في روايته "السقوط من عدن" (هاشيت أنطوان/ نوفل، 2018)، ينبض أسلوب الكاتب اللبناني قاسم مرواني الغارق في القسوة والمتخيَّل، بلغة سلسة عذبة وعميقة في الوقت ذاته.

رواية "السقوط من عدن" الواقعة في 200 صفحة مشحونة بأحداث وشخصيات تتلاقى في سرد متين صلب ومتماسك، بين البدايات والنهايات، بين الموت والحياة، بين الألم والحب، بين الشهوة والملل.  حيث تدور أحداثها بين أشخاص جمعهم المرض ونسج العلاج منه في المستشفى علاقات انسانية بينهم، ولكل شخصية شخصيات مرواني قصة. حتى الراوي له قصة تظلّل قصصهم.

اللافت أن قاسم مرواني يوظف لغته المكثّفة في وصف دقيق لسلوك الشخصية وأبعادها النفسية وما تمرّ به من عثرات. ويشعر القارئ كأن الحزن متملك من الراوي، الذي هو هنا كالمجهر يراقب الحياة ومكنوناتها من بعيد ويتوقّف عند تفاصيلها، ليعود فيكتبها بأناقة ومهارة.

تأتي رواية قاسم مرواني "السقوط من عدن" بعد مجموعته القصصية البديعة "وجه مارغريت القبيح" التي تركت أصداء إيجابية.


مقطع من الرواية

كان لكلّ شيء بدايته ولكلّ شيء نهايته، وما بين البداية والنهاية، تحدث حياةٌ بأكملها. حياةٌ مليئةٌ بالحبّ وبالكره، بالأصدقاء وبالأعداء، بالشهوة، بآلاف الساعات من الأفكار التافهة، بمئات الساعات من الملل تقضيها متأمّلاً الشارع عبر نافذة غرفتك الصغيرة، بعشرات الساعات من الأكل وفرك الأسنان، ساعات تقضيها في التغوّط، ساعات في ممارسة العادة السرية، تليها ساعات من الندم الشديد والشعور بالخزي.

السقوط من عدن

بين البداية والنهاية آلاف الساعات من التفكير في ما يقبع بعد توقّف القلب عن النبض. ماذا حلّ بكلّ أولئك الذين ماتوا؟ ماذا حلّ بالفكرة التي مرّت في رؤوسهم وقطعها الموت قبل أن تكتمل؟

ما الذي دار في رأس طيف في اللحظات الأخيرة؟ لا أحد يعرف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قاسم مرواني.. نسيج حكائي للعبث

رواية "مانديل بائع الكتب القديمة".. التحوّل العنيف في أوروبّا