17-فبراير-2017

قوات من الداخلية المصرية خلال محاولتها لفض إحدى التظاهرات (بيتر ماكيديارميد/Getty)

كعادة أي دراما إنسانية في مصر، تتحوَّل إلى مأساة. وكعادة أي مأساة تسببها الشرطة، تتم تبرئة القاتل، ويتحول المجني عليه إلى متهم، ومطلوب للعدالة، سيتم تقديمه للمحاكمة فورًا.

عادة أي مأساة تسببها الشرطة في مصر، أن تتم تبرئة القاتل، ويتحول المجني عليه إلى متهم، ومطلوب للعدالة، سيتم تقديمه للمحاكمة فورًا

في محافظة المنوفية بمصر، تعرض سائق "توك توك" يدعى محمد عبد الرازق لإطلاق نار من قِبل أحد ضباط الشرطة - يحمل رتبة نقيب - جراء مشادة كلامية جرت بينهما، وهرب الضابط خوفًا من فتك الأهالي به. تم التقاط فيديو للسائق وهو في حالة حرجة بأثر الطلقة النارية التي اخترقت جسده، حتى أن المجموعات التي أحاطت به لقّنته الشهادة اعتقادًا منها أنه سيفارق الحياة، لكن شيءًا ما، ربما في علم الغيب، قدّر له أن يحيا لوقت أطول، وربما ينتقم في أحد الأيام، بينما حاولت أغلب الجهات تنويم الأزمة وتشويه الضحية، كما تعاملت في السابق مع قضية عادل دربكة، السائق المقتول على يد أمين شرطة بالدرب الأحمر، وخالد سعيد، شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير.  

وقالت مصادر طبية تتابع حالة سائق التوك توك الصحية، إنه مستقر بعد إسعافه بعدّة أكياس دم ويخضع لعملية جراحية الآن بمستشفى قصر العيني في شبين الكوم، أحد أحياء المنوفية، التي تلقّب بـ"مصنع الرؤساء"، نظرًا لانتماء أغلب رؤساء مصر – في الأصل – إليها.

اقرأ/ي أيضًا: السلطات المصرية تغلق أشهر مركز لتأهيل ضحايا العنف

الزوجة تروي تفاصيل "ضرب النار"

قالت دعاء إبراهيم، زوجة السائق المصاب، وفق صحف محلية، إن زوجها خرج في العاشرة صباحًا إلى عمله، لكن ضابط مرور أوقفه، فحاول الهروب لأنه لا يملك أوراقًا رسمية لـ"التوك توك"، الذي لا يزال "عليه أقساط"، وفق قولها. لم يفوِّت ضابط المرور فرصة المطاردة، واستخدم سلاحه، وأطلق عليه رصاصة في الرأس.

وأضافت: "زوجي يعاني من نزيف داخلي، انقلوه من مستشفى قصر العيني بشبين الكوم أو احضروا أطباء له، فلا يوجد أي اهتمام به، والرصاصة في الفقرة الأولى والثانية من العمود الفقري، هو معملش حاجة غلط، هو طالع على باب الله، وعنده فيروس سي، وطالع عشان يأكلنا، هو خاف التوك توك يتسلم وميرجعش مرة تانية والتوك توك عليه أقساط، ملناش غيره أنا وعيالي".

اقرأ/ي أيضًا: مجدي مكين.. خالد سعيد جديد

الضابط "محمي بالقانون"

لم يحرِّك أقارب سائق التوك توك المجني عليه دعوى جنائية ضد ضابط المرور، الذي أطلق الرصاصة في رأسه لانشغالهم بحالته الصحية، والاطمئنان عليه، كما أكّد شقيقه، إلا أنهم سيطالبون بمحاكمته مع تعويضهم ماديًا ومعنويًا عمّا جرى.

وبالتفتيش وراء الضابط المتهم في قضية إطلاق النار على سائق التوك توك، قررت نيابة مصرية استدعاءه لاستكمال الإجراءات، ودون تحقيق مع الضحية أو شهود العيان، قررت إخلاء سبيل المتهم، المدعو أحمد عبد المنجي، بكفالة خمسة آلاف جنيه.

وعلَّق متابعون بأن "5 آلاف جنيه هي ثمن المواطن المصري من وجهة نظر النيابة"، واعتبره البعض خالد سعيد جديدًا إلّا أنّ القضية وجدت طمسًا إعلاميًا من جانب الصحف والبرامج، الموالية للنظام المصري، والمعروفة بمناصرتها للقبضة الأمنية.

إعلام النظام يشوّه الضحايا.. كعادته

انطلقت ماكينة الشائعات والتشويه الإعلامي ضد المجني عليه. وبدأت الحملة من صحيفة "البوابة نيوز" المصرية، المعروفة بصلاتها بأجهزة أمنية، حيث جرَّدت المتهم من حقوقه القانونية باعتباره "مسجل خطر". وقالت على لسان مصدر أمني، لم تحدّد اسمه أو أي معلومات عنه، أنّ السجل الجنائي لسائق التوك توك به يضم 10 قضايا سابقة، منها مقاومة سلطات وضرب ومخدرات، مؤكّدة أن المجني عليه صدم الضابط أولًا، وحاول دهسه.. ومن هنا بدأت واقعة الاعتداء عليه بالرصاص الحي، إلا أنّ الفيديو المسجّل بعد هروب الضابط، وروايات الشهود تثبت عكس ذلك.  

وفي محاولة لإخراس زوجته، أكَّدت المصادر ذاتها أن زوجته متهمة في ثماني قضايا سرقات عامة، لكن محاولة الابتزاز النفسيّ والتشويه تلك لم تدخل على أحد، فظلّت زوجته تحارب من أجل حقه.

اقرأ/ي أيضًا:

 القبائل السيناوية.. عصيان مدني ضد الداخلية المصرية