22-ديسمبر-2016

يقبل طلبة الجزائر على دراسة أكثر من تخصص جامعي(فائز نور الدين/أ.ف.ب)

باتت كلّ محافظة جزائرية تقريبًا، من المحافظات الثماني والأربعين، تتوفّر على جامعة متعدّدة التخصّصات، علمية وإنسانية، بل إن بعض المحافظات تتوفر، بالإضافة إلى الجامعة، على معهد أو مدرسة وطنية في تخصّص معيّن، وهو وضع قرّب بين بيت الطالب والحرم الجامعي، علمًا وأن "الدّيوان الوطني للخدمات الجامعية" يوفّر غرفة للطالب الذي يبعد مقرّ سكناه عن جامعته أكثر من خمسين كيلومترًا، ويوفر النقل لمن هو أقل من ذلك.

يقبل بعض الطلبة في الجزائر على دراسة أكثر من تخصص جامعي إما في الجامعة نفسها أو في أكثر من جامعة

هذا الوضع "المريح"، أسّس لعدّة ظواهر جامعية، منها إقبال نخبة من الطلبة على دراسة أكثر من تخصّص دفعة واحدة، إمّا في الجامعة نفسها وإمّا في أكثر من جامعة، لأسباب مختلفة، يلخصها لنا الجامعي وليد بورزاح، في رغبة من يفعل ذلك في الحصول على أكثر من شهادة، حتى يضمن وظيفة بعد التخرّج. "باتت البطالة متفشية في أوساط الجامعيين، وهو ما يشكّل هاجسًا مؤرّقًا، والحصول على أكثر من شهادة جامعية يزيد من حظوظ التوظيف، إن لم يوظف في التعليم مثلًا، وُظِّف في الإعلام".

اقرأ/ي أيضًا: عن جدل إلغاء التخصص في البكالوريوس الجزائري..

وأشار بورزاح إلى أن هناك نسبة من هؤلاء، تنساق إمّا وراء الشغف العلمي، بدراسة أكثر من تخصّص، "هناك نوع من الطلبة يملك الرغبة الفعلية في الإبحار العلمي"، وأخرى وراء التفاخر الاجتماعي، "يعتقد البعض أن الحصول على أكثر من شهادة، يضيف مجدًا له ولعائلته"، وأخرى وراء التكامل العلمي، "هناك من يراهنون على تخصّص معيّن، فيعمدون إلى دراسة تخصّصات أخرى ذات صلة به، لتعزيز معارفهم". يشرح: "من المفيد لطالب العلوم السياسية مثلًا أن يدرس الاقتصاد أو الإعلام أيضًا، ولطالب علم الاجتماع أن يدرس علم النفس".

ويُشير محدّثنا إلى أن الظاهرة متفشية في أوساط الطلبة أكثر من الطالبات، "فالطالبة براغماتية جدًّا، تفضّل أن تركز على تخصّص معيّن، لتحصل فيه على أعلى الشهادات، ففي الوقت الذي نجد فيه طالبًا حاصلًا على ثلاث شهادات، في ثلاثة تخصصّات، مستوى ليسانس، نجد طالبة في مثل سنّه، وقد نالت شهادة البكالوريا/الثانوية العامّة معه في العام ذاته، دكتورة في تخصّص واحد، وهو ما يضاعف حظوظها في أن تصبح أستاذة جامعية، أو خبيرة في مجال تخصصّها".

اقرأ/ي أيضًا: المكتبات الجامعية في الجزائر.. منتهية الصلاحية

وعن تجربته الشخصية، يقول وليد بورزاح، الذي يعدّ من الموسيقيين الشباب، إنه حصل على شهادة البكالوريا عام 2009، واختار العلوم السّياسية، ثم تخصّص في النزاعات الدولية، "ولأنني شغوف بالإعلام، فقد شاركت في مسابقة على مستوى "المدرسة الوطنية العليا لعلوم الإعلام والاتصال" وتخصّصت في السّمعي البصري، ووسائل الإعلام الحديثة". يتحدّث عن التجربة: "كان من الصّعب جدًّا التوفيق بين هذه التخصّصات وسط برامج مكثفة وامتحانات كل ثلاثة أشهر، غير أنني استفدت كثيرًا من زاوية الدقة في تنظيم الوقت والزّاد الأكاديمي".

يدرس الطلبة في الجزائر أكثر من اختصاص من أجل أسباب عدة منها الشغف العلمي أو التفاخر الاجتماعي أو بهدف التكامل العلمي

ويتوقع بورزاح أن تتراجع الظاهرة في السنوات القليلة القادمة، بالنظر إلى أن وزارة التعليم العالي، لم تعد تسمح بالتسجيل في أكثر من تخصّص، بالبكالوريا نفسها. "لقد بات الرّاغب في تخصّص آخر مطالبًا أن يحصل على بكالوريا جديدة، وهو معطى متعب لن يستجيب له إلا ذوو الإرادات الصّلبة، وسيدفع إلى إنعاش ظاهرة شبيهة، هي الإقبال على نيل شهادات إضافية من معاهد ومدارس ومنظمات خاصّة لا تشترط ذلك".

في هذا الباب بالذات، يقول المدوّن أسامة حميدة إنه اختار العلوم السّياسية، تزامنًا مع بدايات الثورة التونسية ليفهم ما يجري في محيطه، "أعجبت بالسّياقات الدراسية التي كانت تجمع بين التاريخ والسّياسة والاقتصاد والفلسفة، وتمكنت من اكتساب منهجية تحليل الظاهرة السّياسية بعيدًا عن التناول الشعبوي، وأنا فخور بكوني اجتهدت في دراستي من غير التفكير في وظيفة أو مال".

في مقابل ذلك، "كنت مهووسًا بالتقنية، فعمدت إلى دراسة البرمجيات، لدى جهة خاصّة، وناضلت من أجل أن أوفّق بين التخصّصين، حتى أصبحت أصمّم مواقع للزبائن، وأنا سعيد بأنني نلت شهادة جامعية في العلوم السياسية، وأزاول عملي في التخصّص الثاني، من غير الخضوع لإدارة من الإدارات".

اقرأ/ي أيضًا: 

أي مستقبل لدراسة العلوم السياسية في الجزائر؟

"الفنون الجميلة" غير معترف بها في الجزائر؟