28-مايو-2018

عمل فني عن فرناندو بيسوا

ألترا صوت - فريق التحرير

عن "المركز الثقافي العربي" صدرت حديثًا مجموعة قصصية للكاتب البرتغاليّ فرناندو بيسوا تحت عنوان "حكايات منطقية" ترجمة المغربيّ سعيد بنعبد الواحد. وضمّت المجموعة أربعة قصص بوليسية كتبها بيسوا باللغة الإنجليزية بين عامي 1906 و1907، وأضاف إليها في الفترة نفسها نصًّا نظريًا حول الكتابة البوليسية. وصدرت هذه النصوص للمرّة الأولى في سنة 2012، مُحقّقةً من الباحثة البرتغالية آنا ماريا فريطاش التي قامت بتوثيقها وترتيبها وفقًا لخصوصيات مسودّات فرناندو بيسوا التي توجد في المكتبة الوطنية البرتغالية.

سعيد بنعبد الواحد: لا نعرف الكثير عن فرناندو بيسوا الذي يكتب السرد في جنسي الرواية والقصة

"ألترا صوت" التقى بمترجم العمل سعيد بنعبد الواحد الذي أكّد لنا في حديثه أنّ ترجمته لهذه المجموعة تندرج ضمن مشروع ترجمة الأعمال السردية الكاملة للكاتب البرتغالي، الذي لم تحظ بعد أعماله النثرية بما تستحق من اهتمام في العالم العربي. وأضاف: "نحن نعرف الشاعر البرتغالي من خلال دواوينه المترجمة منذ سنوات ونعرف أيضًا فلسفته وفكره من خلال كتاب اللاطمأنينة، لكننا لا نعرف الكثير عن بيسوا الذي يكتب السرد في جنسي الرواية والقصة. لقد كان له مشروع واسع في هذا المجال قد يضاهي ما ألّفه معاصروه في لغات أخرى. وبدأت ملامح هذا المشروع السردي تظهر منذ بداية الألفية الثالثة بعد أن كشف الدارسون البرتغاليون الذين حققوا مخطوطاته عن عدّة وثائق تشكّل أعمالًا تخييلية كاملة رغم ما يعتريها من ثغرات ومشاكل عملية ترتبط بطبيعة الوثائق التي خلّفها بيسوا محفوظة في المكتبة الوطنية البرتغالية".

اقرأ/ي أيضًا: "يوميات" بيسوا.. أن تعيش حياة شخص آخر

وأشار بنعبد الواحد الذي سبق وأن ترجم عدّة كتب لفرناندو بيسوا أنّ الأدب البوليسيّ عند الأخير يشكّل ذريعة تخييلية لطرح قضايا وإشكالات نفسية وفلسفية لم يتناولها بإسهاب في كتابته الأخرى، مثل الشذوذ، والحرية، والسياسة، وغيرها. مؤكّدًا أنّ الترجمة هي الطريقة المثلى لإشراك أكبر عدد من الناس في متعة القراءة وقلق ما تطرحه علينا من أسئلة. وأنّ القارئ لا يخرج من عوالم بيسوا كما دخلها، لأن صاحب "كتاب اللاطمأنينة" من طينة أولئك الكتاب الذي يفاجئونك دائما بفكرة ثاقبة أو سؤال ملغز لا جواب له بين دفتي الكتاب الذي تقرأه.

فرناندو بيسوا

في العودة إلى قصص المجموعة الأربعة، نجد أنّ صاحب "الباب وقصص أخرى" قد وضعنا في بداية المجموعة إزاء بورتريهًا متكاملًا لشخصية المفتّش "ويليام باينغ"، وهو المُحقّق في مختلفة القضايا التي تظهر في قصص المجموعة الأربعة التي تختلف، وبحسب سعيد بنعبد الواحد، شكلًا وحجمًا. غير أنّ ما يربطها ببعضها هي تقنية الاستنتاج المنطقي الذي يعتمده المفتش باينغ في تحرياته. ويشير بنعبد الواحد إلى أنّه منطق حدسي أوّلًا، وتحليلي بعد ذلك، قبل أن يكون تركيبًا وخلاصة تكشف عن اللغز الذي يطرح عند بداية كل قصة وقضية.

وحول النص النظريّ الذي جاء ضمن المجموعة تحت عنوان "القصّة البوليسية" يخبرنا سعيد بنعبد الواحد أنّ هذا النصّ يُبرز نظرة فرناندو بيسوا لهذا الجنس الأدبي من خلال قراءاته المتنوعة وذوقه المتميز. ويضيف محدّثنا أنّ آراء بيسوا في هذه الدراسة غير المسبوقة في تاريخ الأدب البرتغالي، تنمّ عن تعطّش الكاتب للجديد ورغبته في اقتحام آفاق إبداعية أكثر رحابة، كما تكشف عن معرفته العميقة بكُتّاب هذا النوع من النصوص وتقديره لجنس أدبي لم يكن يحظى وقتئذ باحترام الأدباء المكرسين والنقاد المتميزين من أبناء جيله.

آراء بيسوا في دراسته حول القصة البوليسية غير مسبوقة في تاريخ الأدب البرتغالي، وتنمّ عن تعطّش لاقتحام آفاق إبداعية أكثر رحابة

اقرأ/ي أيضًا: غاستون باشلار وفرناندو بيسوا.. حياة حالمة في سبيل الإبداع

هكذا وضع فرناندو بيسوا تعريفه المبدئي لفن القصّة البوليسية. والتي ينبغي أن تكون في نظره قصّة جيدة قبل كل شيء، يشكّل الخيال مكونها الأساس، وتكون أحداثها في خدمة متعة فكرية تُعتبر تمرينًا للذهن وتحديًا للمنطق.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رواية "حب الضياع": من نفحات رومانسيّة القرن الـ19

أفونسو كروش.. لقاءات شخصية مع أبطال "الجريمة والعقاب" و"فهرنهايت 451"