" بالتوتر الأخير بين روسيا وتركيا على خلفية إسقاط الأخيرة طائرة روسية حربية فوق الحدود السورية، أكد المصدر الذي تحدث لـ"ألترا صوت" أن "العلاقة بين تركيا وروسيا لن تؤثر على مجريات المؤتمر والنتيجة المتوقعة منه"، معتبرًا أن تصريحات إيران وروسيا، التي عبرت عن قلق البلدين من مؤتمر المعارضة السورية الذي ستشرف عليه الرياض، هدفها "الضغط فقط، وليس بإمكانهم تجاوز المؤتمر وموقعه من العملية السياسية التي اتفقوا عليها جميعًا في فيينا".

عضو الائتلاف الوطني السابق، لؤي صافي، رأى أن "الحالة الدولية وواقع المعارضة تجعل المشاركة في مؤتمر الرياض امتحانا عسيرًا لا يمكن التنبؤ بنتائجه، ولكن المؤتمر خطوة ضرورية للوصول إلى موقف موحد". برأيه، "الأسماء المدعوة التي اطلعت عليها تمثل تنوعًا سوريًا مقبولًا في الظرف الحالي الذي نعيشه، وتحمل معها إلى الاجتماعات مواقف مختلفة وربما متباينة في بعض الحالات".

اقرأ/ي أيضًا: النظام السوري يحاول كسر "الكرامة" في السويداء