30-سبتمبر-2017

لافتات رفعها لبنانيون احتجاجًا على جريمة قتل ريا الشدياق (فيسبوك)

مزيارة أول بلدة لبنانية تطرد السوريين من بيوتهم علانية وبشكل رسمي وبالإجماع الشعبي، ومن هنا تبدأ حكاية النكوص السوري في بلد ضاق بهم وبخوفهم، والذي طغت رائحة الكراهية فيه ضد السوريين منذ اللحظة الأولى لهروبهم الجماعي إلى أراضيه..هو لبنان الصغير الجار الشقيق.

وجع السوري في لبنان ليس في كونه عدواً لكنها الذاكرة المشؤومة التي يحملها اللبناني وكم البغضاء التي نشرتها أطراف لبنانية عن السوري

هذا لا يعني أنني أدافع عن جريمة القتل البشعة، التي أدين فيها حارس سوري بقتل الشابة ريّا الشدياق التي كان يعمل لدى أهلها، ولكنها المشجب الذي طالما علقت عليه ذنوب الأفراد برقاب الجميع، والاقتصاص من كل السوريين بجريمة أحدهم هو ما يريده أصحاب لافتات الكراهية التي انتشرت في لبنان بأكمله منذ لحظة الفرار الأولى.

ولم ينقص السوريين النباهة في حمل أمتعتهم والهروب بعد أيام من عدم الخروج من بيوتهم خشية الانتقام، وتجنباً لإثارة حمية أي شخص في البلدة فهم جيداً يعرفون معنى الدم البريء، ولكن الخشية لديهم من أن كل لبنان صار يعج بأنفاس النفور منهم، وإن كان البعض يخجل كمواطن من قولها إلا أن الساسة طالبوا علانية بإعادتهم إلى بلادهم التي أصبحت آمنة كما قال الرئيس اللبناني ميشيل عون من على منبر الأمم المتحدة منذ أيام.

اقرأ/ي أيضًا: لاجئو عرسال.. هربًا من الحرب السورية إلى التوحش اللبناني

وجع السوري في لبنان ليس في كونه خصماً أو عدواً.. لكنها الذاكرة السقيمة والمشؤومة التي يحملها اللبناني، وكم البغضاء التي نشرتها أطراف لبنانية في أن من دخلوا لبنان هم حاضنة الإرهاب الشعبية وأهالي الإرهابيين، وأما ما يطفو على السطح فهي منافسة السوري للبناني في رزقه وعمله، وأنهم سرقوا كل المهن لأنهم يقدمون بضاعة رخيصة.

والحقيقة في عمل السوريين هي أنهم وفي كل مكان دخلوه لم يتسولوا أحدًا بل كان مثالاً غريباً صدم الغرب قبل الجار القريب في إتقانهم لعملهم، وسرعة اندماجهم في الأوساط التي دخلوها، وهم في أقصى أوروبا وتركيا كما هم في مصر والسودان أمناء على رزقهم ومجتهدون.

السوريون في غربتهم يدفعون ثمن الحرب في بلادهم وثمن الخوف من العودة إليها دون ضمانات حقيقية تحفظ أرواحهم وأرزاقهم

في مصر، صارت لديهم شوارع وأحياء ومثال ذلك مدينة 6 أكتوبر، التي تعرف أنها مدينة سورية في قلب مصر، ويشهد بذلك المصريون الذين يلتذون بمذاق الطعام السوري، ويشكرون نظافته وجودته ويفضلونه على الكثير مما تقدمه المطاعم المصرية إلا أنهم لم يتعاملوا مع السوري بندية ابن المهنة والمنافس، بل الشقيق الضيف الأمين العفيف.

في كل الأحوال لا عاقل سورياً كان أم سواه يرغب في العيش خارج وطنه إلى الأبد، ولكنه رهاب العودة وخشيتها، وعدم الأمان من العقاب عدا عن الذعر على الأبناء وحياتهم في وطن لم تأكل الحرب فيه البشر فقط بل أضرمت نارها في القلوب والعقول والأرواح، وهذا يحتاج إلى وقت طويل وحل سياسي لم تنعقد بعد فرص النجاح له.

السوريون في موتهم الآخر..في غربتهم يدفعون ثمن الحرب في بلادهم وثمن الخوف من العودة إليها دون ضمانات حقيقية تحفظ أرواحهم وأرزاقهم وإلا فأرض الله واسعة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فوبيا اللاجئين السوريين في لبنان.. عنصرية من الوزير قبل المواطن

لبنان: "جدار العار" يشعل جبهات الـ"سوشيال ميديا"