أنا المجداف، 

والمنارة الهاربة 

أصواتهم الضائعة في الموج 

ورسالتهم العائمة في خدر الماء 

أنا الأمس الذي فّر بهم. 

أيقظ الدنيا على آثارهم.. ثم تولّى ! 

أنا اللاجئة النازحة من حرب أوقدها قلبي 

من ظلمة سارت ببطء إليه، وأرهبته 

من رعشة خلّفت في ثباته السقوط.. وجارت 

أنا غريبةُ لم تجد لها مأوى 

أنا حزنٌ 

غضبٌ.. 

ثائرةٌ وثورة 

نحيبٌ تشنجت منه المدائن.. وبكت! 

أنا أنت 

لا.. لا 

أنتَ أنا 

لا 

أنا لستُ أنا! 

مرهقة 

كآخر حبة قمح في صحن الرحى 

تلك التي رأت كل سابقاتها يطحنَّ أمامها 

وبقيَت وحيدة

الموت الأول 

الموت الأخيــر! 

الاكتفاء بالصلاة 

الصلاة للاكتفاء 

تؤلمني الدنيا يا أمي 

تؤلمني 

أكثر مما أتصور 

وكأنني اقتلعت عيني 

وأكلت قلبي 

وأشعلت نار الهشيم في روحي 

وتركتني ملقاة على رصيف لا أعرفه 

ولأنني أعلم بأنهم لم يعودوا هنا منذ زمن 

يرعبني أن يموتوا الآن! 

صمتًا! 

وإن عزّ الصمت 

رتقتُ صوتي 

ورحت أسعى بين ما يقال وما لا يقال 

أتذكر سدىً 

أغنية للذي خذله اسمه 

ولم يسمع النداء 

هكذا 

مثل تراويد الرحيل! 

اقرأ/ي أيضًا:

وحده الموت يحفظ خريطته الجديدة

الميّت وأهله