25-أغسطس-2023
gettyimages

اتهمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة السلطات التونسية إعلان الحرب على حرية التعبير (Getty)

اتهمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة، أمس الخميس، السلطات التونسية بـ"إعلان الحرب على حرية التعبير، في محاولة بائسة لإخراس أصوات المدونيين الناقدين لأدائها، والمعبرين عن تنامي التذمر الشعبي في وجه الأزمة المالية والاجتماعية المحتدمة"، وذلك ضمن خطوة جديدة من خطوات قيس سعيّد المستمرة منذ انقلابه في تموز/ يوليو 2021. 

جاء ذلك في بيان للجبهة، تعقيبًا على البلاغ المشترك لوزارات العدل، والداخلية، وتكنولوجيا الاتصال، أعلنت فيه عزمها "تعقب وتتبع مقترفي الجرائم السيبرانية على منصات التواصل الاجتماعي"، وفق قولها.

القرار الوزاري، والذي تم بإشراف قيس سعيّد، يأتي ضمن المسار المستمر لتصفية المعارضة السياسية منذ انقلاب تموز/ يوليو 2021

وأصدرت ثلاث وزارات تونسية، بلاغًا مشتركًا، عقب اجتماع أشرف عليه قيس سعيّد في قصر قرطاج، وشارك فيه وزراء وقيادات أمنية، أعلنت فيه أنها "ستلاحق بصفة مشتركة كل الجرائم الإلكترونية وتحاكم مرتكبيها"، مضيفةً أنها "ستتصدّى لصفحات التواصل الاجتماعي التي تسعى للمسّ بمصالح الدولة التونسية ومواطنيها عبر نشر الإشاعة والأخبار الكاذبة"، وفقها.

وأشار البيان المشترك، إلى أن "الوزارات أثارت جملة من القضايا للكشف وملاحقة أصحاب الصفحات والحسابات والمجموعات الإلكترونية التي تعمد إلى استغلال هذه المنصات لإنتاج وترويج أو نشر وإرسال أو إعداد أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة أو نسبة أمور غير حقيقية، بهدف التشهير وتشويه السمعة، أو الاعتداء على حقوق الغير، أو الإضرار بالأمن العام والسلم الاجتماعي والمساس بمصالح الدولة التونسية والسعي لتشويه رموزها"، على حدّ قولها.

بودكاست مسموعة

وحذرت الوزارات الثلاثة "كلّ من يساهم أو يشارك في نشر محتوى موقع أو صفحة محلّ تتبع عدلي أو جزائي بأيّ طريقة كانت بداخل أو خارج التراب التونسي"، معلنةً أنّها "ستنشر قوائم تحدّث بشكل دوري بأسماء الصفحات والمواقع المشبوهة"، وفق البيان.

تنديد ورفض للقرار

واعتبر ناشطون ومنظمات حقوقية ومهنية، الإعلان بمثابة خطوة جديدة في "مسلسل تكميم الأفواه"، وانتقد رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية بواشنطن والقيادي السابق بحركة النهضة رضوان المصمودي القرار، قائلًا: "نفس التهمة من عهد بورقيبة وبن علي، نشر أخبار زائفة يتمّ الآن استعمالها لمحاولة إسكات التونسيين في مواقع التواصل الاجتماعي".

أما عضوة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نورس الدوزي، فعلقت على القرار ساخرة، بالقول: "نسيتم إن تقوموا بتتبعات على الأوكسجين الذي نستنشقه".

getty

أما المدون والناشط الحقوقي عزيز عمامي، فتساءل،  قائلًا: "هل أن الصفحات التي تتهجم على معارضي قيس سعيّد والمسار الذي تشهده البلاد منذ سنتين والصفحات التي تنشر إشاعات ذات طابع بروباغاندا مدافع عن الحكومة والصفحات التي تنشر إشاعات ودعوات عنف وهي مختبئة وراء مساندة السلطة، معنيّة بالبلاغ الأخير المشترك أم لا؟ هل يوجد تعهّد/ضمانة بأنّ النيابة العمومية لن تفرّق حسب الرأي السياسي أم لا؟"، وأضاف: "إذا كانت هناك ضمانة أو دليل عملي لدى التطبيق، ربما نعتبره أمرًا قانونيًا وسويًا. عدا ذلك، فإنه مجرد سلاح تصفية سياسية".

المرسوم عدد 54

ويأتي البلاغ الجديد بعد نحو عام من إصدار قيس سعيّد للمرسوم عدد  54،  في 13 أيلول/سبتمبر 2022، المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصالات.

زكي وزكية الصناعي

وينص المرسوم عدد 54 على عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار تونسي (16 ألف دولار) بحق أي شخص "يستخدم عمدًا شبكات الاتصال وأنظمة المعلومات لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال معلومات كاذبة أو إشاعات".

ويستهدف المرسوم كذلك "الأشخاص الذين يُقدِمون على تلك الأفعال بهدف الاعتداء على الآخرين أو الإضرار بالأمن العام"، وبحسب المرسوم  تصبح العقوبة "مضاعفة في حال كان المُستهدَف موظفًا عامًا". 

اعتبر ناشطون ومنظمات حقوقية ومهنية، الإعلان بمثابة خطوة جديدة في "مسلسل تكميم الأفواه"

واعتبرت المنظمات الحقوقية والمهنية، ومنها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، المرسوم عدد 54 "سيفًا مسلطًا على رقاب كل الناشطين الإلكترونيين، وتضييقًا على حرية الرأي والتعبير".

وجاء في تقرير صادر عن اللجنة الدولية للحقوقيين (ICJ)، أن هذا المرسوم "يسمح للسلطات التونسية بفرض قيود غير مشروعة وتعسفية على الممارسة المشروعة للحق في حرية التعبير، تحت مسمى مكافحة الجريمة السيبرانية و الأخبار الزائفة".