04-مارس-2022

عناصر من كتيبة آزوف اليمينية المتطرفة (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

لطالما اعتبرت كتيبة آزوف الأوكرانية من أهمّ القوات المتطوّعة والتي يمكن الاعتماد عليها في المواجهات العسكرية والاشتباكات ضدّ الانفصاليين الموالين لروسيا، وضدّ القوات الروسية التي اجتاحت أوكرانيا منذ أيام. 

تمثّل الكتيبة خطرًا على السلم الأهلي في أوكرانيا بسبب الأيديولوجيا المتطرّفة التي يتنباها عناصرها بشكل علني

إلا أنّ هذه الكتائب المثيرة للجدل والمتهمة بارتكاب انتهاكات إنسانية جسيمة، قد تشكّل في لحظة ما أكبر تهديد للدولة الأوكرانية نفسها، وذلك بسبب التوجهات اليمينية المتطرّفة للمقاتلين فيها، والذين يصنّفون عمليًا بأنّهم نازيّون جدد، بحسب تقرير للغارديان البريطانية، نشر قبل سبع سنوات الذي نستعرض في هذا المقال أبرز تفاصيله. 

يوصف المقاتلون في كتيبة الآزوف الأوكرانية، بأنهم مسيحيون متشدّدون، معادون للسامية، وكارهون لليهود وللمسلمين على السواء، ومنكرون للهولوكوست، بمستويات متباينة في تطرفها ووضوحها، إلا أنهم جميعًا يحملون آراء سياسية متطرفة، حيث التصوّر السائد بينهم هو أنّ المعركة الكبرى ستكون في "كييف"، أي للسيطرة على الدولة وفرض تصوّرهم عن شكل الحياة الذي يجب أن يكون سائدًا في البلاد.

وحتى الشعار المعتمد لدى كتيبة آزوف، ليس ببعيدٍ عن شعار النازيّة، رغم أن قادتها يدعون أنّ الشعار يتألف من حرفين هما (N) و(I) متقاطعين، بمعنى "الفكرة الوطنية" (National Idea). لكن العلاقة بين أفراد هذه الكتائب ومجموعات النازيين الجدد ليست سرًا، والكثير من أفراد الكتيبة لا يرون في ذلك تهمة يلزم دفعها أو القلق بشأن تفنيدها، وذلك بحسب تقرير الغارديان.

أحد عناصر كتيبة أزوف الأوكرانية (Getty)

ومع بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا يوم الخميس الماضي، عادت كتيبة آزوف لتتصدر العناوين من جديد، حتى وصل الأمر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التلميح بأن وجود مثل هذه القوّات إلى جانب الجيش الأوكراني هو أحد دوافع بلاده إلى شنّ "العملية العسكرية الخاصة"، وذلك من أجل "تحييد السلاح الأوكراني ونزع فتيل النازية فيها" على حد تعبيره.

وفي الأيام الأولى للحرب، نشر الحرس الوطني الأوكراني مقطع فيديو يظهر فيه بعض عناصر كتيبة آزوف وهم يغمسون الرصاص بدهن الخنزير، وذلك من أجل استخدامها في قتل "الشيشان المسلمين"- حلفاء روسيا- والذين انضموا للقتال في الحرب إلى جانب القوات الروسية. كما كان لكتيبة آزوف حضور بازر في عمليات تدريب المدنيين وتجهيزهم لمواجهة القوات الروسية في حال تمكنت من الوصول إلى المدن.

 

 

ما هي كتيبة آزوف؟

كتيبة آزوف، هي فوجُ من المقاتلين المتطوعين ذات توجهات يمينية متطرّفة، يقدر عددهم بزهاء 1000 مقاتل، وهو قوميون متطرفون يعتقد أنّهم يحملون عقائد عنصرية نازيّة وأيديولوجيا تؤمن بتفوّق العرق الأبيض، وهي حاليًا جزء رسمي من الحرس الوطني الأوكراني. 

تأسست كتيبة آزوف كمجموعة قتالية من المتطوعين، في أيار/مايو 2014، من بقايا أفراد عصابة قومية متطرفة أوكرانية، ومجموعة أخرى من النازيين الجدد يعرفون باسم "التجمع الوطني للنازيين الجدد" (SNA). وتنخرط المجموعتان في حملات شرسة ضدّ الأجانب وللترويج للمثل النازية الجديدة، كما شارك عناصرها في أنشطة تستهدف اللاجئين والمهاجرين والغجر وغيرهم ممن يعارضون أفكارهم ويجابهونها.

إلا أنّ الكتيبة تشكّلت ونمت واستقطبت المئات، تحت عين الحكومة ورعايتها أحيانًا، وانخرطت عمليًا بالقتال ضدّ الانفصاليين الموالين لروسيا في دونيتسك شرق أوكرانيا، والذين أعلنوا استقلالهم في منطقتين اثنتين، وحازوا على اعتراف رسميّ من موسكو بدعوى الاستقلال.

وبعد تمكّن كتيبة آزوف من استعادة مدينة ماريوبول الإستراتيجية من الانفصاليين المدعومين من روسيا، تمّ ضمّها بشكل رسمي لتكون جزءًا من الحرس الوطني الأوكراني، وقد حصل ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، بعد أن نال عناصرها ثناء ودعمًا كبيرًا من الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، ووصفهم بأنهم "فخر محاربي أوكرانيا"، في حفل تكريم رسمي لهم في ذلك العام.

من هم قادة كتيبة آزوف؟

تنشط كتيبة آزوف تحت قيادة أندري بيليتسكي، وهو عضو وزعيم سابق في مجموعة "وطنيّ أوكراني" (Patriot of Ukraine) والتي تأسست عام 2005، ومجموعة النازيين الجدد الأوكران التي تأسست عام 2008، وهي المجموعة المتهمة بتنفيذ عدد من الهجمات العنصرية ضدّ الأقليات والمهاجرين في أوكرانيا.

وفي العام 2010، قال بيليتسكي: "إن الهدف القومي الأوكراني يتمثّل في قيادة الأعراق البيضاء في العالم في الحملة الصليبية الأخيرة، ضد الأعراق الأدنى بقيادة الساميين".

أندريه بيليتسكي (Getty)

ثم انتخب بيليتسكي عضوًا في البرلمان عام 2014، وانسحب من قيادة كتيبة آزوف عند دخوله معترك السياسة، إذ لا تسمح القوانين بأن يكون عضو البرلمان عضوًا في الجيش أو قوات الأمن. ومارس بيليتسكي العمل النيابي ودخل دهاليز السياسة، حتى العام 2019.

ويعرف بيليتسكي، البالغ من العمر 42 عامًا، بين أنصاره باسم "بيلي فوزد"، والتي تعني "الزعيم الأبيض" أو "الحاكم الأبيض". وقد أسس بيليتسكي في العام 2016 حزبًا أطلق عليه اسم "الكتائب الوطنية"، وهو حزب يميني متطرف تعد الكتيبة وأنصارها وعناصرها السابقون قاعدتها الأساسية.

كيف تطوّرت كتيبة آزوف؟

قبل أن تنضمّ كتيبة آزوف إلى الحرس الوطني الأوكراني وتصبح جزءًا رسميًا منه، كان قادتها يتلقون الدعم المباشر عن طريق وزير الداخلية الأوكراني عام 2014، وذلك بعد أن أدركت الحكومة وقتها أن قواتها لا تملك القوة الكافية لمواجهة الانفصاليين المدعومين من روسيا، ووجدت في الكتيبة العقائدية المتطوّعة فرصة سانحة لقلب قواعد اللعبة. وقد تلقت الكتيبة في سنوات تأسيسها الأولى دعمًا مباشرًا من رجال أعمال أوكرانيين، من أبرزهم إيغور كولومويسكي، وهو رجل أعمال ملياردير، صار لاحقًا حاكم إقليم دنيبروبيتروفسكا، إضافة إلى سيرخي تاروتا، وهو ملياردير، وحاكم لإقليم دونيتسك.

أيديولوجيا كتيبة آزوف

في العام 2015، إبّان انخراط كتيبة آزوف في اشتباكات دامية مع انفصاليين موالين لروسيا، أعلن الناطق الرسمي باسم الكتيبة، أندري دياشينكو، أن 10 إلى 20 بالمئة على الأقل من عناصر كتيبة آزوف نازيون، وأن من بين عناصر الفوج مقاتلون متطرفون من عدّة دول أوروبية. 

إلا أن الكتيبة تنفي علنًا تبنيها للايديولوجيا النازية، على الرغم من تبنيها لشعارات قريبة من شعارات النازية، إضافة إلى تفشي شعارات النازية المعروفة ورسومها بين عناصر الكتيبة، مثل الصليب المعقوف الأسود المرسوم على خلفية صفراء، والذي تدعي الكتيبة أنه رسم لحرفي (N) و(I) باللغة الإنجليزية، اختصارًا لعبارة "الفكرة الوطنية" (National Idea).

شعار كتيبة آزوف (ويكيبيديا)

وقد كشفت العديد من التقارير الصحفية المحلية والأجنبية، ومن بينها تقرير الغارديان، الذي تحدث معدوها مع عناصر من الكتيبة، عن اعتناقهم للأفكار النازية والعقائد العرقيّة المتطرفة، وهو ما يجعل أوكرانيا الدولة الوحيدة في العالم، التي تضمّ في قواتها المسلحة، فصيلًا كاملًا يتبنى بشكل صارخ النازيّة الجديدة، على حدّ تعبير تقرير في مجلة "ذا نيشن" الأمريكية في 2019. 

انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب

وفق تقرير للجزيرة الإنجليزية، صدر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقرير عام 2016 يتهم كتيبة آزوف بارتكاب انتهاكات جسيمة تشكل خرقًا لقانون حقوق الإنسان الدولي، وذلك في وقائع متعددة بين العامين 2015 و2016. وبحسب التقرير، فقد استخدمت الكتيبة السلاح ضد المدنيين، وأجبرتهم على النزوح، وصادرت ممتلكاتهم. كما اتهم التقرير كتيبة آزوف بارتكاب جرائم التعذيب والاغتصاب ضد معتقلين من إقليم دونباس.

كيف يتعامل المجتمع الدولي مع كتيبة آزوف؟

في حزيران/يونيو 2015، أعلنت كندا والولايات المتحدة أن قوات بلادهما لن تشارك في عمليات تدريب أو دعم لكتيبة آزوف الأوكرانية، وذلك بسبب ارتباطاتها بجماعات نازية متطرفة. إلا أن الولايات المتحدة تراجعت عن قرارها في العام 2016، تحت ضغط من البنتاغون

تتهم الكتيبة بارتكاب انتهاكات إنسانية جسيمة ضد المدنيين (Getty)

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2019، طالب أربعون عضوًا من الكونغرس الأمريكي وزارة الخارجية الأمريكية بإدراج كتيبة آزوف في قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية، وهي مطالبة تكررت في نيسان/أبريل الماضي وتم توجيهها إلى إدارة بايدن، دون اتخاذ أية خطوة عملية في هذا الاتجاه.

ما هو وضع كتيبة آزوف المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

في العام 2016، تمّ تصنيف كتيبة آزوف "منظمة خطرة" في فيسبوك، ووفق سياسات الاستخدام في المنصّة، فقد تم حظرّ الكتيبة بشكل كامل عام 2019، بعد إدراجها في "التصنيف الأول" لدى فيسبوك، الذي يشمل منظمات متطرفة مثل كو كلوكس كلان، وداعش، وهو ما يعني أن مجرّد انخراط أي مستخدم في الثناء على كتيبة آزوف سيتسبب بحظر محتواه أو التسبب في غلق حسابه.

في العام 2016، صدر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقرير يتهم كتيبة آزوف بارتكاب انتهاكات جسيمة تشكل خرقًا لقانون حقوق الإنسان الدولي

إلا أن تحولًا مفاجئًا طرأ في موقف فيسبوك في 24 شباط/فبراير، في اليوم الذي بدأ به الاجتياح الروسي لأوكرانيا، إذ تراجعت فيسبوك عن حظر التعليقات المؤيدة لكتيبة آزوف على المنصّة، وذلك في سياق انخراط الكتيبة في "الدفاع عن أوكرانيا، كجزء من الحرس الوطني الأوكراني"، وذلك بحسب تصريح المتحدث الرسمي باسم "ميتا" لمجلة "بزنس إنسايدر" الأمريكية.

 

 

 

*للمزيد من التفاصيل عن كتيبة آزوف الأوكرانية يمكن مراجعة هذه المصادر التي اعتمد عليها التقرير: 

Who are Ukraine’s far-right Azov regiment

Azov fighters are Ukraine's greatest weapon and may be its greatest threat

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أوكرانيا: قوات روسية تقترب من أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا

العقوبات الدولية على الاقتصاد الروسي.. ما تأثيراتها على المدى البعيد؟

الأمم المتحدة: مليون أوكراني فروا من بلادهم في أول أسبوع من الحرب