منذ اللحظة الأولى، تشعر أنك في فيلم كتب قصته إبراهيم عيسى، فيلم مليء بالأفخاخ لصاحبه "مولانا" (إخراج مجدي أحمد علي) الشيخ حاتم الشناوي، الذي أوقعه الزمان والمكان في فخ الشهرة ورجال السلطة، فنصبوا له الأفخاخ الواحد تلو الآخر.
يشرّح فيلم "مولانا" وقوع رجل الدين في فخاخ الشهرة ورجال السلطة
جادت الحياة على حاتم الشناوي، بعد سبع سنوات من الزواج، بابن، فراح يطمئن عليه بنفسه ليلًا ليتأكد أنه على قيد الحياة. لكن الابن يقع دون أن يشعر الوالدان في حمام السباحة، ويحتاج إلى تأهيل نفسي وعصبي في أحد المصحات خارج البلاد. في الخلفية صوت أم كلثوم وهي تقول: "حطيت القلب على ايدي.. وأنا بودّع وحيدي".
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "شيطان النيون".. عن تماهي الجمال بالموت
صديق له ممثل ممن يعملون مع السلطة، يقوده إلى لعب مباراة مسائية في نادي ملياديرات الدولة، وعلى رأسهم الرئيس وأبناؤه، ثم يفاجأ بطلب أحد أبناء الرئيس، ممن أسماهم "الحاكم الفعلي للبلاد"، بطلب حضوره شخصيًا إلى منزله.
تشرح زوجة ابن الرئيس مشكلتها لسيدنا الشيخ، موقنةً أن الحل في يده في موضوع أخيها الذي تنصّر. يشعر الشيخ أن بلكونة قد وقعت على رأسه كما يقول. يتواصل مع الشاب المتمرد، بروح شيخ لا يرى فيه سوى شاب مدلل متمرد على قوة أسرته وسطوتها. ويبحر معه في أفكاره، التي هي أفكار إبراهيم عيسى نفسه، عن أن المعنى القرآني للإسلام قد يشمل الديانات كلها، وأن الدين عند الله هو الإسلام في الدنيا، ولكن الله يرحم الجميع في الآخرة. تخرج الجمل في من فم الداعية ببساطة دون وعظ. وحين يسأله الشاب لماذا لا تقول ذلك؟ يقول بسرعة: "أكون حمارًا لو فعلت ولأنفض الناس عني وضاعت شهرتي".
عقدة الصراع في الفيلم واحدة لا تتغير، الصراع بين ما يبطنه الرجل وما يُظهره، الصراع بين ما يجب فعله وما يفعله، الدعاية والهداية كما جاء على لسان البطل.
بدا عمرو سعد في دور "مولانا" إنسانيًا، شيقًا، براقًا، حقيقيًا، إلى الدرجة التي أخرج فيها عضوه وتبول على غرفة التحقيقات حين احتجزوه لساعات دون أن يدخلوه الحمام. كانت له ألفاظه أيضًا. وكان يعرف أصل الدنيا الفانية لذا لم يقع في أي من محظوراتها، حى قررت السلطة أن تمسك عليه دليلًا تشوهه به أمام الناس، فسلطوا عليه فتاة لعوبًا، هاجمته دون مبرر في مكتبه، وقبلته وتم تصويرهما، وهي الطريقة المتبعة عند الأجهزة الأمنية حين تريد أن ينصاع لها عنيد.
"مولانا"، فيلم دسم في محتواه الفكري لكنه ضعيف على الصعيد الفني
الفيلم دسم في محتواه الفكري لكنه ضعيف فنيًا، كانت النقلات بين المشاهد مزعجة، وتدل على ضعف في الإخراج الفني، دور درة كان عاديًا، وحتى دور ريهام حجاج أيضًا جاء عاديًا، الوحيد الذي كان تقريبًا بحجم قوة عمرو سعد كان بيومي فؤاد الذي كان يلعب دور مذيع الدولة "مذيع برتبة أمين شرطة"، كما يسميه المصريون. كان ثقيل الظل، قليل الابتسام، قوي الحجة، باهت الوجه، ويمكنك بسرعة أن تجد معادله الواقعي في الإعلام المصري.
اقرأ/ي أيضًا: كوروساوا... شكسبير السينما اليابانية (1- 5)
مفارقات النهاية كان بعضها لا منطقيًا، مثلًا أن يتحول الشاب المتحول إلى المسيحية، قريب عائلة الرئيس، إلى متطرف موتور ويفجر كنيسة، وأن يعلم الجميع أنه هو من فجرها، كما لو أن المصريين استطاعوا الوصول إلى شخص فجر كنيسة في تاريخ تفجيرات الكنائس المصرية.
أيضًا، مشهد النهاية وهو يخطب في كنيسة، كان "كليشيه"، يذكرك بمشهد فيلم "ضد الحكومة" الذي أخرجه عاطف الطيب ومثله أحمد زكي عام 1992 عن المحامي الفاسد الذي تصيبه صحوة الضمير، بعد أن يجد أن الفساد قد طال ابنه شخصيًا. مشهد الخطبة النهائي أضعف الفيلم كثيرًا، وكان يمكن أن تكون للنهاية رؤية أعمق.
ما يمكن أن يقال هو أن دور عمرو سعد في هذا الفيلم هو نقلة حقيقية في تاريخه كممثل، يمتلك قدرات تمثيلية مهمة، أخرج هذا الفيلم الكثير منها ولم يستطع أحد أن ينتزع منه الأضواء، وسيظل سعد أسيرًا لهذا الفيلم طويلًا، إذا لم يستطع أن يقوم بشيء على نفس مستوى الجودة.
اقرأ/ي أيضًا: