انتقدت قيادات المعارضة الموريتانية قرار الحكومة بيع ثلاث مدارس عمومية جديدة في العاصمة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد بيعها لثلاث مدارس أخرى في تشرين الأول/أكتوبر بالتزامن مع افتتاح العام الدراسي، وهو ما اعتبرته المعارضة فشلًا ذريعًا في خطة الحكومة لتحسين وضعية التعليم بل ونسفًا لتلك الاستراتيجية.

ترى المعارضة الموريتانية أن قرار بيع المدارس العمومية يأتي في إطار الفساد المستشري وتحويل مصادر الدخل إلى مصادر ثراء فاحش لحاشية النظام

وجاء القرار الحكومي من بين أهم نتائج اجتماع مجلس الوزراء الموريتاني الذي يعقد بشكل أسبوعي، بعد الاستماع لبيان تطرق إلى مساحات المدارس وطريقة بيعها قدمه وزير المالية المختار ولد اجاي، وأكد البيان أن المدارس الثلاث الأخيرة، تم سحبها من الخريطة المدرسية، حيث سيتم بيعها بالمزاد العلني.

وقال بيان الحكومة الموريتانية إن "سحب المدارس من الخريطة المدرسية يأتي في إطار الحرص على جعل التلاميذ في وسط ملائم للدراسة والسعي إلى تجنيبهم التعرض إلى المخاطر الناتجة عن القرب من الطرق المزدحمة والأسواق والحشود الغفيرة".

اقرأ/ي أيضًا: المدارس الخاصة تكتسح التعليم بموريتانيا

وكانت الحكومة قد عرضت ثلاث مدارس للبيع في مزاد علني يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتم بيع اثنتين منهما. ووصلت القيمة الإجمالية للصفقة 2.65 مليار أوقية (نحو 8 مليون دولار أمريكي)، وذلك مقابل 11 قطعة أرضية، 5 منها في المدرسة رقم: 2، وهي المعروفة بمدرسة السوق، والتي استخدمت سابقًا كملحق لكلية الآداب بجامعة نواكشوط، و6 منها في المدرسة رقم 1 (مدرسة العدالة)، فيما تنتظر القطع الأرضية الثلاث الموجودة في المدرسة رقم: 6 وجود مزايدين عليها.

ويرى منتقدو القرار الحكومي أن عملية البيع تأتي في إطار الفساد المستشري في البلاد وتحويل جميع مصادر الدخل القومي إلى مصادر ثراء فاحش لحاشية النظام، ويستغرب آخرون الموضوع معتبرين أن "بيع القطع الأرضية قد تزامن مع العام الذي اختارته الحكومة ليكون عامًا للتعليم" ويرون ذلك دليلاً على عدم جديتها في تحسين وضعية التعليم بل العكس بدأت في تقليص عدد المدارس، مما يفاقم أزمة التعليم، ويدفع آباء التلاميذ إلى تسجيل أبنائهم في مدارس أخرى غالبًا ما تكون خاصة.

اقرأ/ي أيضًا: موريتانيا.. مبادرة لدعم مكتبات المعاهد والمدارس

وكانت الحكومة قد بررت العملية بأنها تهدف إلى التحسين من الوجه المعماري للمنطقة التي تتواجد فيها هذه المدارس وتشجع الفاعلين الاقتصاديين من أجل عصرنة وتطوير استثماراتهم، زيادة على الموارد التي ستنتج من عملية البيع لصالح الخزينة العامة للدولة.

ويرى الكاتب محمدو ولد عابدين، في مقال نشره، أنه "لا بأس ببيع المدارس وخاصة إذا كانت لا تتماشى عمرانيًا مع الشكل المدني"، وأضاف: "هذه المدارس ليست وقفًا ولا حبسًا ولا "حائط مبكى"، وإنما هي حجرات تم بناؤها في ظرف خاص كانت البلاد خلاله في طور الإنشاء، وبحاجة ملحة لبنى تحتية مدرسية -على عجل- بهدف تكوين ما تسد به النقص الحاد في الأطر والموظفين، فتم بناء تلك المدارس المغطى أغلبها بالقصدير".

ويؤكد ولد عابدين "أن المدارس مثلها مثل المساكن المتواضعة التي بنتها الدولة بعد الاستقلال للرئيس وكبار المسؤولين، ومثل السوق المركزي والمسلخة والمطار، وغيرها من المرافق التي شيدت في تلك الفترة"، مضيفًا أنه "عندما بنيت هذه المدارس كان سكان العاصمة لا يتجاوزون 30 ألفًا، وأغلبهم متجمعون في مركز المدينة الذي أصبح اليوم مركزًا للأنشطة التجارية والخدمية، وانتقل أغلب سكانه الأصليين إلى الأحياء الشعبية الجديدة".

وهكذا تواصل الجدل حول قرار بيع بعض المدارس العمومية بين حديث عن فساد مستشري والبعض الآخر الذي يتمسك بفائدة القرار على خزينة الدولة، وتبقى الحلقة الأضعف وهي التلاميذ، ربما، المتضرر الأكبر من خلال تغييرها لمدارسها، مع مستهل هذا العام الدراسي، واضطرار بعضهم إلى التوجه للتعليم الخاص.

اقرأ/ي أيضًا:

تلاميذ موريتانيا دون كتب مدرسية

المحاظر الموريتانية في مرمى الإرهاب