10-سبتمبر-2018

أثارت المطالبة بإعدام العودة إدانات واسعة (Getty)

بعد عام كامل على اعتقال الداعية سلمان العودة، أبرز رموز تيار الصحوة الديني في السعودية، بدأت المحكمة الجزائية، المختصة بمحاكمة المتهمين بالإرهاب وقضايا أمن الدولة، بعقد جلسات سرية لمحاكمة الداعية المعتقل. وأكد حساب "معتقلي الرأي" المهتم بملف المعتقلين في السعودية، أن النيابة العامة طالبت بإعدام العودة تعزيرًا، بعدما وجهت له 37 تهمة متعلقة بالإرهاب.

 شملت لائحة الاتهام الموجهة للعودة: تأليب المجتمع على الحكام، وإثارة القلاقل، ودعوته لتغييرات جذرية في الحكومة السعودية، وكذلك، إشرافه على "ملتقى النهضة"

وكانت صحيفة عكاظ السعودية قد نقلت الخبر حول العودة، معرفة إياه بـ"مساعد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" المصنف ككيان إرهابي في السعودية، موجهة له تهم الإفساد في الأرض بالسعي المتكرر لزعزعة بناء الوطن وإحياء الفتنة العمياء، ويُطلق على هذه التهمة في السعودية "الإرجاف"، وهي ذات التهمة التي أعدم على إثرها الشيخ نمر النمر في عام 2016.

كما شملت لائحة الاتهام الموجهة للعودة: تأليب المجتمع على الحكام، وإثارة القلاقل، ودعوته لتغييرات جذرية في الحكومة السعودية، وكذلك، إشرافه على "ملتقى النهضة" الذي يراه النظام الحاكم في السعودية ملتقى يدعو للخلافة في الوطن العربي.

ولم تخل القائمة، بالطبع، من اتهامات متعلقة بالثورات العربية ومحاولة زج السعودية في ثورات داخلية، مستشهدة بدعم العودة للحركات الاحتجاجية في مصر وتونس وسوريا ومختلف البلاد التي حدثت فيها الثورات، كما تتهمه ببعض القضايا الأمنية، خاصة دعوته لخروج السجناء على الإعلام وشرح قضاياهم.

اقرأ/ي أيضًا: أحكام الإعدام في مصر والسعودية.. خنق المعارضة بالجملة

أما أغرب القضايا الموجهة للعودة، فهي ما كشف عنه نجله عبد الله في تصريحات صحفية، حيث قال إن من بين التهم الموجهة لوالده: "عدم الدعاء لولي الأمر بما فيه الكفاية، وأنه استقبل رسالة في هاتفه تُحرّض على ولي الأمر"، كما يُتهم الشيخ بحسب نجله بحيازة بعض الكتب المحظورة في مكتبته، وكذلك مشاركته في تأسيس منظمة النصرة في الكويت، التي أسست لمناهضة الصور المسيئة للنبي محمد.

على صعيد آخر، لقيَ الخبر ردات فعل سلبية في قطاعات واسعة من المجتمع السعودي والعربي، كما انتقد عشرات المشاهير والدعاة حول العالم هذا القرار الذي وصف بالظالم والجائر، وبأنه يفتقد لأدنى درجات العدل والمصداقية.

وقال عبد الله العودة نجل الداعية، وهو باحث في ما بعد الدكتوراه بجامعة ييل الأمريكية، إن التهم الموجهة للشيخ العودة صادمة وبشعة وغريبة جدًا، مؤكدًا أن المحاكمة صورية وتفتقر إلى العدل.

وأضاف أن "السلطات أجرت الجلسة الأولى سرًا لأنها تنتهك جميع القوانين وتتم بشكل مخزٍ قد يفضح السعودية أمام الرأي العام، لو تمت علنًا".

من جهته غرّد نهاد عوض مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير"، على صفحته في موقع تويتر، قائلًا: "‏إلى الإخوة الساسة والعلماء والقضاة في المملكة العربية السعودية: السلام عليكم، أوقفوا هذه المهزلة! أتقتلون رجلًا يقول ربي الله؟ أتقتلون رجلًا قال اللهم ألف بين قلوبهم لخير شعوبهم؟ ما عرفت عن هذا العالم الجليل إلا حبه لدينه ووطنه وللإنسانية. #سلمان_العودة_ليس_إرهابيا".

أما الصحفية اليمنية توكل كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2011، فقد قالت على صفحتها في موقع تويتر: "#سلمان_العودة_ليس_إرهابيًا الذين يحاكمونه هم الإرهابيون والمستبدون والطغاة".

فيما قال حساب "freedom" المهتم بملف المعتقلين السياسيين في مصر على صفحته في موقع تويتر: " لم يفعل الشيخ سلمان العودة أي شيء، وكان في السجن دون ذنب لمدة سنة كاملة! الآن النيابة العامة تريد منه أن يواجه عقوبة الإعدام! المزيد والمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا."

من جهته، قال الداعية السعودي المقيم في لندن سعيد بن ناصر الغامدي، في تصريحات صحفية، إن الدعوى لقتل العودة تعزيرًا تأتي ضمن "إشاعة المزيد من التخويف والإرهاب لعموم الناس، وللعلماء والدعاة والمصلحين والناصحين وحتى أفراد الأسرة الحاكمة". كما وأشار الغامدي إلى الدور الذي تلعبه السعودية في تحقيق الخطط الأمريكية المدعومة من اللوبي الصهيوني في واشنطن، مؤكدًا على أن السعودية ستقدم الكثير من "البشاعات" في سبيل تحقيق هذه الأغراض.

وغرد الكاتب التونسي أبو يعرب المرزوقي على صفحته الرسمية في موقع تويتر، قائلًا: "العودة، محاكمته مؤذنه بنهاية أحمق الحرمين".

واتفق الشاعر المصري عبد الرحمن يوسف، مع التغريدات السابقة، على صفحته الرسمية، مغردًا: "الشيخ الجليل #سلمان_العودة يحاكم بتهم باطلة... جريمته الحقيقية أنه لم يقبل أن يكون #العريفي #وسيم_يوسف #العفاسي #علي_جمعة #سلمان_العودة_ليس_إرهابيا"

أما على المستوى الشعبي، فقد تصدر وسم #سلمان_العودة_ليس_إرهابيا قائمة الأكثر تداولًا في عدة دول من الوطن العربي أهمها مصر، والذي تضامن المغردون عليه مع الداعية المعتقل في السعودية، ردًا على اتهام الشيخ بالإرهاب، ومحاولة زعزعة أمن المنطقة، ودعم المنظمات المحظورة في السعودية.

وقد حاولت الحسابات الوهمية المؤيدة للنظام السعودي "المعروفة بالذباب الإلكتروني"، إيصال وسم #سلمان_العودة_إرهابي إلا أنهم فشلوا حتى في الوصول إلى ذيل قائمة الأكثر تداولًا.

يذكر أن حملة الاعتقالات التي شملت الشيخ العودة قد بدأت في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر 2017، على إثر خبر نشرته العديد من وسائل الإعلام، يفيد بإجراء اتصال هاتفي جمع بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من أجل الجلوس على طاولة الحوار، وحل الأزمة الخليجية. فما كان من الشيخ العودة إلا أن بارك هذه الخطوة، ودعا الله أن يؤلف بين قلوب الحكّام لما فيه الصلاح والخير لشعوبهم، وهو ما قامت السلطات السعودية على إثره باعتقاله رفقة الداعية عوض القرني.

ويبدو أن هذه الخطوة في مسار انتهاك حقوق الإنسان والتعبير شجعت السلطات السعودية على بدء حملة اعتقالات كبيرة ضد رموز "تيار الصحوة"، أكبر تيار ديني في السعودية، والتي استمرت لأكثر من شهرين، وأسفرت في النهاية، بحسب منظمات حقوقية، عن اعتقال أكثر من 250 شخصية، ما زالوا يقبعون في السجون حتى اللحظة، تحت ظروف معيشية وصحية صعبة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اعتقالات بالجملة في السعودية.. هل يشعل طيش ابن سلمان حراك "15 سبتمبر"؟

بين سلمان الداعية وسلمان الأمير.. فوضى لأجل العرش