04-فبراير-2017

الرضع المهاجرون هل يعودون إلى لغتهم الأم من دون ممارسة؟ (Getty)

 في ظل عالم مليء بالحروب المشتعلة والهجرات المتتالية من بلد إلى آخر، تتناول مجلة "لايف ساينس"، موضوعًا شيقًا حول تأثير اللغة التي يتعرض لها الأطفال الرضع على قدرتهم على استعادتها لاحقًا وهم أكبر سنًا، وفقًا لدراسة جديدة فإن الأطفال الذين تعرضوا للغة ما في عمر ثلاثة أشهر، يكونون أكثر قدرة على استرجاع أصوات هذه اللغة لاحقًا في حياتهم وهم أكبر سنًا.

دراسة جديدة تشير الى أن الأطفال الرضع لديهم قدرة على استعادة اللغة التي استمعوا إليها ولم يمارسوها

 الدكتورة ميجرام بوريسما، طبيبة نفس-لغوية في جامعة "رادبود" في هولندا والمؤلفة المشاركة في الدراسة الجديدة، لديها اثنان من أخواتها انتقلا من كوريا إلى هولندا عندما تم تبنيهما، وحتى عندما كانتا طفلتين كانت تتساءل، ما الذي حدث لمعرفتهما باللغة الكورية التي لم تعد جزءًا من حياتهم اليومية، هل اختفت؟. وفي اختبارات نطق اللغة الكورية، وجد الباحثون أن الأشخاص (الكبار) الكوريين الذين تم تبنيهم في هولندا سجلوا نتائج أفضل من مجموعة أخرى ليست كورية، وتتحدث الهولندية منذ الطفولة وبين المشاركين مجموعة تم تبنيها في سن أصغر ولم يمارسوا حتى ما يسمى بـ"الثرثرة الطفولية" باللغة الكورية وجدوا أن نتائجهم ماثلت نظراءهم من الكبار، مما يشير إلى تعرضهم لسماع اللغة وهم أطفال قبل تمكنهم حتى من ممارسة الكلام بعدة أشهر، وفي وقت أبكر مما كانوا يتوقعون.

اقرأ/ي أيضًا: بعد نظام "البوكليت".. شاومينج تعادي الدولة مجددًا

قالت الدكتورة بوريسما لمجلة "لايف ساينس" إن "ما نريد الاستفادة منه في هاتين التجربتين تأثير الانقطاع عن الاستمرار في اكتساب اللغة الأولى، مضيفة: "نؤمن أن هذه النتائج لا تخص اللغة الكورية أو الهولندية فقط ولا حتى أي مزيج معين من اللغات". وركز الباحثون جهودهم على 29 شخصًا وقدرتهم على نطق أصوات تخص اللغة الكورية، على وجه الخصوص فإن هناك ثلاثة أنواع من الأصوات لتلك الأحرف في اللغة الكورية وهي "P ، T، K" ونوعان لكل من تلك الأصوات مقارنة باللغة الإنجليزية ونوع واحد لكل صوت من تلك الأصوات في اللغة الهولندية. ولاحقًا تم تسجيل بعض الأصوات وتقييمها بناء على سهولة التعرف عليها، ومن ثم تم تقييمها بشكل ذاتي من قبل بعض المتحدثين بالكورية بصفتها لغتهم الأم.

وفي بحث سابق، توصل باحثون إلى أن الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم ستة أشهر يتمكنون من تطوير معرفتهم، حتى وإن لم يبدؤوا الحديث بها حتى سن الـ 11 أو 12 شهرًا، ولكن في هذه الدراسة الجديدة فإن الأطفال تم تبنيهم في سن الثلاثة أوالخمسة أشهر، أظهروا أدلة على استعادة ذكريات عن بعض الأصوات في اللغة الكورية. وللتأكد من أن لديهم خبرة ما بالأصوات في اللغة الكورية فإن كل المشاركين الآخرين في التجربة تم تبنيهم في سن 17 شهرًا أو أكبر، وفقًا لتلك الدراسة.

ركز الباحثون جهدهم على 29 شخصًا وقدرتهم على نطق أصوات تخص اللغة الكورية

ومع عدم وجود أي فارق بين الأشخاص الذين تم تبنيهم في سن مبكرة أو في سن أصغر، تشير الدراسة أيضًا إلى المسار الذي تتخذه اللغة وتخزينه في الدماغ. هذه النتائج التي توصلوا إليها تدعم النظرية التي تقول بأن المفاهيم المجردة عن أصوات اللغة، يتم تطويرها في سن مبكرة جدًا. هذا يتعارض مع النظرية القائلة بأن تراكم الخبرات هو ما يحدد الأداء الصوتي في اللغة، ويؤدي إلى وجود اختلافات بين الفئات العمرية من الأشخاص الذين تم تبنيهم.

و تقول الطبيبة فرجينيا فالين، من جامعة سيتي في مركز الدراسات العليا في نيويورك وهو مركز لم يشارك في الدراسة أن "هذه البيانات مثيرة للجدل"، وتضيف لمجلة "لايف ساينس": "هناك نظرية بديلة في علم النفس ترى أن الأطفال يأخذون وقتًا أطول لتمييز "الكلام"، وتعتقد أن الدراسة "لا تتبنى هذه الحالة". وكان الباحثون في وقت سابق يرون الدافع لتعلم لغة تم التعرض لها لا يفسر الفارق بين فريق "الأطفال الذين تم تبنيهم" والفريق الآخر، فعلى سبيل المثال فإن دارسي اللغة الكورية أو الهولندية كان أداؤهم واحدًا عند مزج أصوات من اللغة اليابانية في الاختبار بشكل سري.

وبناء على ما سبق فإن هناك اتجاهين في هذا السياق، أحدهما يرى أن اللغة التي يتعرض لها الطفل الرضيع ذو الثلاثة أشهر يكون أداؤه في نطقها أفضل من ذلك الذي لم يتعرض لها من قبل وآخر يرى أن الأطفال يجب أن تكون لهم خبرة أطول باللغة حتى يتمكنوا من استعادتها لاحقًا، بل وأنهم يجب أن يتعرضوا لها بشكل أطول وفي سن أكبر.

ترجمة بتصرف. لقراءة المقال الأصلي انقر هنا.

اقرأ/ي أيضًا:

هل اللغة العربية بالمغرب في مهب الريح؟

تجربة التعريب في الجامعات السودانية.. إلى أين؟