11-ديسمبر-2017

الكاتب والمترجم عدي الزعبي

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


عدي الزعبي كاتب ومترجم من سوريا. ولد في دمشق 1981. حاصل على دكتوراه في فلسفة اللغة من جامعة إيست أنجليا. صدرت له مجموعتان قصصيتان بعنوان "الصمت" و"نوافذ". وترجمة بعنوان "ما الذي أؤمن به؟"، وهي عبارة عن مقالات مختارة من تأليف برتراند راسل. يقيم في الدنمارك حاليًا.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

لا أعرف بالضبط. أذكر أنني كنت أقرأ كثيرًا منذ طفولتي المبكّرة. ذاكرتي الأولى مليئة بكتب الأطفال، سلسلة "المكتبة الخضراء" على سبيل المثال. ربما لأنني كنت أخشى الأولاد الآخرين، وأثق بالكتب، التي كنت أراها امتدادًا لعلاقتي مع أمي: أمي تشتري الكتب التي أطلبها، كأنها جزء من تأمين حاجياتي الرئيسة للبقاء، مثل الأكل والشرب. 

يقول آلدوس هكسلي إن حياة الكتب أكثر أمنًا وراحةً من الحياة الحقيقة؛ إنها ملاذ للجبناء، وللخائفين. أتفق معه تمامًا في قوله هذا.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثير في حياتك؟

مقال "اللغة والحرية" لنعوم تشومسكي، ورواية "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ، وديوان "سرير الغريبة" لمحمود درويش. في القصة القصيرة، مجموعات مختلفة قرأتها مبكرًا لموباسان، أذكر منها "الآنسة فيفي" و"كرة الشحم" و"إيفيت".

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

فكريًا، برتراند راسل وطه حسين؛ الأول يساري فوضوي عقلاني، وفيلسوف فريد شديد الذكاء والواقعية، وكاتب نثر من الطراز الأول. أما الثاني، فصاحب مشروع عقلاني متكامل أصيل؛ وناقد ثاقب النظرة؛ ومهووس بالأدب بحد ذاته ولذاته، مع عين نافذة لسياقه الثقافي؛ رسم حدودًا للعلم والعقل، على طريقة التنوير الأصيلة، وفيها أبدع على مدى خمسين سنة، في كل ما كتب، من "حديث الأربعاء" إلى "مرآة الإسلام"، بدقة ومرح وشجاعة، لا مثيل لها.

أدبيًا، كتّاب القصة القصيرة موباسان وتشيخوف وسعادات حسن مانتو وأكوتوجاوا وبورخيس وابراهيم أصلان: مع اختلافات عميقة بينهم، كلهم يشتركون في إتقان سر كتابة القصة القصيرة، أي الكتابة المركّزة المختصرة البسيطة الواضحة الكاملة الشاملة.

أحب فيسلافا شيمبورسكا أيضًا، أحبها كثيرًا: شعرها غير نبويّ، على العكس من معظم الشعراء؛ ولكنّه سماوي، في الوقت نفسه. لذا، أحبها كثيرًا.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

بالطبع، دائمًا. في الحقيقة، لا أستطيع أن أقرأ دون أن أسجّل ملاحظات.

  • هل تغيرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

لا. لا شيء تغيّر، إطلاقًا.

  • حدثنا عن مكتبتك؟

مكتبتي في دمشق، لم أرها منذ 2011. أفتقدها كثيرًا. ولكنني لا أفكر فيها، او أحاول ألا أفكر فيها، كما هو الأمر في كل ما يتعلّق بما بقي هناك في دمشق. أستعيض عنها بمكتبة إلكترونية على الحاسوب. ما زلت أفضّل الكتب الورقية، ولكنني مضطر إلى الاقتصار تقريبًا على الكتب الإلكترونية، لصعوبة الوصول إلى الكتب الورقية العربية في المنفى. أيضًا، أقرأ كثيرأ بالإنجليزية، وأعتمد على المكتبة العامة في الدنمارك، التي يتوافر فيها كل ما أريده، تقريبًا.

عندي مكتبة صغيرة في بيتي الصغير في كوبنهاغن، أحاول جاهدًا ألا تكبر معي.  اضطررت إلى التخلص من عشرات الكتب عندما هاجرت من بريطانيا إلى تركيا، ثم عشرات الكتب الأخرى عندما هاجرت من تركيا إلى الدنمارك. لا أريد تكرار هذه المقتلة.

تختلط في مكتبتي الصغيرة بعض الكتب العربية بكتب زوجتي الدنماركية، لتبقى الأغلبية للكتب بالإنجليزية، وكتب طفلنا الصغير، باللغات الثلاث، الذي يرميها جميعًا على الأرض بسعادة، مازجًا بين المتنبي بالعربية وإدوارد سعيد بالإنجليزية وترجمة شتاينبك وهمنغواي إلى الدنماركية، ليقفز فوقها ويخطو خطواته الأولى بمحبة وفرح على هذا المزيج الثقافي العالمي.

حاولت أن أنقذ بعض الكتب من الأضرار الناجمة عن أسلوبه الخاص في التعامل مع الكتب، ولكنني استسلمت سريعًا: ما أهمية الكتب، إن لم تجعلنا سعداء، نقفز بمرح، خالطين اللغات والأنواع والأفكار، بتلقائية أصيلة صادقة؟ ألم تُخترع المكتبات، بالضبط، من أجل هذا الهدف؟

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

ديوان أبي نواس، و"الأخلاق: أصلها وتطورها"، لبيتر كروبوتكين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة أسماء عزايزة

مكتبة خضر الآغا