21-يناير-2024
رئيس وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي حيدر سعيد

افتُتحت أعمال الندوة بكلمة قدّمها حيدر سعيد، رئيس وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربي (المركز العربي)

انطلقت في الدوحة مساء أمس السبت، 20 كانون الثاني/يناير 2024، أعمال ندوة "الرواية الخليجية: السوسيولوجيا الموازية" التي تنظّمها وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" يومي 20 و21 كانون الثاني/يناير 2024. وتأتي هذه الندوة في إطار الندوات الأكاديمية التي دأبت الوحدة على تنظيمها، والتي تتناول موضوعات مختلفة ذات صلة بدراسات الخليج.

تتناول الندوة بالبحث طبيعة وأنماط تمثيل الروايات الخليجية للمجتمعات والبنى المجتمعية في بلدان الخليج، وتهدف إلى سبر إمكانات الرواية الخليجية وتمثلها لمجتمعات الخليج من حيث مدى إفادتها في فهمٍ أدقَّ وأعمقَ وأوسعَ للمجتمعات الخليجية.

اشتمل جدول أعمال الندوة على 5 جلسات، يشارك فيها 10 من الباحثات والباحثين المتخصصين الضالعين في البحث والكتابة في هذا الموضوع، وتضمّن كذلك جلسة حوارية يشارك فيها 8 من الروائيات والروائيين الخليجيين البارزين.

تأتي هذه الندوة في إطار الندوات الأكاديمية التي دأبت الوحدة على تنظيمها، والتي تتناول موضوعات مختلفة ذات صلة بدراسات الخليج

واقتصر اليوم الأوّل على افتتاح وجلسة أولى، حيث استُهلّت الندوة بكلمة افتتاحية قدّمها حيدر سعيد، رئيس وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي، نوّه فيها بما شهده الأدبُ الروائي في بلدان الخليج من تطور وتقدير لافتَين للانتباه في العقدين الأخيرين، ورأى أن الصعود الراهن للرواية الخليجية يرتبط بالتحولات الاجتماعية الكبيرة التي شهدتها مجتمعات الخليج في الثلث الأخير من القرن العشرين.

وبعجز العلوم الاجتماعية في بلدان الخليج عن تقديم أدبيات لفهم هذه التحولات الاجتماعية، أصبحت المادة السردية الأساسية للرواية الخليجية هي البنى الاجتماعية وتحولاتها، لتتحول الرواية - من ثم – إلى "سوسيولوجيا موازية"، تتمثل هذه التحولات، سعيًا لفهمها، ولتكسر الصورة النمطية التي شكّلها عصرُ الوفرة النفطية عن هذه المجتمعات. وأشار سعيد إلى أنّ الندوة تتمحور حول الأسئلة الآتية: كيف تبدو البنى الاجتماعية في الخليج وتحولاتها من خلال الرواية الخليجية؟ وكيف مثّلت الرواية البنى التقليدية وعمليات التحديث وسيرورة الانتقال بين بنيتين، أو حقبتين؟ وكيف تعاملت الرواية مع التاريخ السياسي الحديث للمنطقة؟ وكيف يبدو نسيج الهويات وتنوعها وتعددها في مجتمعات الخليج؟ وكيف يبدو "الآخر"، الداخلي والخارجي في هذه الرواية؟ ثم كيف سردت ماضي المنطقة القريب ما قبل الدولة الحديثة؟ وما إلى ذلك من أسئلة تدور في هذه الدائرة المفاهيمية.

أدارت الجلسة الافتتاحية الأولى، التي انعقدت تحت عنوان "الرواية الخليجية وسؤال الهوية"، الأكاديمية والإعلامية والأديبة حنان الفياض، وقُدّمت فيها ورقتان؛ الأولى قدّمها محسن جاسم الموسوي، أستاذ الأدب العربي الكلاسيكي الحديث، والدراسات المقارنة والثقافية، بجامعة كولومبيا، وكانت بعنوان "التجانس والتباين في السرديات الخليجية"، وقد حاجّ فيها بأنه في حين مثّل اكتشاف النفط، والتحوّلات التي رافقت ذلك، ولا سيّما في مهنة البحث عن اللؤلؤ، الموضوع الأبرز في كتابات ثمانينيات القرن العشرين، فإنّ روايات وقصصًا قصيرة خليجية عديدة شهدت تحولات في زاوية الكتابة منذ منتصف التسعينيات، عاكسةً مدى تعقُّد الواقع الاجتماعي، وخاصةً ما يرتبط منه بأزمة الهوية. ومن هنا، شدَّد الباحث على أهمية فهمِ التجانس والتباين بين الروايات الخليجية، بوصفها مؤشرات اجتماعية وسياسية واقتصادية، ومواد أرشيفية تشير إلى المستقبل، في الوقت الذي تتحدّث فيه عن الحاضر.

أما الورقة الأخرى، فقدّمها سعد البازعي، أستاذ آداب اللغة الإنكليزية والأدب المقارن بجامعة الملك سعود في الرياض، وهي بعنوان "’مدن التيه‘: عبد الرحمن منيف وسؤال الهوية"، ودارت إشكاليتها حول السؤال عن هوية منيف؛ أهو سعودي أم عربي؟ وهو سؤال رأى الباحث أنّه مُحيّر بالنسبة إلى كثير ممّن تعرّفوا إليه وقرؤوا أدبه.

وجادل بأنّ من الشواهد التي تؤكّد هويته السعودية أسرتَه وجذورَه في منطقة القصيم السعودية، واهتمامَه بتاريخ السعودية. ومع ذلك، يجد الباحث ذلك غير كافٍ؛ فالعبرة ليست بالجذور ولا بالاهتمام، بل بكونه وُلِد ونشأ وتعلّم وعمِل خارج السعودية، بل إنه لم يكن له جواز سفر سعودي، ولم يستدعِ تجربة الحياة السعودية في كتابته. وخلص الباحث إلى أنّه على الرغم من أهمية خماسية "مدن الملح"، فإنّها مكتوبة من الخارج، باشتراطاته وتنميطاته، في الوقت الذي كان فيه المثقفون في داخل السعودية يدافعون عن حرية التعبير، وهو أمرٌ يمكن أن يوضح موقع منيف الهوياتي.