23-أبريل-2016

رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

نصّ الفصل 111 من الدستور التونسي على أنه "تنفذ الأحكام القضائية باسم رئيس الجمهورية"، ولذلك في أسفل كل سند تنفيذي لأي حكم قضائي، توجد عبارة بأن التنفيذ يتمّ باسم رئيس الجمهورية بما هو رأس السلطة التنفيذية، غير أن الرئيس في تونس قد يكون سببًا معطّلا لتنفيذ الأحكام القضائية.

حسب المكلفة بملف الأملاك المصادرة لحاشية نظام بن علي، تدخل قائد السبسي ومنع تنفيذ إذن قضائي متعلق بمصادرة عقار مملوك لصهر الرئيس المخلوع

قبل أيام قليلة، صرّحت القاضية ليلى عبيد، وهي وكيل رئيس المحكمة الابتدائية بتونس والمكلّفة بملّف الأملاك المصادرة المملوكة لحاشية نظام بن علي، بأن رئيس الجمهورية تدخّل شخصيًا ومنع تنفيذ إذن قضائي متعلّق بمصادرة عقار على ملك سليم شيبوب صهر الرئيس المخلوع بن علي. وبذلك انقلبت الصورة، فبدل التزام رئيس الجمهورية بتنفيذ الأحكام القضائية، وهي التي تصدر باسم الشعب، فقد حال بنفسه دون ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: هل سيتمّ تعديل دستور تونس؟

وسليم شيبوب هو زوج البنت الكبرى للمخلوع بن علي، وأحد أهم رجال الأعمال في عهده، غادر تونس في كانون الثاني/يناير 2011 ليستقرّ في الإمارات العربية المتحدة. ثم في خطوة مفاجئة، عاد إلى تونس في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 قبل أسبوع واحد من أول انتخابات رئاسية في البلاد بعد الثورة. وتمّ إيداعه مباشرة في السّجن على خلفية تنفيذ حكم قضائي في قضية حيازة سلاح ناري والإيقاف على ذمة قضايا أخرى، بلغت 11 قضية تتعلّق جميعها بالفساد المالي. وبعد تجاوز المدّة القانونية للإيقاف التحفظي ومع عدم الحسم في القضايا المتعلّقة به، غادر سليم شيبوب السّجن بداية السّنة الحالية.

وحول الأسباب المرجّحة لتدخّل رئيس الجمهورية شخصيًا لإيقاف تنفيذ إذن قضائي بمصادرة عقار على ملك شيبوب، يستذكر التونسيون قضية شركة "فواياجور" والتي كشف عنها تحقيق استقصائي سنة 2013، وورد ضمن أطرافها رئيس الجمهورية الحالي الباجي قائد السّبسي وسليم شيبوب. وكشف التحقيق حينها أن شيبوب هو مساهم أغلبي في هذه الشركة المتخصّصة في التنقيب عن النفط، حيث تمّت مصادرة أسهمه بعد الثورة وبيعها لشركة أخرى بعد موافقة لجنة وزارية في الحكومة التي يترأسها السبسي.

وكشف هذا التحقيق الاستقصائي حينها أن عملية البيع أشرفت عليها شركة محاماة مملوكة لشقيق الباجي قائد السبسي، الذي كان بدوره مستشارًا في هذه الشركة، وهو ما كشف تضارب مصالح بين منصب السبسي كرئيس للحكومة من جهة وصفته كمستشار في شركة المحاماة المملوكة لشقيقه من جهة أخرى، خاصة وأن مقر الشركة التي اشترت أسهم شيبوب هو نفسه مقرّ شركة المحاماة. وفي وقت لاحق، صرّح رئيس لجنة الأملاك المصادرة المملوكة لحاشية بن علي بأن عملية البيع لم تكن شفافة. وبذلك، يُرجّح بأن العلاقات الشخصية التي تجمع بين السبسي وشيبوب وتشابك مصالحهما المالية في الفترة السابقة هي التي جعلت السبسي يتدخل لمنع تنفيذ حكم قضائي ضدّ حريفه السابق.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا فشل قائد السبسي في أوساط الشباب التونسي؟

يستذكر التونسيون قضية شركة "فواياجور" والتي كشف عنها تحقيق استقصائي سنة 2013 وفيها شبهة تورط الباجي قائد السبسي وسليم شيبوب

وبالعودة إلى تصريحات القاضية ليلى عبيد، التي قالت كذلك إن "السبسي تدخل لمنع تنفيذ حكم قضائي آخر ضدّ عياض الودرني، آخر مدير ديوان في عهد بن علي"، فقد كذّبها مستشار رئيس الجمهورية في وقت لاحق. كما اعتبر محامي شيبوب بأن تصريح القاضية هو ردّة فعل منها بعد تقديم طلب تجريح ضدّها.

من جهتها، شدّدت القاضية ليلى عبيد بأن تدخّل رئيس الجمهورية تمثّل عمليًا بإصدار أوامر لقوّات الأمن بعدم التنفيذ بالقوّة رغم صدور إذن قضائي باستخدام القوّة العامّة لتنفيذ الحكم القضائي. وأضافت أن رئاسة الجمهورية هي سبب منع تنفيذ الحكم على عكس رئاسة الحكومة التي لم تمانع في ذلك، حسب قولها.

وفي هذا الجانب، تأتي هذه الحادثة في ظلّ الجدل حول مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء الذي صادق عليه البرلمان، ويرفضه طيف واسع من القضاة، إذ يعتبرون أنه لا يكرّس استقلالية السلطة القضائية. ولايزال يعوّل القضاة أن تقضي هيئة قضائية وقتية بعدم دستورية هذا القانون لإسقاطه.

اقرأ/ي أيضًا:

خمس سنوات من الثورة التونسية.. مسار الالتفاف

لساسة تونس من زلات اللسان نصيب