01-ديسمبر-2015

نجوم ستار أكاديمي في نسخته الأولى خلال حفل في تونس سنة 2004 (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

في الوقت الذي تعيش فيه تونس تحت وقع صدمة الحادث الإرهابي وحالة الطوارئ بالبلاد، والذي تعدم فيه حضارة الشام في مقصلة "داعش"، ووسط كل هذه الفوضى، التي أنتجتها الأحداث الإرهابية في الدول الغربية، بيننا أشخاص ينتمون لهذا الوطن العربي الكبير ويعيشون حالة حرب من نوع آخر، يحملون "أسلحتهم" لغرض "أهم"، الدفاع عن متسابقيهم المفضلين في برنامج لاكتشاف المواهب.

يستنكر الكثيرون تحول برامج اكتشاف المواهب إلى حلبة صراعات بين بلدان العالم العربي 

في منتصف العقد الأول من القرن الجاري، ظهرت وبشكل كبير موضة برامج اكتشاف المواهب الغنائية والتي يصنف بعضها في خانة "تلفزيون الواقع". لا أحد ضد الموسيقى، هذا صحيح. ولا أحد أيضًا ضد اعتماد هذه البرامج طريقًا للوصول إلى الشهرة في مدة زمنية قصيرة، لكن أن تتحول هذه البرامج إلى حلبة صراعات بين بلدان العالم العربي، فالأمر يحتاج إلى وقفة، فهذا الوطن فيه ما يكفيه، ولا يحتاج لمثل هذه الصراعات.

وهذه الصراعات هي في حقيقة الأمر تفاهات. الحكاية تعود إلى أيام تلت، حين طلب مغردون مصريون من قناة CBC إيقاف عرض برنامج ستار أكاديمي، بسبب "الشتم والسب والقذف" الذي يصل الطلاب المصريين من الجمهور الجزائري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأطلقوا "هاشتاغ" انتشر في تويتر #مصر_بتتشتم_ياCBC. وبعدها بأيام قليلة، أعلنت إدارة الأكاديمية، عن انسحاب الطالبة الجزائرية، سهيلة بنت لشهب، من البرنامج، بسبب حادث تعرضت له أدى إلى كسر في الحوض، الأمر الذي يتطلب راحة لمدة أربعة أسابيع.

في الحقيقة، لا يمكن لأي أحد أن يطلع على "المطبخ الداخلي" للبرنامج غير القيمين عليه، لهذا السبب يبقى انسحاب الطالبة الجزائرية المفاجئ، قضية مبهمة التفاصيل عند جمهورها، هذا الأخير الذي لم يتوقف عن سب الإدارة، وتحميلها مسؤولية خروج "ممثلة الجزائر" من البرنامج، دون سبب على حد اعتقادهم.

ومقابل #مصر_بتتشتم_ياCBC، ظهر هاشتاغ #فين_حق_المغرب_العربي_يا_CBC، الكل يصوب جهة الكل، والرابح برنامج استطاع خلق نزعة التعصب بين شعوب وطن عربي واحد لا يحتاج في هذا الوقت بالذات لمشاحنات وصراعات إضافية، فالخلافات السياسية قامت بالمهمة وهاهي الموسيقى تفرق أيضًا بين العرب.

أأخطأنا حين اعتقدنا يومًا أن الموسيقى جمال وصلة ربط بين الثقافات والشعوب؟ ما حصل في برنامج ستار أكاديمي غيّر المعايير من جديد وحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة عراك وشتائم بين شعبين عربيين. إلى من يقوم على مثل هذه البرامج، ارحلوا واتركوا لنا صوت فيروز الذي يتغنى به أهل المغرب، اتركوا لنا صوت لطفي بوشناق الذي وصل صداه شرق العرب، اتركوا ماجدة الرومي، وصباح فخري وأشعار الشيخ إمام، وخذوا مواهبكم الجديدة. نحن لا نريدها، تاجروا في شيء آخر غير الموسيقى، فالوطن العربي، غارق في خلافاته ولا نحتاج مصائب أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: 

أعطونا "الكنتاكي" وخذوا ما يدهش العالم

نادين الخالدي.. نحن أيضًا شعوب تحب الطرب