27-يوليو-2016

صورة لأحد فعاليات حملة "مانيش مسامح" (Getty)

لا تزال تشهد الحملة الشبابية "مانيش مسامح" أو "لا أسامح" انتشارا مستمرا بمختلف مناطق تونس عبر الوقفات الاحتجاجية التي نظّمتها طيلة الأيام الفارطة وذلك لإعلان رفضها مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي قدّمه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبّسي. حيث تتصدّر هذه الحملة الشبابية طليعة الرّافضين لهذا المشروع الذي انطلق البرلمان في مناقشته قبل أسبوعين، وأعلنت مؤخرًا حالة الطوارئ الشعبية. فكيف تشكّلت هذه الحملة؟ وما هي أهدافها؟

مع انطلاق البرلمان في مناقشة مشروع قانون المصالحة، استأنفت "مانيش مسامح" نشاطها ورصّت صفوفها من جديد لمواجهة السلطة لإسقاط هذا المشروع

في يوليو/تموز من السنة الفارطة، قدّم رئيس الجمهورية السّبسي مبادرة تشريعية من أجل تسوية ملفات الفساد المالي والاعتداء على المال العامّ إبان نظام بن علي والتي تورّط فيها رجال أعمال وموظفون سامون في الدّولة وذلك عبر إجراءات متعددة منها العفو عن بعض الجرائم.

اقرأ/ي أيضًا: مصر..النظام يختبئ خلف ميج-35

وسرعان ما لقيت هذه المبادرة رفضًا حاسمًا من أحزاب المعارضة التي اعتبرت أن الهدف منها هو الصفح عن رجال الأعمال الذين موّلوا الحملة الانتخابية لحزب نداء تونس الذي يُعرف بأنه الواجهة السياسية لنظام بن علي بعد الثورة وذلك بعد حلّ الحزب الحاكم السابق.

كما أعلنت هيئة الحقيقة والكرامة، وهي الهيئة التي تتولّى الإشراف على مسار العدالة الانتقالية بتونس، رفضها المطلق لهذا المشروع رامية إياه بعدم الدستورية ومعتبرة بأنه يمثل اعتداءً على صلاحياتها بموجب قانون العدالة الانتقالية في الذي يعطيها اختصاص معالجة ملفات الفساد المالي والاعتداء على المالّ العام. وأكدت هذه الهيئة أن هذا المشروع يضمن الإفلات من العقاب لمرتكبي أفعال تتعلّق بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام.

اقرأ/ي أيضًا: 4 معلومات عن صاحب أشهر موقع للتورنت تم القبض عليه

في خضم ذلك، أعلن مدوّنون وشباب مستقّلون عن بعث حملة شعبية بعنوان "مانيش مسامح" أو "لا أسامح" وأكدت أن هدفها الأساسي هو إسقاط مبادرة رئيس الجمهورية والالتزام بمسار العدالة الانتقالية وفق القانون المنظم له حيث لا مصالحة دون كشف للحقيقة والمساءلة كشرطين أوليين وذلك قبل التصالح مع رجال الأعمال المتورطين في ملفات الفساد المالي.

وتُعرف الحملة نفسها بأنها مبادرة مواطنية مستقلة مفتوحة على كل من يريد الانضمام إليها، وبأنها تعمل على تجميع كل المواطنين وكل المكونات السياسية والحقوقية والفكرية حول مهمة سحب قانون المصالحة. ودائمًا ما تؤكد الحملة على استقلاليتها عن مختلف القوى السياسية والحزبية.

وقد نظمت هذه الحملة أولى وقفاتها الاحتجاجية خلال الصيف الفارط في بطحاء محمد علي، أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وهي وقفة لاقت قمعا من قوات الأمن. وتلاحقت تباعًا الوقفات الاحتجاجية وانتظمت مسيرة وطنية جمعت أعضاء الحملة بأحزاب المعارضة الرافضة للمشروع، وهو ما أدى لاحقا لتجميد المبادرة التشريعية قبل عودتها للواجهة في الصيف الجاري.

ومع انطلاق البرلمان في مناقشة مشروع القانون قبل أسبوعين، استأنفت "مانيش مسامح" نشاطها، حيث رصّت صفوفها من جديد لمواجهة أخرى مع السلطة لإسقاط هذا المشروع. حيث أشرفت الحملة خلال الأيام المنقضية على تنظيم وقفات احتجاجية بعدد من المحافظات التونسية. وأعلن المسؤولون عنها ما أسموه بـ "حالة الطوارئ الشعبية" ضد مشروع القانون داعية إلى "التجنّد والالتزام بحالة التأهب القصوى إلى غاية إسقاط مشروع هذا القانون". فهل ستنجح الحملة في تحقيق هدفها؟

لا يزال البرلمان، حاليًا، في طور مناقشة المشروع، حيث قامت اللجنة البرلمانية المتخصّصة مؤخرًا بعقد جلسات استماع لعرض وجهات نظر رئاسة الجمهورية وهيئة الحقيقة والكرامة ورجال القانون والمنظمات المدنية حوله. وقد كشفت هذه الجلسات عن رفض واسع لمشروع القانون وسط تباين بين الأحزاب الحاكمة بشأنه.

في الأثناء، تتوجّه اهتمامات الجميع خلال الأيام الجارية لملف الحكومة حيث من المنتظر أن يقوم البرلمان نهاية الأسبوع الجاري بسحب الثقة منها لتشكيل حكومة جديدة. وفي ظلّ ذلك، تشدّد "مانيش مسامح" على أن أولويتها الدائمة تظلّ إسقاط مشروع رئيس الجمهورية الذي لا يزال مصرًّا على تمريره، رغم حجم المعارضة السياسية والمدنية له.

اقرأ/ي أيضًا: 

أهم 10 مؤتمرات قمة في تاريخ جامعة الدول العربية

"زيرو كريساج".. حملة مغربية لمحاربة الجريمة