22-فبراير-2016

صورة أرشيفية: احتجاجات للطلبة المصريين سنة 1991(منى شرف/أ.ف.ب)

كان للحركة الطلابية في التاريخ المصري القديم والحديث دور نضالي مميز، بداية من دورها في مقاومة الاحتلال إلى التصدي للحكام، مدافعين عن حقوق الشعب في الحرية والكرامة، ونتيجة للدور النضالي "الأسطوري" للطلاب المصريين، يحتفل العالم سنويًا في 21 شباط/فبراير بيوم الطالب العالمي، تخليدًا لدور طلاب مصر في مقاومة الاحتلال البريطاني ودفاعه عن استقلال وطنه.

كان للحركة الطلابية في التاريخ المصري دور نضالي مميز في مقاومة الاحتلال والتصدي للحكام الظالمين المستبدين

يذكر فاروق القاضي في كتابه "فرسان الأمل"، الذي يسرد تاريخ الحركة الطلابية المصرية، أن الأنظار عام 1945 كانت تتجه نحو الطلاب باعتبارهم وقود الثورة والمفجر الطبيعي للتمرد، وامتلأت جدران مصر بكتابات: "يا شباب 1945 كن كشباب 1919"، وفي السابع من تشرين الأول/أكتوبر من نفس العام، اتخذ الطلاب المبادرة وقرروا إنشاء "اللجنة التحضيرية للجنة التنفيذية للطلاب"، وكان من أبرز مبادئها النضال من أجل الاستقلال الوطني ومكافحة الاحتلال العسكري والسيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتوحيد كل القوى الوطنية المعادية للاستعمار، واعتبار التفاوض مع المستعمر حول حقوق الوطن خيانة.

واستمرت الحركة الطلابية في تنظيم صفوفها وحشد الجماهير، حتى يوم التاسع من فبراير/شباط 1946، حيث كانت "مذبحة كوبري عباس"، عندما قامت قوات الأمن بفتح الكوبري، كان قابلاً للفتح لمرور السفن أسفله، ليسقط عدد من الطلاب في نهر النيل، وهنا يروي القاضي، الذي كان شاهدًا على تلك الأحداث، أن عددًا من طلبة الهندسة ذهبوا إلى أسفل الكوبري للسيطرة بسرعة على المفاتيح وإعادته إلى وضعه الطبيعي، لتضع قوات "البوليس" فخًا للطلاب، وتهجم من مختلف أطراف الكوبري، ويقع الطلاب في كمين مدبر، ويسقط عشرات الشهداء.

إثر ذلك، تصاعدت قوة وشعبية الحركة الطلابية وتنسيق العمل المشترك مع القيادات العمالية وتم تأسيس "اللجنة الوطنية للطلبة والعمال"، ليختار القصر في ذلك الوقت رئيس حكومة جديد وهو إسماعيل صدقي، والذي أطلقت عليه اللجنة لقب عدو الشعب، ودعت للإضراب في 21 فبراير 1946، أغلقت المصانع أبوابها، وامتد الإضراب من إسكندرية إلى أسوان، وخرج الطلاب رافعين راياتهم مرددين شعاراتهم الوطنية.

وفي عز النضال الوطني ضد عدو الشعب والاحتلال حدثت الخيانة!، يقول القاضي: "في جامعة فؤاد، جامعة القاهرة حاليًا، تجمع الآلاف في الحرم الجامعي، وأقبل على الجمع مصطفى مؤمن، زعيم طلبة الإخوان محمولًا على أكتاف إخوانه وهم يهللون "الله حي مؤمن جاي"، ليخطب ببراعته المعهودة قائلاً "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًا".

كانت محاولة تعيسة من سياسي مفلس يقوم بتشبيه عدو الشعب حينها بالنبي إسماعيل، كانت محاولة واضحة وصريحة لتحقيق مكاسب انتهازية عن طريق توظيف الدين لخدمة المصالح السياسية التنظيمية، ليرد القاضي ساخرًا: "إسماعيل مين يا مصطفى، إسماعيل ياسين؟". هتف الطلاب ضد الاستعمار وأعوانه واختفى طلاب الإخوان بعد فشل محاولتهم تخريب الحشود الطلابية، ولم يقتصر ذكر تلك الحادثة على فاروق القاضي وحده، بل ذكرتها كل عناصر الحركة الطلابية ومعاصريها في ذلك الوقت.

خاضت الحشود الطلابية والشعبية نضالها ضد المحتل ورفعت شعار الجلاء بالدماء، لتقدم التضحيات ويسقط عدد من الشهداء والجرحى أثناء مواجهة قوات الاحتلال ويقدر البعض عدد شهداء ذلك اليوم بـ23 شهيدًا و123 جريحًا، لتكون أحداث 21 شباط/فبراير 1946، التي خلدها التاريخ وصارت "يوم الطالب العالمي" تعظيمًا لنضال طلاب مصر، وبداية هزيمة الاستعمار الإنجليزي، بعد أن قرر الانسحاب أمام الصمود الشعبي وإجلاء جيوشه وأسلحته عن المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية وغيرها، وأن تتمركز قواته في منطقة القناة.

اقرأ/ي أيضًا:

جامعة الإسكندرية المحاصرة

جامعة اللاذقية.. سادية دكتاتور برتبة أستاذ