29-مارس-2023
getty

انهيار الحوار يوم الإثنين المقبل قد يعني تصاعد الاحتجاجات (Getty)

خرج أكثر من نصف مليون شخص في شوارع المدن الفرنسية، خلال اليوم العاشر للتعبئة ضد تعديل نظام التقاعد الذي أقرته الحكومة عبر استخدام المادة الدستورية 49.3 المثيرة للجدل، دون المرور على البرلمان، في الوقت الذي تصل فيه شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أدنى مستوياتها.

خرج أكثر من نصف مليون شخص في شوارع المدن الفرنسية، خلال اليوم العاشر للتعبئة ضد تعديل نظام التقاعد

وقدرت وزارة الداخلية خروج 740 ألف متظاهر، في حين قالت النقابات أن العدد تجاوز 1,09 مليون متظاهر.

هذا، وشهدت العاصمة الفرنسية باريس العدد الأكبر من المتظاهرين حيث أشار بيان لوزارة الداخلية أن العدد تجاوز 93 ألف متظاهر، في حين قالت الكونفدرالية العامة للشغل "CGT" إن نحو 450 ألف شخص تظاهروا في العاصمة لوحدها، التي شهدت صدامات ومواجهات مع أفراد الشرطة.

وأظهرت مقاطع مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تدخلًا عنيفًا من قبل أفراد الشرطة ضد المتظاهرين، حيث استخدمت قنابل الغاز وضرب عناصرها المتظاهرين بالهراوات.

getty

وفي مدينة نانت الواقعة في غرب البلاد، أضرمت النيران في أحد المصارف، واستهدفت المحكمة الإدارية، وكذلك في مدينة رين حيث قطعت الطرقات.

كما شهدت حركة القطارات اضطرابات كبيرة صباح الثلاثاء، وطلبت المديرية العامة للطيران المدني من شركات الطيران مجددًا إلغاء بعض رحلاتها بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية.

وفي ختام المظاهرات دعت النقابات الفرنسية إلى يوم التعبئة الحادي عشر من "الإضراب والتظاهر"، وذلك يوم الخميس 6 نيسان/أبريل المقبل.

اعتقالات واتهامات

وأعلنت الشرطة الفرنسية عن اعتقال 55 شخصًا جراء الصدامات التي اندلعت في مختلف المدن الفرنسية. وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي، إن الوزارة نشرت 13 ألف شرطي، بينهم 5500 في باريس، في تعزيزات غير مسبوقة.

وحذر الوزير من "مخاطر حقيقية للغاية" بسبب تزايد العنف، متهمًا  جماعات تنتمي لأقصى اليسار، بأنها تريد "إحراق فرنسا"، وإن بعضها جاء من الخارج، وفق تعبيره.

getty

الحكومة تحاول التهدئة

على الصعيد السياسي، دعت الحكومة الفرنسية الأحزاب والقوى السياسية إلى إدانة العنف. وأكد بيان للحكومة الفرنسية أن "فرنسا ستبقى حصنًا ضد ما وصفته بالعنف والمجموعات المتطرفة العنيفة"، وأشار البيان إلى أن "المظاهرات لا ينبغي أن تتحول إلى العنف، وأن الخطاب السياسي يجب أن يبقى منضبطًا".

من جهة أخرى، أبدت الحكومة الفرنسية رغبتها في التهدئة، بعد أسبوع من إقرار تعديل نظام التقاعد من دون تصويت البرلمان عليه. 

وأعلنت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أنها تعتزم إجراء مشاورات بهدف "تهدئة البلد"، وأوضحت أنها حددت هدفين للتهدئة في "مواجهة هذه التوترات وتسريع الاستجابة لتوقعات الفرنسيين"، حيث تبدأ في "سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع اعتبارًا من الإثنين القادم مع الأحزاب السياسية ونواب وممثلين محليين وشركاء اجتماعيين إذا أرادوا ذلك"، وتابع البيان أنه "لا توجد وساطة مع أي طرف في وقت يمكن فيه الحديث بشكل مباشر مع جميع الفرنسيين".

وتقترح بورن استئناف الحوار مع النقابات، لكنها ترفض في نفس الوقت المطالب بتعليق القانون أو سحبه.

getty

إصرار على تراجع الحكومة

من جهته، كرر الأمين العام لنقابة "CFDT" لوران بيرجيه موقف النقابة، بضرورة تعليق قانون تعديل نظام التقاعد، مشيرًا إلى أنه لن يقبل "يد بورن الممدودة" إلا بهذا الشرط.

في الأثناء، حذر زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري جان لوك ميلانشون الرئيس إيمانويل ماكرون من أن الغضب يتصاعد، وقال إن عليه أن يستمع للجماهير. وشدد خلال مشاركته في مظاهرات أمس الثلاثاء على أن "رفع سن التقاعد ليس له شرعية برلمانية، وأن المظاهرات ستتواصل حتى تتراجع الحكومة عن قرارها". 

وأضاف "الوضع الحالي ليس خلافًا عاديًا. نحن نتحدث عن سنتين من الحياة مسروقة من الفرنسيين"، وطالب رئيسة الحكومة بالاستقالة، قائلًا: "السيدة بورن يجب أن تغادر، مع إصلاحها". داعيًا المتظاهرين لإظهار "السلمية في مواجهة استفزازات الحكومة".

getty

تنديد بالعنف

أعربت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا دنيا مياتوفيتش، عن قلقها من "الاستخدام المفرط للقوة" ضد المحتجين.

وقالت المفوضة في بيان لها، إن "أعمال العنف المتفرقة من بعض المتظاهرين أو غيرها من المخالفات التي يرتكبها آخرون أثناء الاحتجاج لا يمكن أن تبرر الاستخدام المفرط للقوة من موظفي الدولة ولا أن تحرم المتظاهرين السلميين من التمتع بالحق في حرية التجمع".

أعربت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا دنيا مياتوفيتش، عن قلقها من "الاستخدام المفرط للقوة" ضد المحتجين

وأضافت من "الواجب على السلطات السماح بهذه الحريات، من خلال حماية المتظاهرين السلميين والصحفيين الذين يغطون هذه التظاهرات من عنف الشرطة، ومن الأفراد العنيفين الذين يتحركون في المسيرات أو على هامشها".