04-مارس-2017

جيجي حديد على غلاف "فوغ آرابيا"

التكريس النمطي أيضًا يأتي من الفن. ما فعلته مجلة "فوغ" آرابيا في أول إصدار لها باللغة العربية، لم يخرج عن كونه "تحجير" صورة المرأة العربية. فظهور العارضة الأمريكية - الفلسطينية جيجي حديد على غلاف المجلة بالحجاب، محاولة لم تخرج عن التكريس، كأداة أولى في إغواء تراكيب ثقافية عن المراة العربية، كمحجبة، حتى لو كان هذا الحجاب رمزيًا وفيه تصدير لجمالية شكلية.

ما فعلته مجلة "فوغ" آرابيا في أول إصدار لها باللغة العربية، لم يخرج عن كونه "تحجير" صورة المرأة العربية

فالحجاب في صورة الإعلام هو صورة معاكسة لما جاءت حديد لقوله، او كما يحاول المشرفون على المجلة. وهو خطأ يقع فيه كل فنان عربي، يحاول أن يعاكس الصورة فيقع ضحية النمطية نفسها، حتى لو كانت النوايا بريئة. فليست المرأة العربية، عبارة عن امرأة محجبة. وليست جيجي حديد من تمثل المرأة العربية. لا يكفي أن تكون الفتاة من أصول نصف فلسطينية ليتم الترويج لها على أنها نموذجًا.

أقرأ/ي أيضًا: "سودانيات ضد الحجاب".. اغتيال المعارِضات بالفبركة

كان يكفي من المجلة أن تكون أكثر احتكاكًا بالمجتمع العربي. أكثر قربًا منه وأكثر بعدًا عن برجوازية "صحافية" تستخدم أساليب معلبة لخوض إصدارها، على أنه "بوست مودرن" للثقافة العربية. وكان العدد الأول من المجلة المخصصة للعالم العربي، صدر منذ أيام وعلى غلافه حديد، مرتدية الحجاب. وتزامنًا مع هذا الإصدار نشرت Vogue بالإنكليزية آخر أعدادها، الذي ظهرت حديد أيضًا بصورة شبيهة على غلافه الخارجي.

كان يكفي من مجلة "فوغ" أن تكون أكثر احتكاكًا بالمجتمع العربي. أكثر قربًا منه وأكثر بعدًا عن برجوازية "صحافية" تستخدم أساليب معلبة

ويبدو أن المجلة التي ساهمت في إطلاقها الأميرة السعودية دينا الجهاني عبد العزيز، تحاول الإنخراط في الواقع العربي، والتأثير على شرائح كانت بعيدة عنها في الماضي، من خلال ثيمة العدد الأول "إعادة بناء التصورات"، لكن هل اعادة بناء التصورات تأتي بهذا الشكل؟. لا تبدو المجلة موفقة أكثر من بعدها التسويقي والتجاري، فهي لم تناقش صورة المرأة أكثر من تأطيرها. وتشبه تجربة "فوغ" استخدام السينما الأمريكية وجهًا معروفًا بأصوله اللبنانية، سلمى حايك، من أجل الترويج لفيلم جبران خليل جبران "The Prophet" في لبنان والعالم العربي.

وكتبت حديد على حسابها الخاص على إنستغرام: "أن يكون هناك مجلة ذات بعد عالمي، هو شيء جميل جدًا، خصوصًا أنها ستساهم في بناء مجتمع للعاملين في مجال الموضة، لا يوجد فيه أي حدود، كما أن المجلة ستسمح لنا بالاحتفال بهذا التنوع الثقافي الذي يحمله العالم". أضافت: "أن أكون نصف فلسطينية، وأظهر على أول عدد من Vogue Arabia، فهذا يعني لي الكثير. أتمنى أن تظهر هذه المجلة الجديدة، مستوى آخر من عالم الموضة، لديه الرغبة في تقبل جميع الثقافات والأزياء، ويعتمد على تمثيل الناس بطريقة تكون على صلة بحياتهم".

إصدار جديد لمجلة ليست جديدة إلا بنسختها العربية، يحمل في عدده الأول مؤشرات تحريرية ونمط بصري لا ينبئان إلا بمزيد من إعادة إنتاج صور متهالكة للمرأة العربية بعيدًا عن إحداث أية نقلات تلامس متطلبات واقعها. 

أقرأ/ي أيضًا:

عن أحجبة الاستهلاك وطبائع الاستملاك

غضب افتراضي من سعودية نزعت حجابها ونشرت الصور