14-فبراير-2023
زلزال تركيا

كان التعامل مع عدد الإصابات الكبير من أبرز تحديات المستشفيات والمراكز الطبية في الشمال السوري (Getty)

بعد مرور أكثر من أسبوع على كارثة الزلزال المدمر، تعاني مستشفيات، شمال غربي سوريا، من ضغوط كبيرة جراء العدد الكبير من الإصابات، وسط جهود محمومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفي ظل غياب للموارد والمعدات الطبية اللازمة لعلاج الإصابات، خاصةً الخطيرة منها.

بعد مرور أكثر من أسبوع على كارثة الزلزال المدمر، تعاني مستشفيات، شمال غربي سوريا، من ضغوط كبيرة جراء العدد الكبير من الإصابات

وعلى الرغم من أن المستشفيات لا تمتلك القدرة على استيعاب هذا العدد الكبير من المصابين، إلا أنها حاولت التغطية بما يفوق إمكانياتها، في حين تم إرسال بعض الأشخاص الذين تم إخراجهم من تحت الأنقاض، والمصابين بجروح بالغة إلى مستشفيات في المناطق الأخرى غير المتضررة لتلقي العلاج اللازم. 

وتصف تقارير إعلامية، الوضع في الشمال السوري، بالصعب حيث أن الأطباء غارقون تمامًا وسط تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، وليس لديهم الموارد أو المعدات اللازمة لمعالجة خطورة الإصابات التي يعاني منها من تم انتشالهم من تحت الأنقاض. 

Earthquake Hits Turkey And Syria

وتسبب الزلزال القوي الذي بلغت قوته 7,8 درجة على سلم ريختر، فجر الإثنين الماضي، في إلحاق أضرار كبيرة، ومعاناة جديدة في الشمال السوري، والذي تعرض للتدمير بفعل سنوات القصف من قبل النظام السوري.

 ويأوي الشمال الغربي ملايين النازحين السوريين الذين قام النظام بتهجيرهم من منازلهم خلال قمعه للثورة السورية، حيث يعيش في المنطقة حوالي 4,4 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من مليوني نازح. ووفق أرقام الأمم المتحدة، فإن 70% من سكان المنطقة، في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

ويقول الدكتور أحمد غندور، مدير مستشفى الرحمة في مدينة دركوش بمحافظة إدلب، "لقد أمضينا الأيام الخمسة الماضية في العمل لساعات طويلة دون أن نحصل على أي وقت للنوم أو للراحة لإنقاذ الجرحى". 

وأشار إلى أن المستشفى الذي يشرف عليه، امتلأ بأعداد كبيرة من القتلى والجرحى، لدرجة أن الطاقم الطبي قليل العدد اضطر إلى اتخاذ قرارات فرز صعبة، بسبب نقص الموارد الطبية والمعدات.

في حين، كان معظم الطاقم الطبي مضطرًا للتعامل مع حالات كسر في الذراعين والساقين أو الجروح الملتهبة، إلا أن الأيام القادمة ستشهد على الأرجح مواجهةً مع الأمراض التي تنقلها المياه مثل الكوليرا، وزيادة حالات "كوفيد –19"، وحالات انخفاض حرارة الجسم بسبب الأحوال الجوية السيئة.

Earthquake Hits Turkey And Syria

وتحدث غندور، عن أن الأوضاع التي أعقبت الزلزال هي أسوأ أوضاع رآها منذ بداية الحرب، وأن عدد القتلى سيستمر في الارتفاع ما لم تسرع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في إيصال المساعدات، موضحًا أن فشل المجتمع الدولي في مساعدتهم خلال عمليات الإجلاء والمساعدات زاد من حجم المأساة التي يعيشونها.

واعترف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بالوضع المزري، ووعد في  وقت سابق من هذا الأسبوع بأن "المزيد من المساعدة في الطريق، ولكن هناك حاجة إلى المزيد والمزيد".

من جهته، قال الدكتور شاكر الحميدو، مدير مستشفى باب الهوى، إن المستشفيات مثل التي يشرف عليها، في حاجة ماسة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية، رغم استقبالها بعض المساعدات أخيرًا.

وأضاف "فريق إدارتنا تواصل مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية، وقدم طلبًا عاجلًا للحصول على إمدادات طبية إضافية، وأخيرًا استقبلنا بعضها وبدأنا في علاج بعض الجرحى"، وتابع أنه في الأسابيع المقبلة، ومع تحول جهود الإنقاذ إلى المهمة القاتمة المتمثلة في انتشال الجثث، سيحتاج عدد لا يحصى من الناجين إلى أدوية لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، والأدوية التي تعاني من نقص في العرض.

وقال هيثم دياب، رئيس قسم التمريض في مستشفى الشفاء بمحافظة إدلب، إن "الإحباط يتنامى بين أولئك الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في درجات حرارة شديدة البرودة، مع تضاؤل ​​المواد الغذائية والإمدادات الطبية". 

وأضاف دياب "عندما كانت المنطقة تُقصف من قبل نظام الأسد وحلفائه، كان المستشفى يستقبل كحد أقصى 15 إصابة، مع تخصيص عدد لا بأس به من الأطباء والممرضات لكل مصاب لتزويده بالعلاج اللازم، لكن العدد الهائل من الإصابات التي كان علينا التعامل معها منذ وقوع الزلزال، وضع ضغوطًا كبيرة على طاقمنا الطبي".

وتشير "Middle East Eye"، إلى أن عجز المستشفيات في شمال غرب سوريا، عن تنفيذ أبسط الإجراءات الطبية، يعود إلى الهجمات المتكررة من قبل النظام وحلفائه، والذي استهدف المستشفيات والمراكز الطبية بشكلٍ ممنهج ومستمر منذ العام 2011.

Earthquake Hits Turkey And Syria

وعلى الرغم من إعلان نظام الأسد أنه وافق على إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، بعد أن قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها أصدرت تصريحًا يسمح بتوفير المساعدات الإغاثية التي كانت محظورة بسبب العقوبات.

لكن خبراء، قالوا من المستبعد أن يوزع النظام أية مساعدات يتلقاها توزيعًا عادلًا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لأن قواته استهدفت مرارًا المدارس والمستشفيات والمخابز في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

ويعيش الشمال السوري مأساةً إنسانيةً حقيقيةً، وفق توصيف الأمم المتحدة، فقد تعرضت المنطقة لعدة كوارث منذ بداية عام 2020 بدأت بتفشي فيروس كورونا، وبعده وباء الكوليرا، وآخرها الزلزال، ما أدى إلى إعلان الكوادر الطبية عجزهم عن استقبال مزيد من المرضى.

وفي تقرير نشرته الجمعة، حذّرت لجنة الإنقاذ الدولية من انهيار المنظومة الصحية في شمال غرب سوريا، وقالت في بيان إن المنشآت الطبية "تفتقد إلى إمدادات طبية ملحة، على غرار الأمصال ومسكنات الألم والضمادات الطبية وأكياس الدم، مع احتياجات أخرى عاجلة بينها الوقود للمولدات وأكياس الدفن".

الأيام القادمة ستشهد على الأرجح مواجهةً مع الأمراض التي تنقلها المياه مثل الكوليرا، وزيادة حالات "كوفيد –19"، وحالات انخفاض حرارة الجسم بسبب الأحوال الجوية السيئة

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن قرابة 50% من المرافق الصحية في سوريا خارج الخدمة، بينما تعاني تلك التي تعمل من نقص في المعدات والطواقم الطبية والأدوية.