11-يوليو-2022

فضائح تلاحق شركة النقل العملاقة أوبر (تويتر)

كشف تحقيق شاركت فيه 42 مؤسسة إعلامية حول خروقات شركة أوبر للنقل وتورطها في أساليب عنيفة وممارسات غير قانونية، عن إبرام الشركة صفقة سرية مع الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون قبل عدة سنوات عندما كان وزيرًا للاقتصاد في بلاده.

كشف تحقيق شاركت فيه 42 مؤسسة إعلامية حول خروقات شركة أوبر للنقل وتورطها في أساليب عنيفة وممارسات غير قانونية، عن إبرام الشركة صفقة سرية مع الرئيس الفرنسي

حيث اتهم التحقيق، الذي ارتكز على آلاف الوثائق التي أرسلت من قبل مصدر لم يتم الكشف عنه إلى صحيفة الغارديان البريطانية، الرئيس الفرنسي ماكرون  "بالاتفاق سرًا مع شركة أوبر لتعزيز وجودها في فرنسا عندما كان وزيرًا للاقتصاد ما بين عامي 2014 و2016"، في حكومة فرانسو أولاند التي كانت توصف بالاشتراكية.

صحيفة لوموند الفرنسية التي شاركت في التحقيق قالت "إن ماكرون لم يكن مجرد داعم للشركة بل يكاد يكون شريكًا لها". وهو الأمر الذي كان محلّ تنديد من عدد من النواب المعارضين في البرلمان الفرنسي الذين اعتبروا ما قام به ماكرون وعملاق النقل "سرقةً للبلاد". وتحدثت الصحيفة نفسها عن عقد ماكرون مع وكلاء الشركات عشرات  الاجتماعات في مكتبه، فضلًا عن مواعيد ومكالمات ورسائل قصيرة بين فِرَق "أوبر فرنسا" من جهة وماكرون ومستشاريه من جهة أخرى.

وتفاعلًا مع هذه الاتهامات، سارع كل من قصر الإليزيه وشركة أوبر إلى نفيها. حيث قال قصر الإليزيه في بيان صادر عنه إن ماكرون بصفته وزيرًا للاقتصاد حينها كان على اتصال "بطبيعة الحال" مع "كثير من الشركات المشاركة في التحول العميق الذي حصل على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، و(هو تحوّل) كان لا بد من تسهيله عبر فتح العوائق الإدارية والتنظيمية" حسب البيان. أما شركة أوبر فاكتفت بالقول إن "الاجتماعات مع ماكرون كانت تندرج ضمن مسؤولياته كوزير للاقتصاد الفرنسي"، دون التطرق إلى طبيعة الاتفاق السري الذي تحدثت عنه الوثائق التي استندت إليها صحيفة لوموند والمعارضة الفرنسية في اتهاماتها الموجهة لماكرون.

وقد استغلت المعارضة الفرنسية ملف أوبر لتسديد عدة ضربات لماكرون المنتشي بفوزه بالسباق الرئاسي الأخير، حيث قالت النائبة اليسارية ماتيلدا بانو إن ماكرون شارك في عملة "نهب للبلاد" مستغلًا موقعه كمستشار  ووزير لفرانسوا هولاند". بدوره قال زعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل إن ما تم الكشف عنه يبين "الدور النشط الذي أداه إيمانويل ماكرون، عندما كان وزيرًا، لتسهيل تطور أوبر في فرنسا، ضد كل قواعدنا وكل حقوقنا الاجتماعية وضد كل حقوق عمالنا" على حد تعبيره. في حين دعا النائب الشيوعي بيير داريفيل إلى إجراء تحقيق برلماني سريع في القضية.

لم يقتصر النقد الموجه لماكرون على ذلك القادم من اليسار، فقد قال رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جون بارديلا إن ما تم الكشف عنه أظهر أن مسيرة ماكرون المهنية هدفها "خدمة المصالح الخاصة، الأجنبية منها في كثير من الأحيان، قبل المصالح الوطنية". يشار إلى أن التحقيق الذي شاركت فيه 42 مؤسسة إعلامية اتهم عملاق النقل "أوبر" بـ"خرق القانون" وباستخدام أساليب عنيفة لفرض نفسها في سوق النقل.

ويستند التحقيق على نحو  124 ألف وثيقة "تعود للفترة 2013 إلى 2017" حصلت عليها الغارديان وتشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، ومن بين الوثائق مراسلات تعود إلى مدراء في "أوبر" حينها، بالإضافة إلى مذكرات وفواتير. وقالت صحيفة الغارديان في مستهل التحقيق: "لقد خرقت الشركة القانون وخدعت الشرطة والمنظمين واستغلت العنف ضد السائقين وضغطت سرا على الحكومات في كل أنحاء العالم". وذلك في إشارة إلى تشجيع أوبر لسائقيها على المشاركة في المظاهرات واستغلال العنف الموجه ضد سائقيها لمساومة الحكومات والحصول على تنازلات من السلطات المعنية فضلًا عن الحصول على التغطية الإعلامية.

تبنت "أوبر"  حسب الغارديان تكتيكات متشابهة في دول أوروبية مختلفة (بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها)

وفي هذا الصدد تنقل إحدى الوثائق مراسلة من ترافيس كالانيك الذي كان حينها رئيسًا للشركة، فعندما عبّر عدد من كوادر الشركة عن القلق بشأن مخاطر قد يتعرض لها السائقون الذين كانت "أوبر" تشجعهم على المشاركة في مظاهرة في باريس، أجاب كالانيك حينها على تلك المخاوف بالقول "أعتقد أن الأمر يستحق ذلك. العنف يضمن النجاح". كما تبنت "أوبر"  حسب الغارديان تكتيكات متشابهة في دول أوروبية مختلفة (بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها)، إذ عمدت إلى حشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى إلى الشرطة عندما كانوا يتعرّضون لاعتداءات، وذلك من أجل الاستفادة من التغطية الإعلامية للحصول على تنازلات من السلطات.