17-أكتوبر-2023
خطاب الرئيس الأمريكي بعد عملية طوفان الأقصى (الواشنطن بوست)

خطاب الرئيس الأمريكي بعد عملية طوفان الأقصى (الواشنطن بوست)

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يسير على خط رفيع في سعيه إلى تحقيق توازن بين الدعم الكامل لإسرائيل والاهتمام بالظروف الإنسانية في غزة، كما تقول صحيفة "الواشنطن بوست".

فقد قدم خمسة أعضاء في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي، أمس الإثنين، إجراءً يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وفي خطاب للرئيس بايدن، يوم السبت، قاطعه أحد الحاضرين ليصرخ: "دع غزة تعيش! وقف إطلاق النار الآن!". وعندما عقد نائب مستشار الأمن القومي جون فينر إحاطة للمشرعين اليهود مؤخرًا، نقل البعض مخاوفهم بشأن الظروف الإنسانية المتدهورة في غزة.

دعوات متزايدة لوقف إطلاق النار

تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن عددًا متزايدًا من الديمقراطيين يدفعون البيت الأبيض إلى اتخاذ إجراءات أقوى لكبح رد "إسرائيل" على هجوم حركة حماس الأخير، في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، ومن المتوقع أن تشن "إسرائيل"، التي تحاصر قطاع غزة هجومًا بريًا وشيكًا تسعى من خلاله "لإنهاء وجود حركة حماس في قطاع غزة".

يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يسير على خط رفيع في سعيه إلى تحقيق توازن بين الدعم الكامل لإسرائيل والاهتمام بالظروف الإنسانية في قطاع غزة

في أعقاب عملية طوفان الأقصى الذي وقع في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ظلت الغالبية العظمى في الحزب الديمقراطي ثابتة وراء "إسرائيل"، لكن عددًا صغيرًا ومتزايدًا من الديمقراطيين بدأوا في حث إدارة بايدن على بذل المزيد من الجهد لتشجيع "إسرائيل" على الحد من هجماتها التي تستهدف المدنيين، في ظل ظروف صعبة يعاني منها الفلسطينيون، خاصة بعد قطع كل الاحتياجات الأساسية والمساعدات الإنسانية.

تنامي التيار المعارض للسياسة الإسرائيلية

يمكن لهذا الموقف داخل الحزب الديمقراطي أن يخلق ديناميكية متغيرة، تثير تعقيدات سياسية ودبلوماسية للرئيس الأمريكي، وسط إعلانه في وقت متأخر من يوم الاثنين بأنه سيزور "إسرائيل". بحسب ما تقول "الواشنطن بوست".

وتهدف جهود بايدن في الأيام الأخيرة، إلى تحقيق توازن دقيق بين حق "إسرائيل" في الرد على حدث مدمر، والحاجة إلى التمييز بين حماس والفلسطينيين العاديين". فقد عينت الإدارة الأمريكية ووزارة الخارجية، يوم الأحد، مبعوثًا خاصًا للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، حيث سيركز في جهوده على ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتمكين المدنيين الفلسطينيين من الخروج من المناطق التي تستهدفها "إسرائيل".

يتزايد نفوذ التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي

وهذه ليست هي المرة الأولى التي يسبب فيها موقف بايدن الداعم بلا هوادة لإسرائيل إلى وقوع خلاف مع الجناح الأكثر ليبرالية في حزبه، الذي أصبح على استعداد متزايد لتحدي "إسرائيل"، خاصة مع صعود حكومة أكثر يمينية. فقد أثار بعض الديمقراطيين مخاوف أو معارضة صريحة للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، وأعلنوا رفضهم للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، بالإضافة للحصار العقابي لقطاع غزة المستمر منذ سنوات.

ويوم الإثنين، قدم خمسة من النواب الديمقراطيين في مجلس النواب، وهم: رشيدة طليب، وكوري بوش، وأندريه كارسون، وسمر إل. لي، وديليا سي. راميريز، مشروع قرار يحث الإدارة الأمريكية على "الدعوة إلى وقف فوري للتصعيد، ووقف إطلاق النار في إسرائيل وفلسطين المحتلة، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح".

وسرعان ما وقع ثمانية نواب ديمقراطيين تقدميين آخرين على القرار، بما في ذلك النائبتين ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، وإلهان عمر. كما أعادت عمر خلال عطلة نهاية الأسبوع تغريدة رسم كاريكاتوري نشره وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، على حسابه في منصة "إكس"، يصور بايدن وهو يقول لنتنياهو: "لقد تحداني أحد المدافعين عن جيش إسرائيل أن أقدم قائمة بجرائم الحرب الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وأن أذكر "الفصل والآية".

جهود وإشارات

وكان 55 نائبًا ديمقراطيًا في مجلس النواب قد وقعوا رسالة أدانوا فيها عملية طوفان الأقصى، لكنهم طالبوا الإدارة الأمريكية بـ"اتخاذ جميع التدابير الواجبة للحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين الأبرياء في غزة".

وحددت الرسالة التي وجهها الأعضاء التقدميون في مجلس النواب، بزعامة النائبة براميلا غيابال، للرئيس بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، خمسة مطالب، بينها دفع "إسرائيل" للالتزام بالقانون الدولي، وقيام الولايات المتحدة بالمساعدة في بإنشاء ممر إنساني.

وقال النائب جان شاكوفسكي، وهو أحد الديمقراطيين الأربعة الذين أخذوا زمام المبادرة في صياغة الرسالة التي وقعها 55 مشرعًا، إن بايدن يحتاج إلى أن ينقل إلى القادة الإسرائيليين أن "التسبب في الدمار في غزة لن يعوّض الإرهاب الذي يلحق بالإسرائيليين".

وأضاف شاكوفسكي: "هذه لحظة خاصة حيث نشجع حقًا إدارة بايدن على إبداء رأيها مع نتنياهو، والقول إننا لا نريد أن نواجه أزمة إنسانية أكبر في الوقت الحال".

وقال الديمقراطيون إنهم منفتحون على أن يقوم بايدن بإيصال مثل هذه الرسالة علنًا أو على انفراد.

كما تحدث النائب الديمقراطي مارك بوكان، وهو زعيم سابق للتيار التقدمي في الكونغرس، عن أنه يعرف بالضبط كيف تعمل إدارة بايدن، ربما لن نسمع ذلك بصوت عالٍ أبدًا، لكنه سيقول ذلك في المحادثات الخاصة التي سيجريها في "إسرائيل".

وقد ألمح بايدن وكبار مساعديه في الأيام الأخيرة إلى أنهم يرسلون مثل هذه الإشارات.

وخلال مقابلة تلفزيونية، بثت يوم الأحد، قال بايدن إن من واجب إسرائيل الرد على الهجمات، التي وصفها بأنها من "تعادل المحرقة"، لكنه بدا وكأنه يفرض حدودًا عندما قال: إن "إعادة احتلال إسرائيل لغزة ستكون خطأ كبيرًا".

دعا ائتلاف يضم أكثر من 60 منظمة بين الأديان والمنظمات غير الحكومية، بما في ذلك جماعات مسيحية وعربية وإسلامية ويهودية، إلى وقف إطلاق النار في غزة

وجاء في ملخص البيت الأبيض لمكالمة بايدن الهاتفية مع نتنياهو، يوم السبت، أن الرئيس الأمريكي أكد دعمه الثابت لإسرائيل، لكن أيضًا تمت مناقشة التنسيق الأمريكي مع الأمم المتحدة ومصر والأردن وإسرائيل ودول أخرى، لضمان حصول المدنيين الأبرياء على المياه والغذاء والرعاية الطبية. وجاء في البيان أن "الرئيس بايدن أكد دعمه لجميع الجهود الرامية إلى حماية المدنيين".

كما أصدر البيت الأبيض أيضًا ملخصًا للمكالمة التي أجراها بايدن مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مشيرًا إلى أن بايدن قدم لعباس "دعمه الكامل" للجهود المبذولة لتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.

ويوم الإثنين، دعا ائتلاف يضم أكثر من 60 منظمة بين الأديان والمنظمات غير الحكومية، بما في ذلك جماعات مسيحية وعربية وإسلامية ويهودية، إلى وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحركة حماس، وطالبت المنظمات من صانعي السياسات إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وإعطاء الأولوية لحماية جميع المدنيين، والبحث عن مدخل للمساعدات الإنسانية إلى غزة، ومتابعة إطلاق سراح الرهائن، وحث جميع الأطراف على احترام القانون الإنساني.

الخوف من توسع نطاق الصراع
وبحسب الصحيفة الأمريكية، يركز بايدن وكبار مساعديه على منع التصعيد في الصراع ليصبح حريقًا إقليميًا واسعًا، وقد تم تحذير الجهات الفاعلة الأخرى مرارًا وتكرارًا، مثل إيران، من التورط.

كما أن الإدارة الأمريكية، قلقة من أن الغضب في البلدان العربية التي يتعاطف مواطنوها بشدة مع القضية الفلسطينية، ويمكن لذلك أن يشعل المنطقة، وفقًا لمسؤول كبير في الإدارة، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.

وقد شارك المسؤولون كبار في جهود دبلوماسية قوية بالمنطقة حيث زار بلينكن، سبعة بلدان في الأيام الأخيرة.

وقال نائب رئيس السياسة في معهد الشرق الأوسط، براين كاتوليس: "إنهم يعلمون أن التوغل البري الإسرائيلي الذي سيخلف خسائر كبيرة في الأرواح يمكن أن يؤجج ليس فقط الوضع بين الفلسطينيين ولكن في المنطقة ككل"، وأضاف: "هناك قلق حقيقي من ضرورة القضاء على تهديد حماس، لكن في الوقت نفسه، كيف يمكنك التأكد من عدم استهداف الفلسطينيين الأبرياء؟".

ضغوط في الاتجاه المعاكس

في المقابل، واجه العديد من المشرعين الليبراليين ضغوطًا من مجموعات خارجية لعدم الدعوة إلى ضبط النفس أو وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل، بحسب شخص على دراية بالموضوع، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.

كما حذرت مذكرة حديثة لوزارة الخارجية، نشرتها لأول مرة "هاف بوست" وأكّدتها صحيفة "الواشنطن بوست"، الدبلوماسيين الأمريكيين من استخدام عبارات "وقف التصعيد/ وقف إطلاق النار"، و"النهاية للعنف/ إراقة الدماء" و"استعادة الهدوء"، قائلة: إن "الكلمات لا تتناسب مع السياسة الأمريكية، التي تعترف بحق إسرائيل في شن عملية عسكرية في غزة ردًا على الهجمات التي تعرضت لها".

الإشادة بدور بايدن

على الرغم من أن بايدن يواجه انتقادات من العديد من التقدميين، إلا أن آخرين أشادوا بتعامله مع الوضع.

ولم يوقع النائب براد شيرمان، وهو عضو كبير في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، وعضو التجمع التقدمي في الكونغرس، على الرسالة الموجهة إلى بايدن وبلينكن. وقال: "لقد أظهرت لنا الأيام العشرة الماضية لماذا انتخبنا جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة"، وأضاف: "أعتقد أنه يقول الأشياء ويفعل الأشياء الصحيحة".