منذ سنوات، بدأت ظاهرة الزواج العرفي تبحث عن مكان لها في السودان، وسجلت حالات كثيرة في هذا السياق. ومن المثير للانتباه انتشار هذه الظاهرة في الوسط الجامعي، رغم النظرة السيئة التي يحظى بها الزواج العرفي من قبل معظم الشعوب العربية.

انتشر الزواج العرفي في الوسط الجامعي السوداني بشكل غير مسبوق

كثيرون يتعاملون مع هذا الزواج وكأنه أمر طبيعي. تروي س .ع، طالبة جامعية سنها لا يتجاوز 18 عامًا، لـ"ألترا صوت" قصتها: "في لحظة ضعف قررنا أن نتزوج في السر حتى نكمل دراستنا الجامعية، ونتزوج علنًا، كان زميلي في الجامعة طبعًا. في البداية كنت أشعر أنه أفضل إنسان في العالم، طيب وحنون وخفيف الظل، انسقت مثل الكثيرات من صديقاتي ووجدت نفسي أسير في القطيع لا عقل لي".

وتضيف: "تزوجنا بناء على ورقة تباع على الرصيف أمام الجامعة يسمونها (عقد) الزواج العرفي، اكتشفت تدريجيًا أني زوجة شاب تافه لا تهمه إلا متعته فقط، ندمت وكرهته كثيرًا، تطلقنا وتزوج أخرى وتركني، لذا قررت أن أنتقم وأتزوج أخاه زواجًا شرعيًا علمًا وأنه متزوج ولديه أطفال، وقبل هذا الزواج سأجري عملية إعادة العذرية، فقد نصحتني صديقتي بالذهاب إلى إحدى القابلات التي تجري هذا النوع من العمليات بطريقة آمنة".

في هذا الإطار، يعلق المحامي محمد علي لـ"ألترا صوت": "يقوم عقد النكاح من ناحية قانونية على أربعة أركان رئيسية وهي وجود الولي، حضور الشاهدين أي الإشهار، وجود صيغة للعقد أي كتابته وكتابة المهر، لذلك نجد أن صحة العقد متوقفة على توفر هذه الأركان، وانتفاء أي ركن يفقد العقد شرعيته، والزواج السري أو العرفي لا يقوم على هذه الأركان، وقد يفقد أكثر من ركن ولذلك يكون باطلًا".

قصة أخرى أخبرتنا بها طالبة الثانوية العامة ذات 16 عامًا تغريد، والتي فضلت ذكر اسمها الأول فقط، فقد كانت تحب أحد طلاب المرحلة الجامعية، والذي يسكن بجوار بيتها ويتميز بوسامة وشخصية مميزة، الأمر الذي جعل كل فتيات الحي يعجبن به، لكنها ظفرت بقلبه حسب رأيها، وسرعان ما تطورت علاقة الحب بينهما، قررا الزواج العرفي لأنها كانت تشعر بذنب كبير وتعتبر نفسها "زانية". بعد ثلاثة أشهر، أصبحت تغريد تشك في خيانة حبيبها لها، اكتشفت أنه متزوج من فتاة أخرى بنفس الطريقة، وأدى ذلك إلى تأزم وضعها النفسي.

تقول إيمان يوسف، أخصائية اجتماعية، لـ"ألترا صوت": "لا أتصور شخصًا كامل العقل، بالغ الأهلية يقدم على هذا الأمر، هذا النوع من الزواج يتوفر خاصة في الأسر المفككة غير المترابطة، وفي رأيي للأسرة الدور الكبير في هذا الموضوع، فيجب على الأسرة مراعاة الفتاة جيدًا، ومصادقتها دون تكلف من أجل أن تصارح البنت والدتها بكل ما يقابلها، وكل ما يحدث لها في غيابها عن أسرتها، إن كان في المدرسة أو الجامعة أو أي مكان آخر".

يرى الأخصائيون في علم النفس أن من أهم أسباب الزواج العرفي في الجامعات السودانية الفقر والبطالة ومغالاة الأهل في المهر وغياب الرقابة الأسرية 

من جانبها تشير أخصائية علم النفس سهير الأنصاري لـ"ألترا صوت" أن "الفقر والبطالة، ومغالاة الأهل في المهر وغيره، وغياب الرقابة الأسرية، وعدم الاهتمام بالتربية الدينية في مناهج التعليم، هي أبرز أسباب الزواج العرفي في الجامعات، والتي غالبًا ما تكون أطفال الشوارع ثمرتها وضحيتها في الوقت ذاته".

لكن عوضية محمد، طالبة كلية اللغات، ترى أن هناك أسبابًا أخرى لانتشار الزواج العرفي في الجامعات ومنها أن الفتيات يفكرن بمنطق "لمَ لا أجرب فعديد الفتيات قد تزوجن بهذه الطريقة". من جانبه، يرى محمد الطيب، طالب كلية علوم الحاسوب، أن "الكبت الجنسي الذي يعاني منه الطلاب ورفض الأهل زواج فتياتهم بأقل المهور، يساهم في تفشي الزواج السري، ولأننا في مجتمع تأسس على القيم الدينية، يبيح بعض الطلاب لأنفسهم ممارسة الجنس، تحت مسمى الزواج العرفي". أما مرتضى حماد، طالب كلية الدعوة والإعلام، فيرى أن "الزواج السري ظاهرة دخيلة على المجتمع السوداني ومن الدوافع التي تقود الشباب إلى هذا النوع من الزواج الاختلاط بين الجنسين في الجامعات".

اقرأ/ي أيضًا:

طلب الزواج في الجامعة.. جرأة أم وقاحة؟

المساكنة.. تابو آخر يسقط