06-ديسمبر-2022
كتاب أوراق سعدون حمّادي

كتاب أوراق سعدون حمّادي

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ضمن "سلسلة مذكرات وشهادات"، الجزء الأول من كتاب سعدون حمّادي أوراق سعدون حمّادي، الذي يحمل عنوان مذكرات وتأملات. ويتألف هذا الكتاب من 440 صفحة، ويشتمل على ببليوغرافيا وفهرس عام.

يضم الكتاب مذكرات ويوميات ووثائق وأوراق السياسي العراقي الراحل سعدون حمّادي (1930-2007)، أحد أبرز قادة ومسؤولي الدولة العراقية خلال الفترة 1968-2003. ويقتصر الجزء الأول منه على يومياته ومذكراته التي خلفها لعائلته بخط يده.

يضم كتاب "أوراق سعدون حمّادي" وثائق وأوراق السياسي العراقي الراحل، وأحد أبرز قادة ومسؤولي الدولة العراقية خلال الفترة 1968-2003. ويقتصر الجزء الأول منه على يومياته ومذكراته

على الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت ظهورَ مذكرات وأعمال لأشخاص قياديين في حزب البعث العربي الاشتراكي، بدرجات مختلفة، فإن ما يرد في هذه المذكرات عن حياة الحزب له أهميته الخاصة، لأن حمّادي رافق الحزب وقياداته الأولى، منذ التأسيس، ليس في العراق فحسب، بل كذلك في سورية ولبنان والأردن، وظل مرافقًا له عبر عقود مختلفة. والحديث، هنا، ليس عن قيادي حزبي فحسب، بل عن مثقفٍ بارزٍ أيضًا. ومن هنا، نجده يركز، في هذه المذكرات، على الأدوار السياسية، وكذلك الأدوار الثقافية التي يعطيها مساحة لافتة.

يمكن القول إن هذه المذكرات هي "مذكرات دولة"؛ فهي ليست مجرد وثائق شخصية، بل هي وثائق الدولة العراقية نفسها، ولا سيما أن حمّادي تولى مسؤولية إدارة اثنين من أهم ملفات الدولة: الطاقة، والعلاقات الخارجية. وانطلاقًا من هذه النقطة، نحسب أن هذه المذكرات وما تحفل به من وثائق، سوف تصدر لاحقًا في أجزاء أخرى، تضاهي أي خزانة تجمع وثائق للدولة العراقية، في أي مكتبة أو مؤسسة في العالم.

السيرة الشخصية والسياسية

يتألف الكتاب الصادر راهنًا من ثلاثة فصول، يحمل الأول عنوان "السيرة الشخصية والسياسية"، ويتحدث فيه المؤلف عن نشأته في مدينة كربلاء، ودراسته الأولية، ثم انتمائه إلى حزب البعث في أثناء دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت في عام 1949، ونشاطه السياسي والثقافي هناك، وما رافقه من نمو للمشاعر القومية، قبل عودته إلى العراق ليمارس دور الناشط الحزبي، ويساهم في بناء التكوينات الأولى للحزب.

ثم يتحدث المؤلف عن سفره إلى الولايات المتحدة للدراسة، أواسط الخمسينيات؛ إذ حصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة ويسكونسن – ماديسون، ونشاطه السياسي هناك، ثمّ عودته إلى العراق، وانخراطه في مهمات حزبية ورسمية، بعد ثورة 1958، حيث أصبح أول رئيس تحرير لجريدة الجمهورية، الناطقة بلسان الثورة، ثم وزيرًا للإصلاح الزراعي في عام 1963، فوزيرًا للنفط في عام 1970، ثم للخارجية في عام 1974، فرئيسًا للوزراء في عام 1991. ولا يفوت المؤلف الحديث عمّا كان يعتمل داخل الحزب آنئذ، وداخل الأوساط والتيارات القومية العربية، في علاقاتها فيما بينها، أو مع ما كان يروج في المشهد السياسي العربي آنئذ. كما يزوّد القارئ بخلاصات عن تجربته الاقتصادية والسياسية، وما خرج به من أفكار عن التأميم، والإصلاح الزراعي، والوحدة الاندماجية والاتحاد الفيدرالي، والعلاقة بالغرب، وما إلى ذلك.

السيرة الثقافية

يحمل الفصل الثاني من الكتاب عنوان "السيرة الثقافية"، وفيه يسرد المؤلف نشاطه وإنتاجه الفكريين، وإسهامه في بناء الأيديولوجيا القومية العربية وتجديدها، بدءًا من انخراطه في جمعية "العروة الوثقى"، أواخر الأربعينيات، مرورًا بتجربته مع دار الطليعة ومجلة دراسات عربية، ثم تأسيسه "مركز دراسات الوحدة العربية" في بيروت، أواسط السبعينيات، وصولًا إلى نشاطه في المجمع العلمي العراقي. ويمر المؤلف، هنا، على ما قدّم من كتب، ودراسات، ومقالات فكرية، بعضها كان نتاج التأمّل في تجربة العمل القومي، وبعضها وليد خبرة التنظيم والعمل السياسي والحكومي.

على الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت ظهورَ مذكرات وأعمال لقياديين في حزب البعث العربي الاشتراكي، بدرجات مختلفة، فإن ما يرد في مذكرات سعدون حمادي عن حياة الحزب له أهميته الخاصة، لأنه رافق الحزب وقياداته الأولى

مدونات ما بعد الاحتلال

يحمل الفصل الثالث من الكتاب عنوان "مدونات ما بعد الاحتلال"، ويضمّ النصوص والتأمّلات الفكرية التي كتبها المؤلف بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ويسرد، في هذا الفصل، تجربته في معتقل الاحتلال الأميركي، ثم خروجه، ومغادرته العراق، ليستقر في العاصمة القطرية الدوحة. ويقدّم هذا الفصل نوعًا من المراجعة الشاملة لتجربة العمل الحزبي والنشاط في بناء الدولة، بما يتضمن الحديث عن مسألة الديمقراطية، التي كان المؤلف من أبرز الدعاة إليها في السياق العراقي، والمسألة الأمنية، والوطنية والطائفية. ولا يفوت المؤلف أن يزود القارئ ببعض الانطباعات الأولى عن تجربة الحكم في العراق ما بعد الغزو الأميركي؛ إذ تفشّت الطائفية في المجتمع العراقي.