في الحادي عشر من شباط/فبراير 2011 اندلعت سلسلة احتجاجات نظّمها ناشطون من أمام بوابة جامعة صنعاء، كبرى الجامعات الحكومية في البلاد، تنادي بإسقاط نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتوجهت إلى السفارة التونسية، ربما استهلامًا، رافقها اعتقال عدد من الناشطين والمتظاهرين.

توسعت دائرة الاحتجاجات في عدد من المحافظات اليمنية، بالتزامن مع تنازلات كبيرة قدّمها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمام البرلمان في جلسة استثنائية عقدها مجلسا الشعب والشورى، قبيل انطلاق تظاهرة كبيرة في صنعاء أطلق عليها "تظاهرة يوم الغضب".

يضخ وقت الثورة، كما الأدرنيالين، شعور الانتماء لهذه الأرض ونشيدها

وقال صالح في الكلمة التي ألقاها "لا للتمديد، لا للتوريث، ولا لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، داعياً المعارضة إلى العودة للحوار والمشاركة في حكومة وحدة وطنية. لكن رقعة الاحتجاجات الشعبية اتسعت وسط تأييد من قبل الأحزاب السياسية المعارضة لنظام صالح، أحزاب اللقاء المشترك.

كان الهدف الرئيسي من التظاهرات إسقاط نظام صالح، ذو الـ33 سنة، وانخرط في التظاهرات عدد من القيادات العسكرية والمدنية وشخصيات سياسية بارزة، يقول عبد الحفيظ الحطامي، أحد المشاركين في ثورة 11 فبراير، "أنا مواطن يمني يعمل في الصحافة منذ 16 عامًا، أردت أن يكون لي مشروع إعلامي مستقل ومهني، فوجدت نظام صالح يقف دون تحقيق حلمي ويريد أن يحولني إلى مشروع خاص به، كشرط منحي إعلان وكالة أنباء الريف اليمني". لذلك "خرجت في 11 فبراير وفي ذهني الضرر الذي يمثّله هذا النظم لليمن واليمنيين جميعًا".

يتذكر الحطامي ذكريات من أيام الثورة، يتمنى أن تكون كابوسًا في المنام، إذ يقول، أتذكر زملاء المهنة الصحفية كيف اخترقت الرصاصات رؤوسهم، الزميل جمال الشرعبي، وكيف قتل الشباب في مسيرات حريتهم، قتلوا وحتى اليوم يحظى قتلتهم بحصانة الساسة، هذا ما يحزنني، أن القتلة يمارسون القتل حتى اللحظة تجاه شعب خرج من أجل الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية".

أما في 18 آذار/مارس، جمعة الكرامة، فقتل أكثر من 52 شخص برصاص قناصة، ورغم أن اليمن من أكثر بلدان العالم تسلحًا، حاول الثوار المحافظة على سلمية ثورتهم قدر المستطاع، ولم يشكل الطلبة والشباب الذين كانوا لبّ الاحتجاجات أي مليشيات مسلحة للتصدي لقوات الأمن المركزي، وانضم قادة في الجيش للثورة، منهم علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع، ثاني قوة عسكرية في البلاد، وخاضت الفرقة الأولى مدرع، اشتباكات متقطعة مع الحرس الجمهوري، الذي كان يقوده العميد أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس المخلوع.

يقول أسعد العماد، ناشط شبابي في ثورة التغيير، "عرفت ألم الحياة والحاكم، والحزب، والقبيلة، خرجت عام 2011 انشد التغيير إلى الأفضل، وكانت المسيرة تمشي في الطريق الصحيح، ولكن في 18 آذار/مارس 2011، بدأت المسيرة تنعطف خارج الطريق الذي رسمناها، وذهبت إلى الفوضى والعنف بعد انضمام مسؤولين عسكريين للثورة، علمًا أنهم كانوا رأس الفساد في نظام صالح".

في حين يروي الطالب الجامعي، شهدي الصوفين "شاركت في ثورة 11 فبراير من أجل إسقاط منظومة الحكم وبناء منظومة ديمقراطية تحررية جديدة". ووصف شهدي أن "الأجواء كانت ثورية خالصة في الأشهر الأولى قبل أن يشتعل الصراع بين الأطراف السياسية المشاركة، لا أزال أتذكر سقوط المتظاهرين قتلى وجرحى، وأمل اليوم بتصحيح الوضع، وبناء يمن ديمقراطي مزدهر يليق بدماء الشهداء".

لكن سمر مطري تشعر أنها تعاني "من الاغتراب في وطني، لم أشعر يومًا بالانتماء لوطن كانت حكومته ونظامه ضد الشعب، قررت في بداية انطلاقة 2011 ان أنضم إلى ركب الثوار الذين خرجوا لرفض الظلم، شاركنا فيها بكل شيء كنا بجانب الرجل بدون أن ينتقدنا أو ينهرنا، وقتها فقط شعرت بالانتماء لهذه الأرض، وقتها فقط أحببتها، ونشدت نشيدها وأصبحت اليمن أرضي المقدسة".

وبحسب إحصائيات نشرتها "المنسقية العليا لشباب الثورة اليمنية 11 فبراير"، فإن عدد شهداء الثورة حتى آذار/ مارس 2012، بلغ ألف قتيل، بينما ذكرت الإحصائيات عينها وجود قرابة 22 ألف جريح، بينهم نساء وأطفال خلال مصادمات مع قوات الأمن واشتباكات مباشرة بين قوات عسكرية موالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وأخرى مناهضة له.