11-سبتمبر-2017

بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان (Investig Action)

وسط ظلالٍ تُلقى على تنصيب محمد بن سلمان ملكًا للسعودية، مع احتمالية احتفاظ والده بلقب خادم الحرميْن الشريفين، أفاد موقع هيئة البث الإسرائيلي "مكان"، بأن أميرًا من البلاط السعودي زار تل أبيب سرًا خلال الأيام الأخيرة.

ولخَّص الموقع أسباب الزيارة في "بحث فكرة دفع السلام الإقليمي إلى الأمام مع كبار المسؤولين الإسرائيليين"، علمًا بأن المفاوضات الإسرائيلية العربية في ذلك السياق مستمرة منذ أكثر من عام، عبر وسطاء أبرزهم أنور عشقي، جنرال المخابرات السعودي المتقاعد.

كشف موقع إسرائيلي عن إجراء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، زيارة سرية لتل أبيب خلال الأيام الماضية

عزَّز تلك المعلومات ما قاله مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن "تعاون غير مسبوق في التاريخ مع الدول العربية في شتى المجالات والوسائل والمستويات".

اقرأ/ي أيضًا: السعودية تستأنف رحلة تطبيعها الكامل مع إسرائيل.. تل أبيب محبوبة "العرب"!

ورغم ما نشره الموقع الإسرائيلي، لم تُصدر المملكة أي نفيٍ رسمي حول ما تم تداوله حتى الآن، رغم انتشار تلك الأنباء بشكل واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية، مع تأكيدات على أن هناك اتجاهًا واضحًا لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات الجيدة بين إسرائيل وسعودية ابن سلمان، الأمير الذي تتردّد أنباء عن قرب وصوله إلى كرسي الملك بإزاحة لوالده متفق عليها مُسبقًا، وذلك رغم أن الرياض رسميًا، عضو في مكتب مقاطعة إسرائيل التابع لجامعة الدول العربية، ولا تقيم أي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

هذا وقد قدّمت السعودية خطة سلام أقرّتها الجامعة العربية عام 2002، تعرف باسم "المبادرة العربية للسلام"، لكن يبدو أنها ستتراجع عنها الفترة المقبلة، لحساب مكاسب أكبر للطرف الإسرائيلي في مقابل التسريع في تدشين علاقات رسمية بين الطرفين، فيما يبدو أنه يأتي في سياق الحرب التي لا تنتهي بين السعودية وإيران.

وكشف موقع "إن آر جي - NRG" الإسرائيلي، أمس الأحد، عن اسم الأمير الذي زار تل أبيب سرًا الأيام الماضية، وهو محمد بن سلمان، الذي التقى في زيارته، بحسب الموقع، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان برفقته وفدٌ أمريكي رفيع المستوى، إلى جانب وفد سعودي على رأسه أنور عشقي، الجنرال السعودي السابق، والمقرب من القصر الملكي، وعراب التطبيع مع إسرائيل كما بات يُعرف.

واستندت صحف تل أبيب في الخبر الذي نشرته، إلى موقع يدعى "IUVMONLINE"، كشف تفاصيل الزيارة، مؤكدًا أن وفدًا أمنيًا كبيرًا رافق محمد بن سلمان في الزيارة، وجاء ذلك على لسان محلل سياسي إسرائيلي، هو "آريل كاهانا".

وتحدثت صحفيتان إسرائيليتان عن تلك الزيارة التي أجراها ولي العهد السعودي إلى تل أبيب مؤخرًا، الأولى "أنا أهرونيم"، المراسلة العسكرية بصحيفة جيروزاليم بوست، في تغريدة على تويتر قالت فيها: "أمرٌ مثير. تقارير عن زيارة ولي محمد بن سلمان إسرائيل الأسبوع الماضي".

بينما كتبت الصحفية نوجا تارنوبولسكي، المتخصصة بالشأن الإسرائيلي، عبر حسابها على تويتر: "كان الأمير ابن سلمان في زيارة سرية إلى إسرائيل"، دون الكشف عن أي تفاصيل جديدة.

لماذا يُسلّم محمد بن سلمان لنتنياهو؟

حسب تقرير الموقع الإماراتي، فإن ابن سلمان اضطر لتسريع وتيرة اعتراف السعودية بإسرائيل، لإقناع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بمنح السعودية، التي تواجه أزمة مالية خفية جارية؛ ضمانات مالية.

وتحت وسم (هاشتاغ) "#ابن_سلمان_زار_إسرائيل"، غرد مجتهد، الحساب الشهير المعارض للنظام السعودي على موقع تويتر، تعليقًا على الخبر بعدما حاول تعزيز صحته بعدّة أدلة، قائلًا: "يظنون الشعوب رُوّضت لتقبل التطبيع، لعلهم يفاجؤون برد فعل لم يحتسبوه".

وأفاد موقع 360 الإسرائيلي، أن ابن سلمان زار إسرائيل في إطار البحث عن "بدائل اقتصادية تعزّز مواجهة أزمة بلاده الاقتصادية"، مُضيفًا أن الجانبين اتفقا، إلى جانب دفع التطبيع، على تطوير أفق التعاون في الطاقة والنفط والنقل والبضائع وغيرها من الأغراض الاقتصادية، ضمن رؤية 2030، وكان تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للجانب السعودي، خطوة أولية للتقارب بين البلدين.

ولضمان تجارة مستقرّة، جدَّدت إسرائيل أكثر من مرة طلبًا بمد خط سكة حديد يربطها بالسعودية، ينطلق من حيفا إلى الرياض، وتمرّ بعدة عواصم خليجية.

بالإضافة إلى دفع عملية التطبيع، تضمنت زيارة ابن سلمان لإسرائيل التشاور حول تطوير أفق التعاون في مجالات اقتصادية متنوعة

الغريب أن التطبيع المأمول لعدّة دول عربية وفق شروط إسرائيلية، تجري اجتماعاته خفية، ومن بينها كان لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله بن الحسن، ونتنياهو، بحضور وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، في 2016.

اقرأ/ي أيضًا: تيران وصنافير في الصحف الإسرائيلية: "السعودية ملتزمة بمصالح تل أبيب" 

ورغم خزي الحكام العرب من إعلان تلك المفاوضات التي تجري فيما يبدو على أشدّها، لا تسعى إسرائيل لإخفاء العلاقات الواسعة مع السعودية وغيرها من الدول العربية، بل تحتفل بها عبر تسريبها لوسائل إعلامها ووسائل إعلام أخرى غربية، خاصة أنها أحيانًا دعائية لإرهاب إيران، التي تمثل الخوف المشترك الذي يربط السعودية وإسرائيل معًا، فيما يبدو أنه تهديد بأنّ هذا التحالف سيظهر واضحًا حال اشتداد الخطر الإيراني على أحدهما.

ليست الزيارة الأولى

تظهر صحف إسرائيل حماسًا غير مسبوق لمحمد بن سلمان وليّ العهد السعودي؛ إذ كشفت أنه زار تل أبيب سرًا لأول مرة في عام 2015، عندما كان لا يزال وليًا لولي العهد، كما أنه يلتقي بشكل دوري مع مسؤولين إسرائيليين، بحسب هذه الصحف. فضلًا عن أنّ دوائر صنع القرار الإسرائيلي، رحبت بتعيينه وليًا للعهد بعد انقلابه على محمد بن نايف، قائلةً إن "التغييرات الأخيرة في النظام السعودي ترحي بترحيب ورضا".

وقالت صحيفة هآرتس، إن ابن سلمان "بشرى لإسرائيل"، بسبب "مواقفه الحازمة من إيران وحزب الله، التي تجعل منه شريكًا في الحرب على المحور الفارسي"، وذلك بعد قيادته التحالف السعودي في اليمن، والذي يلقى فشلًا متتاليًا على أرض المعركة.

وفي ذلك الوقت، سارع وزير الإعلام الإسرائيلي، أيوب قرا، للترحيب بابن سلمان، مبديًا تفاؤلًا بصعوده لولاية العهد: "أتمنى تدفع الخطوة عملية السلام بين الرياض وتل أبيب"، داعيًا نتنياهو لدعوة ابن سلمان لزيارة إسرائيل "كما دعا بيجن السادات".

تبدي إسرائيل على مستوى وسائل الإعلام ودوائر صنع القرار، حماسًا وترحيبًا غير مسبوق بمحمد بن سلمان

وكشفت هآرتس عن لقاءات دورية تجري في العقبة بين ضباط سعوديين وإسرائيليين في غرفة الحرب المشتركة، المعروفة باسم "موك"، بموافقة بل تحت إشراف محمد بن سلمان، بصفته وزير الدفاع.

العرَّاب.. أنور عشقي

يعرف أنور عشقي، الجنرال السعودي المتقاعد، بـ"عراب التطبيع" مع إسرائيل؛ وهو الذي كان قد قال في حوار سابق: "العالم الإسلامي يطبع مع إسرائيل إذا طبَّعت السعودية".

اقرأ/ي أيضًا: "عرّاب التطبيع".. أنور عشقي يعترف بمؤامرة السعودية وإسرائيل

ويدير أنور عشقي تطبيع السعودية مع إسرائيل منذ عام 2015 على أقل تقدير، عبر بوابة العدو المشترك، إيران، بعلاقاته مع دور غولد، المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية، ومؤلف كتاب "مملكة الكراهية: كيف دعمت المملكة العربية السعودية الإرهاب العالمي الجديد"، الذي ربما تراجع عن رؤيته لحساب مصالح جديدة بين الطرفين.

منذ 2015 على أقل تقدير، ويدير أنور عشقي ملف التطبيع السعودي مع إسرائيل، بسلسلة من الزيارات التي أجراها لتل ابيب

والتقى وفد سعودي بقيادة أنور عشقي مع وفد إسرائيلي بقيادة غولد في الهند في ذلك العام، لتبدأ سلسلة من الزيارات السعودية السريّة إلى تل أبيب؛ ففي تموز/يوليو 2016، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن زيارة قام بها أنور عشقي إلى القدس للقاء غولد، ويوآف مردخاي، مسؤول التنسيق الأمني بالضفة الغربية، في فندق الملك داود واصطحب الجنرال السعودي بعثة أكاديمية ورجال أعمال سعوديين، وهو ما يؤيد رؤية الحلف الاقتصادي المقبل مع تل أبيب.

اقرأ/ي أيضًا: عشقي في إسرائيل.. السعودية تُشهر التطبيع

وبعد ذلك توالت الزيارات السعودية، عن طريق أنور عشقي، إلى تل أبيب تمهيدًا للزيارة الأهم، التي عرفت مؤخرًا هُويتها وبطلها: محمد بن سلمان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تطبيع أبوظبي والرياض مع إسرائيل.. اتهمْ قطر لتنجو بجريمتك!

المطبعون.. ليسوا منا ولسنا منهم