22-أبريل-2018

من أعمال لاريسا صنصور

تحت عنوان "ثلاثية الخيال العلمي" تستضيف "دار النمر للفنّ والثقافة"، في بيروت، منذ الحادي عشر من نيسان/ أبريل الجاري وحتّى السادس من حزيران/ يونيو المقبل، معرضًا للفنّانة البصريّة الفلسطينيّة لاريسا صنصور (1973)، يجمع ثلاثةً من أفلامها: "هجرة إلى الفضاء" (2009)، و"مبنى الدولة" (2012)، و"في المستقبل أكلوا من أرقى أنواع الخزف" (2016). بالإضافة إلى عددٍ من الصور الفوتوغرافيّة والتجهيزات الفنيّة وبعض المنحوتات.

تعرّي أعمال الفنانة لاريسا صنصور، على نحوٍ عميق، الاضطّرابات المختلفة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط

الفنانة لاريسا صنصور التي تُعرض أعمالها للمرّة الأولى في العاصمة اللبنانيّة بيروت، تُعرف باشتغالها الجدّي على تناول المواضيع الشائكة من حولها بطريقة مختلفة عزّزت من تفردها الفنّي عربيًا، مُتّخذةً من الخيال العلمي سبيلًا لذلك. هكذا، سوف تعرّي لاريسا صنصور على نحوٍ عميق الاضطّرابات المختلفة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، لتضعنا أوّلًا أمامها، وثانيًا أمام وسائل تعبيريّة مختلفة. وعلى هذا النحو، تأخذ الفنّانة لاريسا صنصور المتلقّي في رحلة إلى المستقبل الذي لا تفصله في أعمالها عن القضيّة الفلسطينيّة، ذلك أنّ هذه الرحلة تضعنا أمامه بطريقة غير مألوفة لنا أيضًا، وعلى الأرجح، فإنّ الهدف الأساسيّ للفنانة لاريسا صنصور من هذه الأعمال هو عملها على تحرير هذه القضيّة مما حوّلها إلى قضية مبتذلة ومكرّرة الاستخدام، الأمر نفسه بالنسبة لرموزها. ومن جهة أخرى، نجد أنّ الفنّانة أيضًا تُحاول هدم ما علق في وعينا من موروثات إزاء هذه القضيّة، عدا عن محاولات مواربة لقراءة مستقبلها أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: الفن الإسلامي.. تجريد وتحريف وتأمُّل

يتجلّى ما ذكرناه على نحوٍ دقيق في عملها البصريّ "هجرة إلى الفضاء" (2009). هنا، تُحيلنا لاريسا صنصور إلى صورة مختلفة للجوء والشتات الفلسطينيّين؛ صورة تبدو – عدا عن أنّها غير مألوفة – شديدة الوطأة على المتلقّي، ذلك أنّ الفتاة التي ترفع العلم الفلسطينيّ على سطح القمر ترفعهُ بصفتها لاجئة في الأخير. وبالتالي، يكون المشهد الذي لا يتعدّى 5 دقائق تأكيدًا على أنّ رحلة شتات الفلسطينيّ لا تنتهي، وآخذة بالاتّساع على نحوٍ مأساوي هذه المرّة، حيث تكون الأرض بأكملها مُغلقة في وجهه.

[[{"fid":"99591","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"لاريسا صنصور","field_file_image_title_text[und][0][value]":"لاريسا صنصور"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"لاريسا صنصور","field_file_image_title_text[und][0][value]":"لاريسا صنصور"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"لاريسا صنصور","title":"لاريسا صنصور","height":290,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

أمّا في فيلم "مبنى الدولة" (2012) تقدّم لاريسا صنصور مشاهد صادمة في مدّة زمنيّة لا تتعدّى 9 دقائق. هنا، تُعيد ابنة مدينة بيت لحم بناء وطنًا خاصًّا بأبناء جلدتها، ولكن على طريقتها الخاصّة والمُشبعة بالسخرية السوداء. ذلك أنّ هذا الوطن الذي تقدّمه كحلٍّ للقضية الفلسطينيّة وشتات الفلسطينيين، هو في الواقع ليس أكثر من مجرّد ناطحة سحاب ضخمة، وُزّعت المدن الفلسطينيّة على طوابقها. هكذا، سنجد طابقًا لمدينة القدس، وآخر لمدينة رام الله، يصلُ إليها سكّانها عبر المصعد الكهربائيّ الذي يتيح لهم زيارة بقيّة المدن ومعالمها خلال مدّة زمنيّة قصيرة.

في عملها الأخير "في المستقبل أكلوا من أرقى أنواع الخزف" (2016)، يحضر الخزف كهوية تدلُّ على الوجود الفلسطينيّ المتوغّل في القدم. ومن خلال الكوفية الفلسطينيّة التي نقشتها لاريسا صنصور على الأطباق الخزفيّة، توثّق هذه الهويّة، وترسّخ أيضًا لدى المتلقّي فكرة أنّ الخزف مرتبط بشكلٍ وثيق بالكوفيّة التي تمثّل هنا بدورها أيضًا الهويّة الفلسطينيّة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"نياشين" إبراهيم جوابرة

هاني عباس.. هل صعد اللاجئون سفينةَ نوح؟