10-أبريل-2017

من آثار تفجير الكنيسة في الاسكندرية (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لفرض حالة الطوارئ بعد انتهاء اجتماع ما يعرف بمجلس الدفاع الوطني، على إثر وقوع تفجيرين، صباح الأحد 9 نيسان/أبريل، في كنيستي مار جرجس، ومار مرقس بطنطا والإسكندرية، خلَّفا حوالي 44 قتيلًا، و126 مصابًا، وتبناهما تنظيم داعش الإرهابي.

يشكل إعلان السيسي لحالة الطوارىء مخالفة دستورية فاضحة نظرًا لعدم عودته إلى البرلمان أو صدوره عنه

ومن حق الرئيس المصري إعلان حالة الطوارئ، في أضيق الحدود، وفق قانون الطوارئ، وفي ظروف استثنائية تبرر ذلك مثل الحروب والكوارث والمخاطر الاستثنائية، التي يصعب على الدولة مواجهتها بالقوانين العادية، حسب نص المادة 154 من الدستور، التي تمنح رئيس الجمهورية "إعلان حالة الطوارئ بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وعلى النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه".

وتشترط المادة عينها "إذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه. وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمتد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس".

اقرأ/ي أيضًا: هكذا يصبح السيسي شرطي أوروبا على سواحل المتوسط

خالف السيسي القانون والدستور في إعلان حالة الطوارئ دون الرجوع إلى مجلس النواب، أو الحصول على موافقة أعضائه، معوِّضًا ذلك بإعلان القرار في خطاب رسمي، استعان فيه بعلي عبد العال، رئيس مجلس النواب، بحضوره الشكلي إلى جواره.

تواصل الترا صوت مع عدّة خبراء قانونيين، أكَّدوا أنّ تطبيق حالة الطوارئ دون الرجوع إلى النواب في جلسة رسميّة، حتى لو حضر رئيس البرلمان، يعدّ عوارًا؛ إذ إنها ليست من صلاحيات الرئيس.

لكن، على أية حال، ستفرض مصر حالة الطوارئ، وفقًا لخطاب السيسي، بحجة ضبط الأمن المفقود منذ وقت طويل، رغم الاعتقالات المتوالية، وحالات الضبط والإحضار والتقديم للمحاكمة دون سند قانوني، ورغم تفجير الكاثدرائية البطرسية، الذي هزّ القاهرة قبل أشهر.

تمنح حالة الطوارئ  السلطات التنفيذية، الحكومة والقبضة الأمنية، كثيرًا من صلاحيات السلطات التشريعية والقضائية، دونما رادع،  ما يجعل كل مواطن "فريسة عابرة"

وتمنح حالة الطوارئ السلطات التنفيذية، الحكومة والقبضة الأمنية، كثيرًا من صلاحيات السلطات التشريعية والقضائية، ما يجعل نطاق عملها خلال الثلاثة أشهر، التي حدَّدها السيسي، واسعًا جدًا، يشمل ضبط المواطنين المشتبه بهم في الشوارع، والتحفظ عليهم لفترات غير محدودة دون محاكمة أو قرار من النيابة العامة بتوجيه اتهام لهم، ومنع حقوق التجمع، أو التجمهر أو التظاهر أو الاحتجاج، أو التجوّل في أماكن محدّدة، أو في أوقات متأخِرة من الليل.

اقرأ/ي أيضًا: دعابات السيسي المحرجة.. "أهلًا" بالتفاهة

وفوق ذلك، توسِّع حالة الطوارئ نطاق حالات الاشتباه، وتمنح القبضة الأمنية سلطات أعلى تصل إلى حق الضبطية القضائية، ما يجعل كل مواطن "فريسة عابرة".

لدى مصر سجل تاريخي أسود مع حالة الطوارئ وما نجم عنها من تعسف بحقوق ومصائر أبنائها

على الأرض، تحتفظ حالة الطوارئ بفاعليتها باعتبارها إرثًا مصريًا قديمًا من تراث جميع الرؤساء السابقين، الذين كانت حالة الطوارئ وضعًا طبيعيًا بها، حفاظًا على كراسي الحكم والدولة البوليسية، إلا أنها قانونًا قد فقدت الكثير من فاعليتها بعد الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص المتعلق بـ"الاعتقال الإداري"، وتكمن فائدتها في منع الدخول والخروج من مناطق معينة. 
 
ولدى مصر سجل تاريخي أسود مع حالة الطوارئ، التي فرضت لأول مرة في دستور 1956، وعمل به جمال عبد الناصر ومن بعده السادات، الذي ألغاه عام 1980، واستعاده حسني مبارك لمدة ثلاثين عامًا شهدت أسوأ استغلال للقانون من خلال القبض العشوائي على المعارضين، واتساع نفوذ الداخلية إلى حد الطغيان على حصة الجيش من اهتمام الرئيس باعتبارها "حارس المُلْك" القابض على مفاصل الدولة بفضل "الطوارئ".

أفق ملغوم جديد يفرضه هذا الإعلان على الشارع المصري، وسط حالة حقوقية وأمنية لا يعوزها مزيد من التدهور وفي ظل حريات يشح الحديث عن ممارستها. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لجان السيسي الإلكترونية.. هيا إلى الكذب!

مصر والابتزاز السياسي.. عن متتالية "ريجيني المصري"