وسط اشتعال أزمة الدولار ووصول السعر إلى 13.5 جنيهًا للبيع، خلال تعاملات الاثنين 25 تموز/يوليو الجاري، الذي أثار حالة فزع وترقب لرد فعل البنك المركزي المصري، سادت التوقعات الأسوأ باحتمال استمرار التصاعد في سعر الدولار، ومعه استمرار تصاعد الغلاء وارتفاع الأسعار، مالم تغير الحكومة والبنك المركزي سياستهما الاقتصادية.

الارتفاع الكبير لسعر الدولار في مصر، واكبته توقعات سوداء باستمرار ارتفاعه، وأن الغلاء سيتصاعد معه لمعدلات غير مسبوقة

في وسط مدينة القاهرة، خلت الصرافات من العملاء، وسادت حالة من الركود والترقب في وقت واحد في ظل هذا الارتفاع الكبير، الذي يصاحبه ثبات سعر 8.88 جنيه للبيع وفقًا للسعر الرسمي المقرر من قبل البنك المركزي، حيث رفض تجار العملة بيع كميات كبيرة من الدولار في انتظار "ارتفاع مفاجئ" أكبر، ورفض المتعاملون به الشراء في انتظار "انخفاض مفاجئ" يداوي جراح "جنون العملة" أول أمس.

وتراوح السعر في السوق السوداء، ما بين 12.80 جنيه إلى 13.5 جنيه، مع صعوبة في الحصول على أي مبالغ ضخمة من الدولار.

اقرأ/ي أيضًا: 4 معلومات عن صاحب أشهر موقع للتورنت تم القبض عليه

سقطة "المركزي للمحاسبات"

وأكد أحد أصحاب شركات الصرافة التي قرر "المركزي" إغلاقها في الفترة الأخيرة، متحفظًا في الكشف عن هويته، أن الوضع كارثي بعد تشريد العاملين في الشركات التي تم إغلاقها، والذين لم يتوقفوا عن ممارسة النشاط في الخفاء، في ظل ندرة المعروض من الدولار بالبنوك، ما أدى إلى تفاقم الأزمة واشتعال المضاربات، وهو ما عطَّل معاملات أغلب شركات الأوراق المالية والاستيراد والتصدير، لعجز "المركزي" عن توفير احتياجاتها من الدولارات مما تسبب في توقف استيراد بعض السلع والمواد الخام.

3 أسباب لـ"جنون الدولار"

في محاولة لاكتشاف أسباب "تراجع الجنيه" المفاجئ أمام "جنون الدولار"، أكد الخبير المصرفي، مجدي عبد الفتاح، أن هناك أسبابًا، أولها تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر، حول إمكانية تخفيض الجنيه في أحد الحوارات الصحفية، وثانيًا ندرة موارد الدولة من النقد الأجنبي، والتي يديرها المركزي فقط، والمسؤول عن زيادتها الحكومة، التي تقف عاجزة أمام تحريك عجلة الاقتصاد أو جذب الاستثمار الأجنبي .

وأضاف عبد الفتاح في تصريحات لـ"الترا صوت": "نشر بعض الأخبار الكاذبة حول ارتفاع سعر الدولار، ووصوله إلى 14 جنيه، قد أدى أيضًا إلى حالة من الذعر والهلع".

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تفعل القوات الفرنسية في ليبيا؟

وأوضح أن البعض شن هجومًا عنيفًا ضد محافظ البنك المركزي السابق هشام رامز، عندما اتخذ قرارًا بوضع حد أقصى للسحب والإيداع بالدولار، إلا أنه كان موفقًا في ذلك القرار، واستطاع تحجيم السوق الموازية، والحفاظ على ما لديه من موارد نقد أجنبي.

من جانبه، أشار الخبير المالي محمد الدشناوي، إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة في وقف نزيف الجنيه، وعلاج أزمة العملة الأجنبية، ولا يمكن للبنك المركزي وحده حل الأزمة، لافتًا إلى أن ارتفاع سعر الدولار، وندرته سوف يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار السلع بالأسواق.

وأضاف، أن الحديث عن ضرورة اتجاه البنك المركزي لخفض سعر صرف الجنيه، لن يجدي نفعًا خلال الأزمة الراهنة، إذ تم تخفيض السعر عدة مرات سابقًا، إلا أن الدولة لم تخرج من الأزمة، مشيرًا إلى أن الحل الحقيقي للأزمة يكمن في توفير المزيد من موارد النقد الأجنبي للدولة، وزيادة حجم الصادرات، واستعادة السياحة لوضعها الطبيعي.

فيما كشف إيهاب رشاد، الرئيس التنفيذي لشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، عن أن أداء البورصة خلال الأسبوعين الماضيين، أقل ما يمكن وصفه به أنه سيئ للغاية، مشيرًا إلى أن أسباب تراجع البورصة، جاء بسبب التصريحات الصحفية التي أدلى بها طارق عامر محافظ البنك المركزي، والتي تسببت في ارتفاع سعر الدولار بقيمة جنيه ونصف دون داع.

120 مليون دولار.. استثنائيات "طارق عامر"

ردًا على "ارتفاع الدولار"، أعلن البنك المركزي أنه سوف يبيع 120 مليون دولار في عطاء استثنائي، اليوم الثلاثاء، ولم يكشف في بيانه الهدف من هذا الطرح. ويطرح المركزي 3 عطاءات أسبوعيًا أيام الأحد والثلاثاء والخميس لبيع 40 مليون دولار في كل منها، لكنه اقتصرها في وقت سابق على عطاء واحد أسبوعيًا كل ثلاثاء.

الاستقرار السياسي

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن التراجع الاقتصادي في مصر له صلات وثيقة بالحالة السياسية وضبابية الرؤى الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، والتي تنفر جزءًا كبيرًا من الاستثمار الأجنبي، كما يرون أن سيطرة المؤسسة العسكرية على الكثير من المشروعات الاقتصادية، يساهم في تحجيم قدرة أصحاب الأعمال الخاصة على التوسع والتنافس فيما بينهم، ما يفاقم حالة الركود في السوق. ويربط هؤلاء المراقبون أي خطة جادة لتعافي الاقتصاد المصري، بخطة موازية في تخفيف وطأة القبضة الأمنية في البلاد وفتح المجال العام مرة أخرى، كما تحجيم تواجد المؤسسة العسكرية في المشروعات الكبرى، لفتح الطريق أمام رجال الأعمال والشركات الصغيرة للمنافسة.

اقرأ/ي أيضًا: 

أهم 10 مؤتمرات قمة في تاريخ جامعة الدول العربية

"زيرو كريساج".. حملة مغربية لمحاربة الجريمة