تُعد الحروب، وأبرزها الحروب الاستخباراتية، من القصص المؤثرة في التاريخ. وتُعتبر الهند وباكستان في هذا السياق أرضًا خصبة لهذا النوع من الحروب بالإضافة إلى المناورات العسكرية. وهذا ما نلاحظه في فيلم "IB 71" (2023)، تأليف وإخراج سانكالب ريدي، الذي يقدّم لنا تفاصيل جديدة عن تقدّم باكستان على الهند وموقف الأخيرة من هذا التقدّم الذي تجلى في عملية استخباراتية هي محور الفيلم.
يُجنِّد جهاز المخابرات الهندية "ديف جاموال" (فيديوت جاموال) لاختراق مفاصل الدولة الباكستانية. قام ديف في بداية عمله باختراق السلك العسكري الباكستاني بصفته ضابطًا في الجيش، لإنقاذ عميل هندي مُعتقل في أحد المعسكرات الباكستانية.
يستند الفيلم إلى قصة حقيقية دارت أحداثها خلال الحرب الهندية – الباكستانية أواخر عام 1971
في هذا الوقت، كان الحفاظ على باكستان الشرقية "بنغلاديش" هدفًا ذو أولوية لدى باكستان، لكن الهند لعبت دورًا مهمًا بتغيير خططها الاستراتيجية. وبمساعدة جهاز المخابرات، نجد أن الهند قد سيطرت ببداية الأمر على بعض مفاصل الدولة الباكستانية، وجمعت الكثير من المعلومات المصيرية لتحديد التقويم الاستراتيجي للمنطقة.
وبسبب هذا الاختراق، فشلت خطة الباكستانيين لضرب الأعماق الهندية عبر الجو، إذ كُشف أمرهم سريعًا على يد عملاء جهاز المخابرات الهندي في الدولة، ما أدى إلى إضعاف الموقف الباكستاني أمام باكستان الشرقية والهند. وفي المقابل، تواجه الحكومة الهندية أزمة تتمثل في مطالب الكشميريين بالانفصال وعملياتهم ضدها، ومنها اختطاف طائرة مدنية والتوجه بها إلى باكستان.
يبدأ هنا دور "ديف جموال" الذي علم بنية "الجبهة الوطنية" في كشمير اختطاف الطائرة والهبوط بها في باكستان بهدف الضغط على الحكومة الهندية، واستفاد من الأمر في إنقاذ بلاده من الهجوم الذي كانت تنوي باكستان شنّه ضدها جوًّا، حيث طرح على صناع القرار في باكستان إغلاق المجال الجوي بين البلدين، ثم قام بمراقبة العناصر التي ستُنفذ عملية الاختطاف بمساعدة العميل "سانجرام"، أهم مساعدي ديف، الذي استطاع الوصول إلى قادة عملية الاختطاف واكتشف خطتهم، لكن ديف سمح لهم باختطاف الطائرة بعد أن وضع فيها عملاء للاستخبارات الهندية.
يستند فيلم "IB 71" إلى قصة حقيقية دارت أحداثها خلال الحرب الهندية – الباكستانية في عام 1971، ويتناول حادثة اختطاف الطائرة وما رافقها من أحداث ظلت مخفية لمدة 50 عامًا، بوصفها إحدى أهم أسباب انتصار الهند في الحرب. كما يُعطي انطباعًا جيدًا عن مكتب المخابرات الهندي "IB" الذي تُعتبر قصة الفيلم من القصص الملهمة بالنسبة إلى العاملين فيه.
يأخذنا الفيلم في جولة داخل أروقة المؤسسات السياسية والعسكرية في كلا البلدين، ويركّز على الأخطاء التي وقعت فيها باكستان وتسببت بخسارتها للحرب، خاصةً إغلاق المجال الجوي وقدرة الجانب الهندي على اختراق مؤسساتها العسكرية والأمنية منذ وقت طويل، الأمر الذي ساعد الهنود لا على هزيمة باكستان فقط، بل على ضمان انفصال باكستان الشرقية بعد نهاية الحرب لتُصبح دولة مستقلة، وهي بنغلاديش.
وبعيدًا عن حكايته، يقدّم الفيلم تجربة تصويرية رائعة وواقعية تجمع بين المؤثرات القديمة والحديثة، ولا ننسى أيضًا المؤثرات الصوتية التي كانت مثالية، لناحية دقة الاختيارات وجذب الانتباه، بما يكفي لتطغى على بقية المؤثرات. وما يجعل الفيلم مميزًا إلى جانب ما سبق هو دور المؤلف في صياغة قصته من جهة، وطريقة فيديوت جاموال في تجسيد دور ديف جموال من جهة أخرى، حيث أحدث نقلة نوعية في عالم الإثارة الجاسوسية في السينما الهندية.
عُرض الفيلم لأول مرة في الثاني عشر من أيار/ مايو الفائت، وهو من تأليف وإخراج سانكالب ريدي، وبطولة فيديوت جاموال ونيهاريكا ريزادا وفيشال جيثوا وداني سورا وأنوبام خير. وقد حقق الفيلم تقييمًا بلغ 7.3 على موقع "IMDB".