كان أبواي وأخي يدعونني أيلان، وكنت أبتسم و أضحك وأتعلم أن أخطو. كنتُ فَرَحًا.

غرقي فيك أيها البحر اللطيف قد يجعلهم يفكرون في نزع أشواك الحرب والظلم من اليابسة

إنني الآن أتهادى على هذا الزورق الذي يذكرني رقصه على الماء بأنشوطة حديقتنا. ما بك يا أمي؟ لماذا تحضنينني بكل هذه القوة؟ وما هذه الأنشوطة الغريبة التي ركبناها معًا؟ إنها جميلة جدًا وتجعلني أضحك أكثر. أريد أن أسبح يا أمي.

أيها الماء الجميل، إن طعمك مختلف شيئًا ما، يذكرني بحساء أمي اللذيذ. ولكن أين أمي؟ إنني لا أراها رغم ندائها البرتقالي الذي يصل إلى أذني ويجعلني أبتسم وأشرب بنهمٍ الحساء الأزرق اللذيذ.

اعذرني يا أيلان، لا أريد أن أؤذيك، ولكنني منذ كنت، هكذا أزرق نهارًا و أسود ليلًا، أحب أن أحضن الأطفال الجميلين الذين تلفظهم أختي اليابسة. أعرف أنها ضاقت بما تحمل. لذلك لا أرفض هداياها الجميلة إلا فيما ندر. ثمّ إنني سأكون عطوفًا وحنونًا معك، وسأحملك إلى الملكوت بخفة وسلاسة. 

مرحبًا بك أيها الماء في عروقي، في جوفي، فيّ. فقط لا تكن قاسيًا وأنت تذبح رئتيّ. سأذهب معك كطفل مهذب. قبل ثلاث سنوات كنت أسبح في سائل لذيذ ومالح يشبهك، في رحم أمي. ثم إنني سعيد بما تحملني إليه لأنني وجدت صعوبة كبيرة في تعلم المشي على يابسة مليئة بالأشواك.

يقول هذا الذي يكتب على لساني إنني سأكون عبرة لضمير الناس، وأن غرقي فيك أيها البحر اللطيف قد يجعلهم يفكرون في نزع أشواك الحرب والظلم من اليابسة، حتى يستطيع الأطفال أمثالي أن يمشوا فوقها دون أن تدمى أقدامهم. ويضيف أن صورتي وأنا أقبل زبدك الأبيض قد أبكت الملايين، لكنني، هنا، في هذا الملكوت اللذيذ سعيد جدًا، سعيد لأنني لا أسمع دويّ القنابل التي تزعج أحلامي ليلًا. أستطيع هنا أن أحلم بهدوء. كما أنني لست وحدي، فقد وجدت العديد من الأطفال مثلي الذين ضاقت بهم الأرض فأرسلَتهم محروقين أو جوعى، وهناك من وُضعت على صدورهم رصاصات نحاسية أزالوها بمجرد وصولهم ولا يمانعون في أن نلعب بها جميعًا. 

أريد أن أقول لكم شيئا أخيرًا : الله هنا جميل، لا يربّي ذقنًا كبيرًا ولا يعلق صليبًا أو نجمة سداسية، إنه يحبنا كثيرًا ولا ينزعج عندما نشاغبه.