05-يونيو-2017

جانب من الدوحة في اليوم الوطني لدولة قطر (أرشيفية/Getty)

انقسام جديد لدول مجلس التعاون الخليجي تتزعمه أبوظبي وتتبناه السعودية وتمضي في ركبهما البحرين. ثلاثة دول من ستة هم أعضاء مجلس التعاون الخليجي، تعلن مقاطعة قطر في ظل رفض كويتي وابتعاد عُماني عن الخوض في الأزمات الخليجية دون داعٍ، إلا بالوساطة للصلح. ومن خلفهم رعايا السعودية ووكلاء الإمارات في كل من مصر واليمن وليبيا، وحتى جزر المالديف!

أمرٌ شبيه بدرجة ما بسحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة في آذار/مارس 2014، وفي تلك المرة كانت مزاعم القطيعة تدخل قطر في شؤون الدول الأُخرى ومناصرة جماعة الإخوان المسلمين، لكن هذه المرة جاءت المزاعم أكثر خطورة، وجاءت المقاطعة بصورة أكثر تدبيرًا وترتيبًا، لكن وكالعادة دون ما يثبت أي منها وبوفرة لما ينقضها، وليس أشهرها تسريبات رسائل سفير أبوظبي في واشنطن الأخيرة.

تصعيد مبني على التلفيق.. اجتهاد أبوظبي في الظلام! 

المقاطعة هذه المرة من حيث الوقت وترتيب الإعلان مختلفة بشكل كبير عن المقاطعة الأولى عام 2014، والتي تمت ببيان موحد ضد قطر من الدول الخليجية الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، وعرفت بـ"أزمة سحب السفراء"، وكان مبررها المزعوم "عدم التزام الدوحة باتفاق الرياض"، والذي لا يوجد نص رسمي له!

كان لافتًا للانتباه رد الفعل الأمريكي الذي أكد على قوة الشراكة بين الولايات المتحدة وقطر في التصدي للإرهاب

غير أن الصحف السعودية والإماراتية تنشر بين الحين والآخر بنود تقول إنها تعود للاتفاق، وقد ظهرت تلك البنود في الأزمة الحالية، ومن بينها "عدم التدخل في شؤون دول الخليج الداخلية، ومنع تجنيس المواطنين من دول مجلس التعاون، وإبعاد جماعة الإخوان المسلمين من أراضي قطر، ووقف التحريض في الإعلام القطري ضد دول المجلس وضد مصر"، وانتهت تلك الأزمة في أيلول/سبتمبر من نفس العام، في سياق ما عرف بـ"اتفاق الرياض التكميلي".

اقرأ/ي أيضًا: كيف كشفت مواقع التواصل تزييف العربية وسكاي نيوز.. القصة الكاملة

وخلال الأيام الماضية كان واضحًا أن الأمور تسير باتجاه التصعيد، إذ تسارعت الأحداث بشكل كبير من جهة أبوظبي والسعودية والبحرين ومصر ضد قطر. وكانت صحيفة القبس الكويتية قد نشرت الجمعة الماضية، ما أسمته المرحلة الثانية من الإجراءات ضد قطر، وتشمل "مقاطعة كاملة"، بحيث لا تُدعى قطر لأي مناسبات أو منتديات أو مؤتمرات في تلك الدول، سواءً كانت تخص مجلس التعاون الخليجي، أو في أي سياق آخر. يُضاف إلى ذلك منع الطيران القطري من التحليق في المجال الجوي لتلك الدول، بغرض تكبيد الدوحة خسائر مالية كبيرة.

تلك الخطوات التصعيدية جاءت عقب الحملة المفتعلة ضد قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بدايةً 24 أيار/مايو الماضي، باختراق موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، ونشر تصريحات مفبركة على لسان الأمير، والتي نفتها عدة مصادر رسمية قطرية، لكن وسائل الإعلام المتحاملة تجاهلت النفي واستمرت في حملتها. 

لم تفلح أبوظبي في صرف النظر عن فضيحة تسريبات العتيبة بحملتها ضد قطر

كان لافتًا للانتباه رد الفعل الأمريكي الذي أكّد على قوة شراكة الولايات المتحدة مع قطر المحتضنة لقاعدة العديد العسكرية الأمريكية، ففي 30 أيار/مايو أكّدت وزارة الخارجية الأمريكية على تطلع الولايات المتحدة لمزيد من التعاون مع قطر في التصدي للإرهاب، وصرح القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكية قائلًا: "واشنطن تنظر للدوحة باعتبارها شريكًا في جهود محاربة الإرهاب".

بعد ذلك بيوم، أي في 31 أيار/مايو يزور أمير قطر الكويت ملتقيًا بأميرها سعيًا في دعوة للعقلانية والتعقل. ثم في الثالث من حزيران/يونيو الجاري سُربت مجموعة رسائل من البريد الإلكتروني الشخصي لسفير أبوظبي في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، تكشف عن المحاولات الإماراتية الحثيثة لتشويه صورة قطر و"تحجيم دورها"، مع اتهام الكويت بتمويل الإرهاب! واليوم، الخامس من حزيران/يونيو تبدأ حملة المقاطعة لقطر.

إعلان المقاطعة ظهر وكأنه رد فعل تصعيدي ضد الدوحة، بدأ الأمر من البحرين صباح اليوم الاثنين 5 حزيران/يونيو ببيان يعلن مقاطعة قطر، واتهمت فيه الدوحة بدعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران لـ"التخريب" ونشر الفوضى في البحرين، ثم أصدرت السعودية بيانًا عقب بيان المنامة بدقائق، أعلنت فيه مقاطعة قطر أيضًا، وتلى ذلك بيانات شبيهة من الإمارات ومصر. لتجتمع كل هذه البيانات على قاعدة اغفال أي قراءة للحقائق والتغاضي عن طبيعة الموقف القطري المحارب للإرهاب، والناقد بشدة لدور المليشيات الإيرانية  والمدعومة إيرانيًا المقاتلة في المنطقة.

وأعلنت الدول الأربعة عدد من الخطوات التنفيذية ضد قطر، بدايةً من سحب سفرائها فيها، مرورًا بإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية في كل منها نحو 48 ساعة لمغادرتها، وغلق الحدود البرية والجوية والبحرية ومجالاتها أمام القطريين. لحقت بهم بعد ذلك "حكومات" مثل الدمية الإماراتية في ليبيا، حكومة الشرق الليبي بقيادة خليفة حفتر، وكذا الرئيس اليمني عبدربه هادي منصور الذي يعيش في السعودية. ثم في خطوة غريبة أعلنت كل من جزر المالديف وموريشيوس مقاطعة قطر!

من عجائبية التلفيقات ضد الدوحة اتهامها بدعم أطراف متناقضة ومحتربة فيما بينها أساسًا  

الجديد في قرار المقاطعة، أيضًا كانت تهمة دعم الإرهاب، والتي لم تذكر من قبل صراحة، ولكن كون بيانات الدول الأربعة لم تكن موحدة، وقعت تلك الدول في أزمة عدم الترابط، فأصبحت قطر وفقًا لمجموع بياناتهم تدعم أغلب الحركات ذات المرجعية الدينية في العالم الإسلامي السني والشيعي بكل فروعها، وتلك الجماعات وفقًا للبيانات الأربع، هي: جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والحوثيين في اليمن و"المجموعات الطائفية في القطيف"، وفقًا لتسمية البيان السعودي، وشيعة البحرين، وفوق كل ذلك التقارب والدعم الإيراني.

اقرأ/ي أيضًا: إيران وحماس على مائدة بروباغندا القرصنة السعودية - الإماراتية.. تصفيق لترامب!

ولم تكن المقاطعة على المستويات السياسية والدبلوماسية والتجارية فقط، ولكنها امتدت للمستوى العسكري بإعلان التحالف العربي المقاتل في اليمن، إنهاء المشاركة القطرية فيه، بزعم تعاملها مع مليشيات الحوثيين وتنظيم القاعدة، الاثنان في آن واحد، علمًا أن استحضار علاقة الدوحة بالحوثيين يعود لسنوات طويلة مضت أثناء حروبهم مع صالح وأدوار المصالحة الوطنية اليمنية التي حاولت الدوحة انقاذ اليمن من خلالها، ذات البلد الذي تقسمه أبوظبي اليوم وتزيد من التورط السعودي فيه، أما بشأن القاعدة في اليمن فأصبح التدخل القطري للإفراج عن رهائن لدى الإرهابيين وإنقاذ حياتهم إرهابًا وفق العرف المعتمد في حملة التحريض والمقاطعة الجارية ضد قطر!

وكعادتها هاجمت قناة العربية قطر، قائلة إن مشاركتها في التحالف العربي "لم تفلح في نفض الاتهامات ضدها بالضلوع في دعم مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة ولو من تحت الطاولة"، وفقًا للعربية، رغم أنّ القوات اليمنية الموالية للشرعية كانت قد أعلنت السبت الماضي، إصابة ستة جنود قطريين على الحدود السعودية اليمنية في إطار مشاركتهم في التحالف العربي الذي خطفته السعودية إلى غير ما كان يهدف له، وزادت الإمارات في تشتيت جهوده وعكس نتائجه.

من الذي يتدخل في شؤون الأخرين؟ ومن يدعم الإرهاب؟!

تأتي هذه الحملة التلفيقية ضد قطر في الوقت الذي يتردد فيه تعامل كل من الإمارات ومصر مع مليشيات عسكرية في دول عربية، فمن جهة تدعمان خليفة حفتر وما يواليه من قوات عسكرية في ليبيا ضد الأطراف الأُخرى المتنازعة، فضلًا عن المليشيا العسكرية التي تدعمها الإمارات في اليمن بعيدًا عن ساحة التحالف وأدوارها في أعادة تقسيم اليمن واختطاف الحراك الجنوبي وتوجيهه وفق إرادة مخابراتها ومستشاريها، ليس أولهم توني بلير ولا أخرهم محمد دحلان، وهناك كذلك الاتهام السوداني لمصر بدعم متمردي دارفور بالسلاح. يُضاف إلى ذلك أن السعودية، كانت تواجه حتى نهاية العام الماضي اتهامات مباشرة بدعمها للإرهاب، بخاصة هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، وإن خفتت نبرة الحديث حول الموضوع في ظل زيارة ترامب وصفقاته المليارية مع الرياض، لكن هذا لا يعني طي الملف إلى غير رجعة.

ففي أيلول/سبتمبر العام الماضي، وافق الكونغرس الأمريكي بشكل نهائي، متجاوزًا فيتو الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، على مشروع قانون عرف باسم "العدالة ضد رعاة الاٍرهاب"، ويعرف اختصارًا باسم "جاستا"، ويسمح للمحاكم الأمريكية بالنظر في قضايا تتعلق بـ"مطالبات ضد أي دولة أجنبية" ترتبط بعمل إرهابي. وفور صدور القانون انتقده ولي العهد السعودي محمد بن نايف، قائلًا إن "القانون الأمريكي ستترتب عليه تبعات سلبية بالغة لن يقبل بها المجتمع الدولي".

وفي آذار/مارس الماضي، رفعت أسر 850 من ضحايا و1500 من المصابين في هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، دعوى قضائية جماعية ضد حكومة المملكة العربية السعودية، بزعم أنها قدمت دعمًا ماديًا وماليًا لتنظيم القاعدة قبل سنوات من الهجوم على برجي التجارة العالمية ووزارة الدفاع الأمريكية - البنتاغون في ذلك اليوم. إذن فالاتهامات بتورط السعودية في دعم الإرهاب، منذ السنوات الأولى لتنظيم القاعدة وصولًا للحظة الراهنة؛ كثيرة وتتجاوز المنطقة للعالم.

للإمارات في ليبيا يد تعبث، وكذلك في اليمن التي تدعم فيها مليشيا مسلحة بعيدًا عن ساحة التحالف العربي، كما دعمت الانقلاب في تركيا، وعلى السعودية تهم دولية بدعم الإرهاب

أما الإمارات فليست أفضل سمعة فيما يخص التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولعل أبرز مثال لذلك ما حدث في مصر من دعم مباشر وواضح للانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، وباستضافتها للمرشح الرئاسي المصري الأسبق أحمد شفيق في حين كان الأخير متهمًا في بلاده ومحكوم عليه بالسجن. 

وفي ليبيا واليمن العبث الإماراتي بات مكشوفًا للجميع، فوفقًا لمنظمة سام للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، فإن سجونًا سرية في كل من مدن عدن والمكلا وسقطرى وحضرموت، اليمنية، تدار خارج القانون من قبل تشكيلات عسكرية ومليشيات تشرف عليها بشكل مباشر القوات الإمارتية في التحالف العربي، بعيدًا عن إدارة التحالف العربي.

ومن جهة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فقد اتضح تورطه المسلح المباشر في ليبيا دعمًا لطرف على حساب الآخر، مع اتهامات بدعم وتمويل متمردي دارفور في السودان. والسيسي نفسه قفز للحكم بعد الإطاحة بأوّل رئيس مدني منتخب في تاريخ الجمهورية المصرية، بدعم كامل من الإمارات والسعودية عبر انقلاب عسكري، دبر بليل أيضًا.

دعم القضية الفلسطينية جريمة في عرف أبوظبي!

النوايا المبيتة التي ظهرت مؤخرًا لدى الإمارات والسعودية، ومنذ سنوات لدى مصر، ضد قطر، تتركز بشكل كبير في تأييد الأخيرة واستضافتها لبعض من قادة حركة حماس، بالإضافة أيضًا إلى مواقف قطر الواضحة فيما يخص دعم القضية الفلسطينية بالمجمل وقطاع غزة المتروك وحيدًا تحت الحصار، والذي يبدو، أي الموقف القطري المساند لفلسطين أنه قد تسبب في إحراج تلك الدول، التي اعتبرت أن التحركات القطرية بمثابة انتقاص لها، وهي التي تجهد في زيارة تل أبيب والتنسيق معها، زيارة أنور عشقي مثلًا، آو استضافتها ورفع علمها تحت حجج بيئية وتنموية بمضامين استخبارية، كأبوظبي وتسترها بمشاريع الطاقة المتجددة مع إسرائيل! بل وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباري لها من داخل غزة تحت غطاء الهلال الأحمر الإماراتي في الحرب الأخيرة على الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة.

كما يُشار إلى أنّه قبل أيام قليلة تردد ترحيل قطر لعدد من قيادات حركة حماس، لكن الحركة نفسها أصدرت بيانًا نفت فيه ذلك على لسان الناطق باسمها حسام بدران، والذي قال إن "الحديث يتقاطع مع وسائل إعلام اعتادت ترويج معلومات وأخبار غير صحيحة عن الحركة".

تصدر أبو ظبي أزماتها وفضائح علاقاتها باللوبيات الصهيونية والتدخلات في دول المنطقة ضد إرادة الشعوب عبر اختلاق الأكاذيب بحق قطر

ومن حين لآخر كان اتهام حماس بأنها "تنظيم إرهابي" يظهر في الإعلام الإماراتي الذي يُسيطر على جزء كبير منه محمد دحلان الذي يشغل منصب المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. لكنه عاد للظهور مرة أُخرى مع زيارة ترامب للسعودية، فيما عرف بـ"قمة الرياض" التي خرج منها ترامب بنحو 400 مليار دولار من السعودية، إذ كان ترامب قد وصف حركة حماس بـ"الإرهابية" خلال تلك القمة، لتنتطلق أبواق أبوظبي لتدوير المقولة وترويجها منذ ذلك الحين.

ومن بين الأسباب الملفقة كدافع لقرار المقاطعة، استضافة الدوحة لعدد من أعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، وكذا معارضين مصريين آخرين من تيارات شتى ضاقت بهم الأحوال الأمنية في بلدهم بعد الانقلاب العسكري المدعوم سعوديًا وإماراتيًا. على الرغم من تصريح الدوحة مرارًا أنها لم تدعم ولا تدعم الإخوان، كما ترفض تصنيف أي تيار سياسي بالإرهاب لمجرد الاختلاف السياسي معه. يُضاف إلى ذلك مزاعم التقارب القطري الإيراني، رغم أنه من جهة أُخرى ثمة تقارب ملحوظ بين مصر وإيران وحلفائها في المنطقة في سوريا والعراق، وكذا علاقات اقتصادية قوية بين الإمارات وإيران تناهز عشرات مليارات الدولارات سنويًا، وكل ما فعلته الدوحة بهذا الشأن كان دعوتها المتواصلة لحل الخلافات الإقليمية بالحوار وتحميل كل طرف مسؤولية سياساته وممارساته.. .

رعاة الحملة.. أول الخاسرين

بشكل عام تسبب إعلان مقاطعة قطر بعدة هزات اقتصادية في كل دول الخليج، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط على إثره. ويبدو أنّ قلقًا كبيرًا أحدثته قرارات المقاطعة، خاصة وأن الكثير من الدول تستورد الغاز الطبيعي من قطر، التي أكدت بدورها التزامها بالاتفاقيات الموقعة. ومن بين تلك الدول اليابان، التي أكدت شركة "جيرا" المستوردة للغاز من قطر، أن الجانب القطري أبلغها بأنه "لا تأثير محتمل على إمدادات الغاز الطبيعي المسال"، كما قال مصدر روسي، إن بلاده لا ترى سببًا للقلق على صعيد الطاقة بسبب "الخلافات الخليجية". 

ومن جهة مصر، يُرجّح أن تكون أكبر الخاسرين إذا مسّ الأمر العمالة المصرية في قطر التي تعد رابعة دولة في استقدام العمالة من مصر، بإجمالي نحو 300 ألف مصر عامل فيها. لكن وزارة الخارجية القطرية، أكدت أن قرارات قطع العلاقات، غير المبررة، لن تمس حياة المواطنين والمقيمين فيها.

يتوقع أن تخسر السعودية نحو 7 مليارات ريال سعودي نتيجة قرارات المقاطعة غير المبررة

وعلى صعيد العلاقات التجارية، فيتوقع أن تخسر السعودية نحو 7 مليارات ريال سعودي، بالرجوع إلى إحصاءات التبادل التجاري بينها وبين قطر، إلى جانب أنه في قطر نحو 315 شركة بملكية سعودية كاملة، بالإضافة غلى 303 شركة برأس مالي قطري سعودي مشترك يبلغ نحو 1.252 مليار ريال سعودي.

اقرأ/ي أيضًا: اكذب ثم اكذب.. هكذا تشن حملة ضد قطر

أما الإمارات، فإنها تستورد الغاز القطري من خلال شركة "دولفين للطاقة" عبر مشروع بلغ إجمالي إنتاجه 6.1 تريليون قدم مكعبة من الغاز، من تموز/يوليو 2007 وحتى نهاية آذار/مارس 2016. على جانب آخر يبلغ عدد الرحلات الجوية بين البلدين في عام 2016، نحو 379 رحلة أسبوعيًا، عبر الطيران الإماراتي والخطوط الجوية القطرية، فيما يبلغ حجم التبادل التجاري بين قطر والإمارات نحو 26.1 مليار درهم.

كما أن المقاطعة التي أعلنتها الدول القريبة من قطر من المتوقع ان تسبب في استبدال الدوحة لهم ببديل آخر لتوريد الأغذية من أوروبا وآسيا، وأقرب تلك الدول ستكون كل من إيران وتركيا وربما الهند. وعلى موانئهما تنتظر كلًا من إيران وتركيا أن يعملا على إمداد قطر بالأغذية وما سيتأثر بسبب المقاطعة.

لا يشكل إيجاد موردين بدلاء للسلع التي تحتاجها الدوحة مصدر قلق لها، خاصة في ظل وفرة العروض في السوق العالمي

من جهتها استغلت إيران الموقف بشكل سريع، فنقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية، عن رضا نوراني، رئيس نقابة مصدري المحاصيل الزراعية في إيران، استعداد بلاده لتصدير المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية التي تحتاجها قطر، عبر ثلاث موانئ في جنوب إيران، وهي بوشهر وبندر عباس وبندر لنكه. واستعرض نوراني قدرة بلاده على شحن المواد الغذائية لقطر عبر المرافئ في غضون 12 ساعة فقط، مُقدرًا قيمة المواد الغذائية التي تستوردها الدوحة من السعودية والإمارات ومصر بنحو خمسة مليارات دولار.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية وإيران.. إنه النفط

وعلى المستوى الرسمي قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن "استخدام العقوبات في العالم المترابط اليوم كأداة، هو أمر فاشل ومرفوض وغير مقبول"، معربًا عن قلق بلاده من قرارات المقاطعة لقطر، وداعيًا إلى "الاتعاظ من التجارب المريرة في المنطقة، والرجوع إلى ضبط النفس".

ما يتضح من التعاطي القطري مع كل ما بدر ضد الدوحة وسياستها ومواقفها، أنها قادرة على الدفاع عن مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية وثورات الشباب العربي

في جوهر الأزمة.. فرح في تل أبيب

من الجلي أن  المبررات الواهية والمفتعلة للحملة العدائية ضد قطر، تدور حول دور قطر الإقليمي وحجمها الدولي، وما هذه الأزمة إلا محاولة مفضوحة من أبوظبي والرياض لفرض إرادتهما على الدوحة، بخاصة فيما يتصل بالعلاقة مع مصر وباقي تشكيلات الإمارات والسعودية ودماهما في البلدان العربية مثل ليبيا واليمن. كما لا يجب أن يغيب عن البال حجم الرضا الإسرائيلي عن هذه الحملة، فقد سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية لتبيان فوائد الخطوة لإسرائيل وتسهيل تحالفها مع محور الرياض - أبوظبي، كما اعتبر وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الخطوة فاتحة عهد جديد لإسرائيل وعلاقتها "بالجوار" العربي.

لكن ما يتضح من التعاطي القطري مع كل ما بدر ضد الدوحة وسياستها ومواقفها، أنها قادرة على الدفاع عما اتخذته من مواقف، بشكل خاص منذ ثورات الشباب العربي قبل ست سنوات، وأن الدوحة متمسكة بدفاعها عن حقوق الشعوب العربية وحرياتها وكرامتها دون أن تخفي ذلك أو تضلل حوله، وأن علاقتها بالقضية الفلسطينية علاقة التزام لا يهزها التهويل والفبركة المعتمدة في الحملة لتغطية علاقات أبوظبي وغيرها مع تل أبيب عبر اتهام الدوحة وتشويه صورتها بغير وجه حق كما أثبتت تسريبات العتيبة وترتيباته، المجرمة وفق الأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية، مع اليمين الأمريكي واللوبيات الصهيونية التي استقبلت الحملة ضد قطر بكل بشاشة. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

مغردون يرفضون قطع العلاقات مع قطر.. استهجان القرار وانتباه لبهجة إسرائيل به

الإمارات بين محاربة الإخوان وفوبيا الثورات