03-أكتوبر-2017

تستمر الإمارات في أنشطتها العسكرية غير الشرعية والمنتهكة للقرارات الدولية (محمد هلال/ Flickr)

مرة أخرى، تعود دولة الإمارات لتتصدر واجهة التقارير الصادرة عن لجان أممية، والمرتبطة بانتهاكات عقوبات دولية، والتي تكشف عن دعمها لمنظمات مدرجة على لائحة الإرهاب الدولية في تصنيفات الأمم المتحدة، ما يفضح زيف الحملة التي شنتها أبوظبي مؤخرًا بالاشتراك مع ثلاث دول عربية لحصار دولة قطر بذريعة دعمها لمنظمات إرهابية، والتي انقلبت لاحقًا ضدها بعد حجم التسريبات المظهرة لزيف الادعاءات التي ساقتها أبوظبي لتضليل الرأي العالمي.

كشف تقرير أممي سري عن استمرار انتهاكات الإمارات للقرارات الدولية، بأنشطتها العسكرية في إريتريا رغم حظر مجلس الأمن لذلك

أنشطة عسكرية إماراتية في إريتريا

ونقل موقع الجزيرة الإخباري عن تقرير أممي سري صادر عن خبراء في الأمم المتحدة، يكشف استمرار انتهاكات الإمارات للعقوبات الدولية المفروضة على إريتريا، متمثلة في استمرار أنشطتها العسكرية، المنطوية على نقل العتاد والأفراد والتدريب، وهو ما يُمثّل "انتهاكًا للقرارات الدولية"، بتعبير التقرير.

اقرأ/ي أيضًا: مترجم: "مافيات" الثورة المضادة بقيادة أبوظبي من واشنطن (2/2)

وأظهرت صور التقطت عبر الأقمار الصناعية، متابعة الإمارات إنشاء قاعدتها في إريتريا، لافتًا لتوقف الإمارات عن إرسال "الإشارات الخاصة بنظام التعرف الآلي (إيس)" منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2016، فضلًا عن التقاط صور لآليات عسكرية، وسفن إنزال وهجوم سريع.

ويشكل التقرير إدانة واضحة للإمارات بانتهاكها لقرار مجلس الأمن رقم 1907 الصادر نهاية عام 2009، ويُحظر بموجبه على إريتريا شراء الأسلحة، وتجميد أموالها وأصولها المالية ومواردها الاقتصادية بسبب تقارير تزعم تقديمها الدعم لحركة الشباب الصومالي المبايعة لتنظيم القاعدة، مطالبًا الدول الأعضاء الالتزام بمقررات القرار.

الإمارات عراب السلاح الممنوع في دول الأزمات

ويكاد يكون التقرير الذي اطلع عليه موقع الجزيرة، صورًة شبه مماثلة عن تقرير سابق للأمم المتحدة صدر في حزيران/يونيو الماضي، يشير لوقوف أياد إماراتية وراء دخول معدات عسكرية لقوات خليفة حفتر، الذي انقلب على حكومة الوفاق الوطني الليبية. وأورد التقرير أنه تتبع تسليم شحنات مروحيات قتالية مصنوعة في بيلاروسيا إلى الإمارات، بيّنت صور وجودها في قاعدة الخادم الجوية معقل قوات حفتر.

وتحدثت تقارير سابقة عن الدور السلبي الذي لعبته الإمارات في ليبيا، كان من بينها تزويدها خليفة حفتر بعتاد عسكري تضمن طائرات عمودية هجومية من طراز (إم آي 24 بي) بيلاروسية الصنع، بالإضافة لاستعانة حفتر بمرتزقة من شركة "بلاك ووتر" لقيادة طائرات إماراتية. كما أن الإمارات تعاقدت مع الشركة للاستفادة من مقاتلين صوماليين قامت بلاك ووتر بتدريبهم، ضمن برنامج "مكافحة الإرهاب"، ويوجد اعتقاد أن بعضهم متواجد في ليبيا.

انتهاكات الإمارات تصل إلى الصومال

وأماط التقرير الأممي اللثام عن تورط الإمارات أيضًا في ممارسات تخرق القانون والقرارات الدولية في الصومال. وتوصل التقرير إلى دلائل تشير إلى أن حادثة اختطاف ناقلة النفط "أريس 13" الإماراتية قبالة سواحل بونتلاند الصومالية من قبل قراصنة، قبل أن يُفرج عنها مع طاقمها بوساطة محلية دون تقديم فدية مالية، تبيّن للخبراء أنها قد تكون شاركت بنقل أسلحة غير مشروعة للصومال، بعدما صوّرت طائرة استطلاع تبادل قاربين صغيرين اقتربا منها شحنات مع السفينة.

ولم تقف انتهاكات أبوظبي للقوانين الدولية عند شحنات الأسلحة، إنما تعدتها بالوصول لتعاون اقتصادي مع الصومال رغم الحظر المفروض على تصديرها للفحم، حيثُ اكتشف الخبراء تزوير أبوظبي لشهادات منشأ لشحنات فحم مصادق عليها من سفارة جيبوتي. ويقول التقرير إن الشحنات تجاوز مجموعها عشرة آلاف طن.

وكان مجلس الأمن قد أصدر في شباط/فبراير 2012، القرار رقم 2036، والقاضي باتخاذ الدول الأعضاء تدابير لمنع استيراد الفحم الصومالي على نحو مباشر أو غير مباشر سواء أكان المصدر الصومال أو غيرها.

انتهاكات الإمارات للقرارات الدولية وصلت للصومال، بمشاركتها في نقل أسلحة غير مشروعة إليها رغم الحظر الأممي

وللمروحيات أو الطائرات المسيّرة بدون طيار لأغراض عسكرية قصة مع أبوظبي، بعدما كشفت تسريبات لبريد سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة عن مطامحها في شراء طائرات حربية، فقد تضمنت تسريبات البريد الإلكتروني ليوسف العتيبة على حساب هوتميل، دفع الإمارات في 12 تموز/يوليو 2016 مبلغ 250 ألف دولار أمريكي لمركز بحثي لقاء إعداده تقريرًا خاصًا حول النظام القانوني الذي يحكم تصدير الطائرات من دون طيار التي تستخدم لأغراض عسكرية.

فاتورة بقيمة 250 ألف دولار دفعتها الإمارات لـ"CNAS" في 2016 نظير ورقة عن النظام القانوني الحاكم لتصدير الطائرات العسكرية بدون طيّار
فاتورة بقيمة 250 ألف دولار دفعتها الإمارات لـ"CNAS" في 2016 نظير ورقة عن النظام القانوني الحاكم لتصدير الطائرات العسكرية بدون طيّار

ووقعت اتفاقية نظام التحكم في تكنولوجيا القذائف، بين 35 دولة، للتحكم ببيع الأسلحة العسكرية الكبيرة. وقد واجهت الإمارات عوائق من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، بعدما منعت إبرام صفقات لبعض أنظمة الأسلحة المتطورة. ووفقًا لموقع "ذا إنترسبت" فقد أعاد المركز البحثي الذي دفعت الإمارات له، نشر التقرير الخاص، كتقرير عام كرر خلاله الاستنتاجات التي وردت في التقرير المرسل ليوسف العتيبة، مُنوهًا إلى أن الدول التي تمتنع واشنطن عن بيعها طائرات بدون طيار تتجه لشرائها من الصين، وذكر دولة الإمارات كنموذج على هذه الدول، في إشارة لمجموعات الضغط التي تقودها الإمارات للتأثير على قرارات الإدارة الأمريكية، وأعضاء مجلسي الكونغرس والشيوخ.

ماذا عن اليمن؟

بالإضافة لانتهاك الإمارات قرارات مجلس الأمن، فقد قال الخبراء في التقرير، إنهم بعد مصادرة القوات الصومالية أسلحة وذخائر من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في إقليم قندلة شمال شرق الصومال، تبيّن من منشقين عن التنظيم أن مصدرها اليمن.

اقرأ/ي أيضًا: وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان

ويفصل خليج عدن بين اليمن والصومال، وتخضع الموانئ اليمنية لحصار فرضته الإمارات بالاشتراك مع السعودية منذ بدء حربهما في اليمن في آذار/مارس 2015، ما يطرح سؤالًا هامًا حول الطريقة التي وصلت فيها الأسلحة لتنظيم داعش رغم الحصار المفروض بحريًا على اليمن.

والأيادي الخفية للإمارات في سيطرتها على مفاصل القرار في اليمن لم تكبحها العملية العسكرية التي كانت من أبرز محرضي السعودية عليها، إنما تجاوزتها لأبعد من ذلك، إذ كشفت تقارير عن إدارة الإمارات عبر قوات النخبة لسجون سرية في اليمن، شبهها النشطاء بمعتقل القاعدة الجوية الأمريكية غوانتانامو، وسجن أبو غريب الصحراوي في العراق.

وهو ما يعيدنا لتقرير ذا إنترسبت الذي ورد في مضمونه أن الإمارات واحدة من الدول المستهلكة بشراهة لتكنولوجيا المراقبة، وقامت بشراء أدوات تجسس إلكترونية من شركات غربية للتجسس على المعارضين السياسيين، ما يدل على أن انتهاكات أبوظبي لم تقتصر على مجال حقوق الإنسان داخل أراضيها إنما تعدتها بسجونها السرية إلى اليمن، كون الأخيرة دخلت في دوامة من الفوضى نتيجة سياسات أبوظبي الاستعراضية إقليميًا.

وهناك المزيد دائمًا

تحدثت تقارير أجنبية عن الدور السلبي الذي تلعبه الإمارات في اليمن بإدارتها لخمس كتائب يمنية غير تابعة للحكومة اليمنية. وأظهرت تقارير أن الإمارات أنفقت أكثر من مليار دولار منذ عام 2009 على قنابل مختلفة الصنع استخدمتها في اليمن.

وفي حزيران/يونيو الماضي، نشرت وكالة أسوشيتد برس تحقيقًا كشف عن إنشاء أبوظبي ما لا يقل عن 18 سجنًا سريًا داخل قواعد عسكرية ومطارات وموانئ، ومبانٍ سكنية في اليمن، قال سجناء سابقون إنهم تعرضوا أثناء احتجازهم فيها "للضرب والشواء والاعتداء الجنسي"، إضافة لتوثيق الوكالة اختفاء مئات الأشخاص داخل هذه السجون.

كشفت تحقيقات عن إنشاء الإمارات ما لا يقل عن 18 سجنًا سريًا في اليمن، المعتقلون يُعذبون فيها بالشواء والاعتداءات الجنسية

إلى جانب التقارير التي تدين الإمارات بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، والمواثيق والمقررات الدولية، يؤكد التقرير الأخير على دورها في تأزيم الصراعات في منطقة الشرق الأوسط عبر صرفها ملايين الدولارات لإدامة الأزمات، غير أن تسريبات بريد يوسف العتيبة أطاحت بمطامحها الفانتازية التي كانت بداية عثرتها، وأضافت عليها التقارير الأممية زخمًا يفضح زيف ادعاءاتها المتكررة في مجال محاربة الإرهاب، ويضعها أمام حقائق موثقة لا يمكنها إنكارها على صعيد المنظمات الحقوقية على أقل تقدير، طالما أن المجتمع لا يزال يصم آذانه عنها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

#أخرجوا_الإمارات_من_اليمن.. كفى تعذيبًا لشباب "اليمن الحزين"

كيف تستقدم حكومة أبوظبي من يتجسس على مواطنيها؟