25-سبتمبر-2018

كشفت جائزة نوبل البديلة عن بطش ابن سلمان (Right Livelihood Award)

استطاع ثلاثة نشطاء سعوديون يقبعون في زنازين، يقطنها أغلب معارضي الأسرة الحاكمة في الرياض، جذب انتباه العالم لقضيتهم حتى وصلت إلى التكريم يوم الإثنين الماضي، بتتويجهم بجائزة نوبل البديلة.

يعد فوز النشطاء السعوديين الثلاثة، إشارة لتصاعد مساحة الاهتمام العالمي بالشأن السعودي وخاصة بحالة حقوق الإنسان المتردية في المملكة

عبد الله الحامد ومحمد فهد القحطاني ووليد أبو الخير، نشطاء سعوديون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، اختارتهم لجنة تحكيم جائزة مؤسسة "رايت ليفيلهوود" المعروفة بـ"جائزة نوبل البديلة"، ضمن الفائزين بجوائزها لهذا العام بفضل جهودهم الشجاعة في تعزيز الإصلاحات السياسية والدفاع عن حقوق الإنسان، مع آخرين من دول أخرى.

يعد فوز النشطاء السعوديين الثلاثة، إشارة لتصاعد مساحة الاهتمام العالمي بالشأن السعودي وخاصة بحالة حقوق الإنسان المتردية في المملكة العربية السعودية، في ظل دعاية تصدر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كمصلح يقود تحولًا ليبراليًا في المملكة، في الوقت الذي تشن فيه القوات الأمنية السعودية بشكل مستمر ودائم حملات اعتقال تستهدف الشخصيات العامة والنشطاء على اختلاف توجهاتهم السياسية وعلى جميع المستويات، دون فرق بين مدافعين أو مدافعات عن حقوق الإنسان. وبالرغم من المراكز المتأخرة التي تحتلها المملكة منذ عشرات السنين، إلا أن السعودية شهدت تراجعًا في أغلب التقارير الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وكذلك حقوق المرأة والصحافة.

اقرأ/ي أيضًا: حزمة أوامر العاهل السعودي.. خطة محمد بن سلمان للسيطرة على كل شيء

تكريم يخترق جدران السجون

كان من المفترض أن يسافر النشطاء الثلاثة إلى أستوكهولم، لاستلام الجوائز في 23 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لكنهم لن يتمكنوا من السفر، فالثلاثة يقضون فترات الحبس الصادرة ضدهم لمدد طويلة، وفي قضايا عبثية، وبتهم فضفاضة. يعد وليد أبوالخير (39 عامًا) من أبرز المحامين والنشطاء الحقوقيين، ورئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية، وقد حكم عليه في 2015 بالسجن المشدد 15 عامًا وفقًا لقانون جرائم الإرهاب، وتتهم المملكة وليد بتأسيس تجمعات وحلقات في مقهى وفي منزله، فيما وجهت له عدة تهم من بينها "السعي لنزع الولاية الشرعية، والإساءة للنظام العام في الدولة، وتأليب الرأي العام وانتقاص السلطة القضائية وإهانتها، والقدح علنًا في القضاء الشرعي، وتشويه سمعة المملكة باستعداء المنظمات الدولية ضدها، والإدلاء ببيانات غير موثقة تسيء لسمعة المملكة".

 ويدعم وليد مطالب الحقوقيين السعوديين بتأسيس ملكية دستورية وبرلمان منتخب وإصلاح نظام الحكم، وانتقدت المنظمات الدولية الحكم الصادر ضد أبوالخير وكان أبرزها منظمة هيومن رايتس ووتش، التي وصقت الحكم بـ"الحكم المشين"، وكذلك انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية والألمانية والمفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة المحاكمة، التي وصفتها منظمة مراسلون بلا حدود بأنها "مفبركة. وفي 2015 وجه 67 عضوًا من الكونجرس الأمريكي خطابًا إلى الملك سلمان يطالبونه فيها بعمل إصلاحات سياسية والإفراج عن المعتقلين السياسيين والحقوقيين وذكروا فيها وليد أبوالخير.

أما الناشط السعودي الثاني من النشطاء الحاصلين على نوبل البديلة، فهو الأكاديمي  والمعارض السعودي عبدالله حامد (68 عامًا) وهو ناشط سعودي يحمل درجة الدكتوراه وأحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، صدر ضده حكم بالحبس في آذار/ مارس 2013 فيما عرف بمحاكمة "حسم". ضيقت المملكة على نشاط حامد بشكل متكرر واعتقل لنحو سبع مرات، واتهم في عدة قضايا حقوقية من أبرزها قضية الإصلاحيين الثلاثة 2004، وحكم علي حامد فيها بالسجن سبعة سنوات، ولكنه حصل على عفو في بداية حكم الملك عبدالله عام 2005، وفي عام 2013 اتهم في قضية تأسيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) والتي اعتبرتها السلطات السعودية غير شرعية، ووجه الاتهام لشخصين فيها، صدر الحكم على الأول وهو عبدالله حامد بالسجن خمس سنوات، ثم أضاف لها القاضي المدة المتبقية من محكوميته السابقة في قضية الإصلاحيين الثلاثة، التي صدر له عفو من الملك عبدالله فيها، ليصبح مجموع المدة المحكوم عليه بها 11 سنة، بالإضافة إلى منعه من السفر لخمس سنوات أخرى.

 أما المتهم الثاني في قضية حسم فكان محمد فهد القحطاني، وهو ثالث الفائزين بجائزة نوبل البديلة، والقحطاني أستاذ اقتصاد وناشط سياسي سعودي وأحد الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، حكم عليه بالسجن 10 سنوات والمنع من السفر 10 سنوات أخرى في ذات المحاكمة.

فائزون آخرون

تنوعت اختيارات اللجنة للعام 2018، بين البلدان حول العالم، فحصل كل من توني رينيودو من أستراليا ويعقوب صاودوكو من بوركينا فاسو، وهما مهندسان زراعيان، على الجائزة في مجال البيئة، وفي مجال النضال ضد الفساد، نالت المدعية العامة من غواتيمالا، ثيلما ألدانا، بالمشاركة مع المحامي إيفان فيلاسكيز من كولومبيا، تقديرًا لجهودهما المبتكرة في الكشف عن إساءة استخدام السلطة ومحاكمة الفاسدين التي ساهمت، وفقًا للجنة، في القبض على أوتو بيريز مولينا، رئيس غواتيمالا السابق، ومسؤولين آخرين في عام 2017.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية.. الدّولة في مواجهة الثقافة

 وتتولى ألدانا مهام المدعي العام في غواتيمالا منذ عام 2014، فيما يلعب المحامي إيفان فيلاسكيز دورًا كبيرًا في قيادة اللجنة الدولية المستقلة لمناهضة الإفلات من العقاب في جواتيمالا، وهي لجنة تلقى دعمًا من الأمم المتحدة منذ عام 2013.

كان من المفترض أن يسافر النشطاء الثلاثة إلى أستوكهولم، لاستلام الجوائز في 23 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لكنهم لم يتمكنوا من السفر، فالثلاثة يقضون فترات الحبس في زنازين ابن سلمان

تأسست نوبل البديلة عام 1980، بجهود مؤسس الجائزة السويدي الألماني جاكوب فون اويكسكول، ومقرها في العاصمة السويدية أستوكولهم، وتهدف لمنح جوائز في عدد من المجالات وهي "حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والصحة والتعليم والسلام وحماية البيئة"، وهي المجالات الغائبة عن التكريم في جائزة نوبل الأصلية التي تمنح في مجالات "الطب والفيزياء والكيمياء والسلام والآداب والاقتصاد"،

وسبق أن منحت الجائزة ستة مرات لنشطاء ومنظمات من العالم العربي، كانت البداية في النسخة الأولى للجائزة عام 1980، مع المهندس حسن فتحي، كما منحت للبنانية إيمان خليفة لدورها في رفض الحرب الأهلية عام 1984، وبعد غياب عربي طويل ذهبت الجائزة  عام 2003 للعالم المصري إبراهيم أبو العيش في مجال البيئة واستصلاح الصحراء، وفي 2013 نال المحامي الفلسطيني من غزة راجي الصوراني الجائزة تقديرًا لعمله الحقوقي، وفي 2016 حصلت المصرية  مزن حسن على الجائزة تقديرًا لدفاعها عن الحقوق النسوية في مصر وتأسيس مركز نظرة، وفي نفس العام ذهبت الجائزة للدفاع المدني السوري أو المجموعة المعروفة بـ"الخوذ البيضاء".

وتتصاعد وتيرة الدفاع عن حقوق الإنسان المهدرة في المملكة منذ سنوات وخاصة مع الحملة الأمنية التي طالت جميع التيارات والأفكار من إصلاحيين ووسطيين ودعاة وأكاديميين، ونشطاء من الشيعة في المنطقة الشرقية، وكذلك مدافعات عن حقوق الإنسان، في الوقت الذي يحاول فيه ولي العهد السعودي تقديم نفسه على إنه ليبرالي قادم لتغيير وجه المملكة القديم.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

النفط والبطالة: وجهان لدولة آل سعود

هيئة البيعة السعودية.. أداة الصراع الملكي