25-نوفمبر-2016

معرض الكويت للكتاب 2016

كتبت مارثيا لينكس كيلي، المحررة الثقافية، في صحيفة الغارديان، في سياق متابعتها لـ"معرض الكويت الدولي للكتاب" عما يعانيه الناشرون العرب من صراع بين المتاح والمحظور، الذي لا يخضع لمعايير احترافية، أو معقولة من وجهة نظر الكتاب والقراء في هذا المعرض، الذي غالبًا ما يكون وفق مزاج الإدارة التي تتحكم ببيع الكتب هناك. 

الناشرون يواجهون أوقاتًا صعبة، رغم أنهم في بلد فيه قراؤه وكتابه على حد سواء، ويتمتع إلى حد ما بالاستقرار الذي تفتقده المنطقة العربية الآن، في ظل ظروف باتت معروفة من الجميع.


العديد من معارض الكتب في الوطن العربي شكلت مساحات واسعة لبيع كتب ممنوعة فيها، لكن "معرض الكويت للكتاب" رفع مستوى الحظر، محولًا سوق الكتب إلى مجال أعمال تحيط به المخاطرة من كل جانب. 

حول "معرض الكويت للكتاب" سوق الكتب إلى مجال أعمال تحيط به المخاطرة

معارض الكتاب العربية تبدو وكأنها خيمة سيرك كبيرة متحركة، فبمجرد أن ينتهي العرض يعبئون كتبهم ويزيلون ملصقاتهم، وينقلون بضائعهم إلى المعرض التالي. يوجد حوالي خمسة عشر معرضًا مهمًا للكتاب في المنطقة، ومعارض أخرى أقل في الأهمية. خلال هذا الأسبوع يوجد في الكويت وحدها 568 ناشرًا مسجلًا في المعرض، حيث الناشرون والقراء والكُتاب يكافحون ليكسبوا معارك صغيرة، أو كبيرة، ضد تيار الرقابة المتصاعد هناك. 

اقرأ/ي أيضًا: مصادرة كتب عزمي بشارة في معرض الشارقة

كان معرض الكتاب في الكويت متفردًا في كونه "مساحة حرة" لبيع الكتب. في "معرض الشارقة للكتاب" قدّر عدد زوار بمليوني زائر، وكانت هناك الكثير من الكتب الممنوعة تم بيعها فيه. يقول الناشر اللبناني حسن ياغي إنه باستثناء معرض الكويت الدولي للكتاب فإن كثيرًا من الكتب الممنوعة تم بيعها، حتى في معارض الكتاب في السعودية، التي أتاحت مساحة حرة كبيرة لبيع الكتب هناك.

أسواق الكتب تلك، التي تستمر مدة عملها عشرة أيام تقريبًا، بدأت في الظهور إلى العالم منذ قرون مضت، لكن "معرض القاهرة" كان سباقًا في الظهور، لكن تراجع هذا المعرض، وظهور الكتب الإلكترونية، ونسخ الكتب الـPDF، وظهور سلاسل المكتبات تجعل معارض الكتب موضة قديمة، لكنها تبقى ذات جاذبية خاصة.

لكن معرض الكتاب في الكويت يبقى حالة خاصة، فعلى الرغم من كونه يُعقد في بلد ذي تقدير عالٍ جدًا للأدب، وبكُتاب فاعلين، وبنية تحتية ثقافية قوية، إلا أنه تتهددها بيروقراطية سياسية، ورقابة صارمة تجعل من نمو الحياة الأدبية والثقافية فيها مختنقة. 

الكاتبة الكويتية، بُثنية العيسى، صاحبة الكتب الأكثر مبيعًا، واحدة من أكثر الأصوات صخبًا في مواجهة الرقابة على الكتب. ومؤخرًا ألقت العيسى خطبة أمام البرلمان الكويتي، كما شاركت الناس أفكارها على تويتر. وفقًا للكاتبة فقد بدأت بوادر المعركة حول مجموعة من الكتب مثيرة للجدل عام 1998، وتطور الأمر إلى اضطرابات سياسية، ومن ذلك الحين يستخدم السياسيون الكتب لتسجيل نقاط في معاركهم السياسية، وفي السنوات العشر الأخيرة قامت وزارة الإعلام الكويتية بارتكاب مجزرة أدبية -حسب تعبير العيسى- بمنع تداول الكثير من كتب الكتاب الكويتيين. 

الرقابة المتشددة على الكتب، تأتي بسبب عدم وجود معارضة قوية في الكويت

رواية بثينة العيسى "خرائط التيه" (2015)، منعت من النشر في العام التالي في "معرض الكويت"، كان تم منعها -حسب الكاتبة- بسبب مشهد يصور التحرش بطفل، لكن منع كتاب لا يعني امتناع الطلب عليه، بل يتم بيع الكتاب "تحت الطاولة" مما يعرض الناشرين للخطر، و"كأنهم يبيعون الهيروين لطلاب المدارس المراهقين". 

اقرأ/ي أيضًا: تحديًا للإرهاب.. معرض الكتاب على الأبواب في تونس

هناك روايات مُنعت لأسباب أقل شأنًا، مثل رواية "طعم الذئاب" لعبد الله البصيص التي تم منعها لتداولها ألفاظًا مثل "خراء" – حسب العيسى، في حين كانت روايته السابقة "ذكريات ضالة" ممنوعة أيضًا.

إحدى الروايات الكوميدية، وهي رواية "فئران أمي حصة" (2015)، التي كتبها سعود السنوسي الحاصل على "الجائزة الدولية للرواية العربية- البوكر" مُنعت، وقيل أيضًا إنها تضر بالنظام العام! 

تشير العيسى إلى أن الرقابة المتشددة التي سادت في العقدين الماضيين تأتي بسبب عدم وجود معارضة قوية في الكويت، فحتى الآن لم تستطع الجماعات العلمانية والليبرالية الكويتية أن تنظم صفوفها، وأن تقدم سردها الواضح والمباشر للناس. 

الرقابة على الكتب في الكويت لا تخلق مشاكل للكتاب والناشرين الكويتين فحسب، لكن لغيرهم من الذين تضرر سوقهم بشدة بسبب فقدان القراء في العراق وسوريا، فضلًا عن الأزمة الاقتصادية في مصر.

شريف يوسف رزق، رئيس فرع القاهرة لـ"دار التنوير"، يتواجد حاليًا في الكويت من أجل حضور المعرض، قال "إنه سوق مهم جدًا لأن نسبة القراء عالية"، وأضاف: "على الرغم من أنها قليلة السكان إلا أنها تحظى بنسبة قراء مرتفعة وقدرة شرائية عالية".

ويضيف أيضًا: "منذ افتتاح معرض الكويت هذا العام والناشرون متفائلون". رزق شاهد العديد من الكتب التي من شأنها أن تكون محظورة متاحة للبيع دون مشاكل هذا العام، خاصة لأن المسؤولين عن الرقابة تم تغييرهم إلى "إدارة احترافية وعقلانية"، وأعرب رزق عن دهشته بقوله إنه على الرغم من السماح ببيع رواية شكري المبخوت "الطلياني"، وروايات مترجمة مثل "لعبة العروش" لجورج مارتن مسموح ببيعها، إلا أنه من غير مسموح بخروجها من المخازن! 

تبدو المشاركة في معرض الكويت للكتاب مغامرة بالنسبة للناشرين والمشاركين فيه، فقد تقف الرقابة ضد الكتب في اللحظات الأخيرة، إلا أنهم يصرون على المشاركة فيه، ليس فقط بسببب الحقائق الاقتصادية التي باتت معروفة للكل، لكن أيضًا لأنه من الممكن دومًا التراجع عن هذه القرارات. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

رجل حزين يحاور الكتب في فرانكفورت

معرض الجزائر للكتاب.. كأن شيئًا ينقص