11-يناير-2018

تشكل الرياضة نافذة شبه وحيدة لسكان كوريا الشمالية على العالم (باسيفيك برس)

في مكان بعيد جداً عن المنطقة العربية، عند أقاصي الشرق الآسيوي تحديدًا، تجد أكثر من 25 مليون كوري شمالي يعيشون في عزلة تامة وسجن كبير فلا يدركون ما يحيط  بعالمهم من أحداث. أو لا يسمح لهم بالتعرف لما يجري حقًا.

شكلت المنافسات الرياضية الملتقى الوحيد لكوريا الشمالية مع جارتها ومع شعوب العالم الأخرى

عندما أحكمت السلطات الكورية الشمالية إغلاق باب السجن على شعبها، وضعت المفتاح في جيبها فصارت الفتحة التي يملؤها المفتاح هي المنفذ الوحيد للهواء والشمس، فباتت المشاركات الخارجية للاعبي كوريا الشمالية في الألعاب الرياضية أشبه برحلة مؤقتة إلى الجنة بعد جحيم العزلة.

اقرأ/ي أيضًا: أطول سلسلة انتصارات متتالية في 5 دوريات أوروبية كبرى

نجحت الرياضة في فك أسر الكوريين الشماليين ولو مؤقتاً، حيث اندلعت الحرب بين شطري شبه الجزيرة الكورية وتوقفت بهدنة منذ أكثر من نصف قرن، وشكلت المنافسات الرياضية الملتقى الوحيد لكوريا الشمالية مع جارتها ومع شعوب العالم الأخرى.

مباراة ودية بين الكوريتين في سيول 2005

وساهمت الرياضة مؤخراً في تهدئة التوتّر بدرجة كبيرة بين شطري الجزيرة الكورية، فقبل أيام ليست ببعيدة لاحت نيران الحرب في الأفق، لكن تدخّلت الرياضة أخيراً وأنقذت الموقف في اللحظة المناسبة، وهي الشيء الوحيد الذي جمع المتخاصمَين بعد فراق لعقود.

تهدف الألعاب الأولمبية منذ نشأتها لإعلاء قيم الرياضة وتنحية الخلافات التي وُضعت بين البشر جانبًا

حيث عرضت كوريا الجنوبية على جارتها الشمالية إجراء محادثات من أجل مشاركة الأخيرة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية  المزمع عقدها في مدينة "بيونغ تشانغ" الشهر القادم، وما لبثت "بيونغ يانغ" أن لبّت هذه الدعوة التي نجم عنها بعد ذلك الاتفاق على حضور كوريا الشمالية دورة الألعاب هذه بوفود رفيعة وفرق خاصة للمشجعين.

اقرأ/ي أيضًا: مايكل بالاك ولعنة الرقم 13

لم يكن مفاجئاً أن تكسر الرياضة الجدار السياسي الموجود بين البلدين، فسبق أن شارك رياضيون من البلدين في افتتاح أولمبياد سيدني للألعاب الصيفية عام 2000 تحت راية واحدة، عرضت "راية التوحيد" هذه خريطة  زرقاء لشبه الجزيرة الكورية، تكرر ذلك في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004، وفي لقاء ودي لكرة القدم بين الفريقين في عاصمة كوريا الجنوبية سول عام 2005،  كذلك الحال خلال افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في الدوحة 2006 ولشتوية في تورينو بالعام نفسه، وأخيرًا في دورة الألعاب الشتوية الآسيوية عام 2007، ومن بعدها لم يتكرر المشهد.

ما زال مدرب منتخب كوريا الشمالية لمونديال 2010 مفقودًا بعد التحقيق معه في أسباب خسارة المنتخب أمام البرتغال

تهدف الألعاب الأولمبية منذ نشأتها لإعلاء قيم الرياضة وتنحية الخلافات التي وُضعت بين البشر جانباً، وكان مبدأ "الهدنة الأولمبية" مقدساً منذ نشأة البطولة في عهد اليونانيين القدماء، إذ كانت الأطراف  الإغريقية المتحاربة توقف معاركها وفق هدنة أولمبية "إيكيتشيريا"، قبل 7 أيام من بدء الألعاب وبعدها بـ 7 مثلها، لذلك أحيت الأمم المتحدة في العصر الحديث للألعاب هذه الشعائر وحثت الدول الأعضاء لإقرارها، ونتج عن ذلك القرار رقم 11/48 في 25  تشرين الأول/أكتوبر عام 1993، وتعبيراً عن امتنانها لذلك قررت اللجنة الأولمبية رفع علم الأمم المتحدة في كافة أنشطتها الرياضية بدءاً من عام 1998.

دورة الألعاب الأسيوية في الدوحة 2006

ربما لا تستطيع الرياضة لوحدها أن توحّد بين شطري الجزيرة الكورية أو أن تحل كافة المشاكل السياسية المتعلقة بينهما، ولكن لا يمكن إنكار دورها في الحد من التوتّر، أيضاً يصعب كثيراً أن نسلّم بجمالية الحدث الرياضي الخارجي بالنسبة للاعبي كوريا الشمالية، إذ سبق وأن شاركت البلاد في كأس العالم 2010 خرج منتخبها من الدور الأول خاسراً في مبارياته الثلاث إحداها كانت أمام البرتغال بسباعية، بعد ذلك بأيام كشفت تقارير أنه تم التحقيق مع اللاعبين عن أسباب فشلهم في كأس العالم فور عودتهم إلى بلادهم لمدة 6 ساعات متواصلة، كذلك طالب الفيفا بالكشف عن مكان وجود المدرب الذي ما زال مفقوداً حتى الآن.
 

اقرأ/ي أيضًا: 

مورينيو.. أكثر من مدرب

كأس العالم لكرة القدم.. أهم الحقائق والأرقام في تاريخ البطولة