عثرت الشرطة في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي على جثتي طفلين مقطعتين داخل صناديق للقمامة، وتبين لاحقًا أنهما تعودان للطفلين "آلان وهيكتور" ويبلغان من العمر 12 عامًا و14 عامًا وفق ما نقله تقرير للوكالة الألمانية للأنباء. وأوضحت التحقيقات وجود آثار للتعذيب على جسديهما ومن ثم تم تقطيعهما إلى أشلاء من أجل محاولة إخفاء الجريمة عبر رميهما في القمامة. الصبيان تربطهما علاقة صداقة، وهما من السكان المحليين المكسيكيين ويعيشان في الأحياء الشعبية القديمة في المدينة على مقربة من القصر الرئاسي المكسيكي.
أبرز ما يدفع العصابات المكسيكية لاستقطاب الأطفال للعمل هو أنه في حال تم القبض عليهم فإنهم يقضون فترات قصيرة داخل السجن باعتبارهم دون السن القانوني ويتلقون محاكمات تأخذ بعين الاعتبار صغر سنهم
أثارت هذه القضية الحديث عن احتمالات أن تتكرر مثل هذه الحادثة بكثرة، خاصة وأن المكسيك تعاني من أعمال عنف واسعة النطاق، ويتم إقحام الأطفال فيها ضمن شبكات الإتجار بالمخدرات والسلاح وحروب العصابات بحسب ما جاء في تقرير الوكالة الألمانية. ويتحدث التقرير المنشور في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2020 عن أن الأطفال "مفيدون" جدًا لكارتيلات المخدرات المكسيكية حيث يتم استخدامهم في عمليات البيع والشراء وترويج المخدرات، وكذلك في عمليات القتل وكمرافقين للحماية ويجبرون أصحاب المحال على دفع مبالغ مالية لصالح العصابات ويقومون بأعمال التهديد والترويع. وينشط عمل الأطفال ضمن الكارتيلات على الحدود المكسيكية الأمريكية أيضًا، وبحسب التقرير فالجريمة أتت من ضمن الصراعات الثأرية بين الكارتيلات.
اقرأ/ي أيضًا: المكسيك في عهد "أملو".. هل تنجح الحرب "السلمية" ضد المخدرات؟
في هذا الصدد قال الناشط في مجال حقوق الإنسان خوان بيريز في تصريح صحفي "الحرب بحاجة إلى جنود، ولذلك يتم استقطاب الأطفال واستغلالهم ضمن أعمال إجرامية وغير شرعية"، ويشير إلى أن اطفال الكارتيلات يعاملون كعبيد، ويوضح أن معدل البقاء على قيد الحياة للأطفال المنضوين في العصابات لا يتخطى ثلاث سنوات وبعدها يلقون حتفهم. وعن الأسباب التي تدفع الأطفال إلى الانخراط في الجريمة المنظمة، فيرى بيريز أن هذا يتم بواسطة الإجبار والترهيب، أو عبر الترغيب وتقديم الحوافز المادية ومنحهم السلطة والقوة والحماية، أو نتيجة الانبهار بنمط حياة العصابات "الجذاب"، وكذلك استغلال الأوضاع الاقتصادية للأسر الفقيرة.
بحسب تقرير لوكالة رويترز، فالأطفال، ومنهم الفتيات، يستخدمون في أعمال العصابات غير الشرعية وضمن نشاطات الجريمة المنظمة، حيث توفر سوق عمل لهؤلاء الأطفال وللكثير من السكان في المكسيك، وتشي بذلك محاضر المخافر والمحاكمات في حق الأطفال والتي تشكل نسب مرتفعة جدًا. ويضاف إلى ذلك أن الكارتيلات تعتمد على نشر المخدرات في المدراس والجامعات مما يزيد من نسبة تعاطي الطلاب للمخدرات والإقبال على الشراء، مما يزيد من نسبة المبيعات والأرباح. وواحد من خمسة أطفال في المدارس الثانوية يحمل السلاح في المكسيك، وواحد من ثمانية يبيع المخدرات في المدراس الثانوية، وفقًا لرويترز.
من أبرز ما يدفع العصابات لاستقطاب الأطفال للعمل هو أنه في حال تم القبض عليهم فإنهم يقضون فترات قصيرة داخل السجن باعتبارهم دون السن القانوني ويتلقون محاكمات تأخذ بعين الاعتبار صغر سنهم، بحسب ما جاء في تقرير وكالة رويترز. كما يتم تجنيد الأطفال لأنهم أقل إدراكًا للعواقب من البالغين، مما يسمح لقادة الكارتيلات بدفعهم للقيام بأعمال فيها الكثير من المخاطرة. وقد طرحت اليونيسيف عدة تقارير ودراسات عدة حول انخراط الأطفال في الجريمة المنظمة في دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل وتشيلي وكولومبيا والإكوادور والسلفادور وغواتيمالا والمكسيك وفنزويلا، أوضحت النسب المرتفعة لانخراط الأطفال في مثل هذه الأعمال ومستويات الضحايا المرتفة بينهم.
وفي تقرير متلفز بثته شاشة فرانس 24 عرض حال العاصمة المكسيكية والتناحر بين العصابات من أجل السيطرة على ما يمكن اعتباره سوقًا ذات أهمية كبرى يدر ملايين الدولارات من التجارة غير الشرعية، أعربت رئيسة البلدية كلوديا شينباوم عن أسفها لهذه الحادثة، وقالت "إنهم ضحايا الاتجار بالمخدرات، إنهم أطفال". وقدر تقرير لشبكة CNN الأمريكية أن الحجم المالي لسوق الجريمة المنظمة في المكسيك يقارب 39 مليار دولار سنويًا. وبحسب تقرير نشرته الجزيرة باللغة الإنجليزية فسنة 2019 كانت السنة الأكثر دموية في المكسيك مع معدل يقارب مئة حالة قتل يوميًا، فيما وصل العدد الكلي لحالات القتل في العام نفسه 35 ألف حالة، ومنذ عام 2006 حين أعلنت الحكومة إقحام الجيش في الحرب ضد كارتيلات المخدرات، قتل ما يقارب 275 ألف قتيل في عموم البلاد.
اقرأ/ي أيضًا:
رغم تسليم "إل تشابو" والحرب على المخدرات.. المكسيك أرض العصابات الخصبة
بالصور.. أحد مخابئ بابلو إسكوبار يتحوّل إلى فندق فخم في المكسيك