25-مارس-2018

طفل يمني أمام آثار القصف السعودي (AP)

كيف يمكن لأي أحد أن يقوم بالثناء على جريمة ومرتكبها، خاصة إن كانت بحق بلد وشعبه بالأكمل، وأن يكون الثناء على مُشعل الحريق السعودي لتقديمه بعض "المساعدات" لليمن بعد أن دمرته الحرب السعودية وقتلت شعبه. هذا ما يجادل حوله الكاتب الأمريكي دانييل لاريسون في مقاله المنشور عبر موقع "ذي أمريكيان كونزيرفتيف" الإلكتروني، وننقله هنا مترجمًا بتصرف:


كان موقف جيمس ماتيس الداعم للحرب في اليمن في وقت سابق من هذا الشهر ضعيفًا بشكل ملحوظ، إلا أن إشادته بالمملكة العربية السعودية هذا الأسبوع أمر بغيض أيضًا. فقد أشاد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس بما قدمته المملكة العربية السعودية من مساعدات إنسانية مزعومة  لليمن، البلد التي مزقته الحرب والسياسات السعودية على السواء.

ليست جهود "المساعدات" السعودية المزعومة في حقيقتها كما تبدو عليه ظاهريًا، وقد أخطأ ماتيس بترحيبه بهذه الإجراءات التضليلية

وقال ماتيس "إن حجم المساعدات الإنسانية الكبيرة المقدمة منكم، ساعدت الأبرياء المحاصرين في هذا الصراع بشكل كبير، ونحن نحييكم على هذه الخطوة".

اقرأ/ي أيضًا: مخلفات الحرب.. آلاف المعاقين في جنوب اليمن

ليست جهود "المساعدات" السعودية في حقيقتها كما تبدو عليه ظاهريًا، وقد أخطأ ماتيس بترحيبه بهذه الإجراءات. حتى لو تم الافتراض جدلًا بأن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية مخلص في بذل جهد للتخفيف من الفظائع التي تسببت فيها حربهم، فإن المساعدات التي يقدمونها ما هي إلا مبلغ زهيد بالمقارنة بحجم الكارثة الإنسانية الضخمة التي خلقتها سياساتهم. فحجم المساعدات ليس بتلك الضخامة، وهي غير كافية بالمقارنة بحرمان السكان المحليين من السلع الأساسية عن طريق حصار الموانئ الرئيسية شمال البلاد. لا شك أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها لديهم القدرة على تخفيف حدة الأزمة الإنسانية بشكل كبير في اليمن، ولكن لا بد عليهم أن يرفعوا حصارهم عنها لتنفيذ ذلك. وحتى قيامهم بهذه الخطوة، فإن أية "مساعدات" ما هي إلا من أجل تحسين المظهر الخارجي في أحسن الأحوال، وبمثابة إلهاء متعمد عن سياستهم الصارمة في تجويع اليمن في أسوأ الحالات.

لسوء الحظ، لم يُقدم التحالف على بذل جهود صادقة لتخفيف معاناة معظم سكان اليمن. بل على العكس من ذلك، استمر التحالف في حصاره المُحكم على البلاد، خالقًا بذلك حالةً من المجاعة وانتشار وباء الكوليرا، ولا يزال الحصار مستمرًا حتى اليوم. وقد نُقل عن ماتيس قوله إن المملكة العربية السعودية "جزء من الحل"، لكن الحقيقة هي أن السعودية هي السبب الرئيسي في المشاكل التي تعانيها اليمن حاليًا.

إن الإشادة بما قدمته المملكة العربية السعودية من "مساعدات" لليمن، لا يختلف عن الثناء على مشعل حريق أعطى ضحاياه دلو ماء لإخماد النار التي أشعلها. إنه أمر مثير للسخرية، لكن الأسوأ من ذلك، منح مرتكب الجريمة تصريحًا ضمنيًا لارتكاب جرائم أفظع.

تأتي المساعدات السعودية بمثابة إلهاء متعمد عن سياستهم الصارمة في تجويع اليمن

قال جيمس ماتيس "سوف ننهي هذه الحرب، وسوف نضع حدًا لها بشروط إيجابية لصالح شعب اليمن". كانت هناك فرصة سانحة للتحرك لإنهاء هذه الحرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، وذلك بقطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن التحالف، إلا أن جيمس ماتيس عارض القرار الذي كان من شأنه تحقيق ذلك.

إن شعب اليمن في حاجة ماسة للسلام، ولكن ما لم تتوقف الحرب على الفور، سيكون من الصعب أن نعرف كيف ستنتهي "بشروط إيجابية لصالح شعب اليمن". إن أفضل ما يمكن لجيمس ماتيس وإدارة ترامب فعله، هو المطالبة بإنهاء الحصار المفروض على البلاد، والتأكيد على وقف إطلاق النار من طرف التحالف، والقوات المدعومة من التحالف، والذي من شأنه إتاحة فرصة أكثر ملاءمة لمفاوضات التسوية الدائمة. وعلى أقل تقدير، سيوفر ذلك انفراجةً بسيطة للسكان المحليين. وحتى يقوموا بهذه الخطوة، ستستمر الحرب بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وستستمر معاناة شعب اليمن على يد التحالف السعودي.

 

اقرأ/ي أيضًا:  

مسؤول أممي: الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ منذ نصف قرن

مؤامرة ابن زايد.. الإطاحة بالشرعية في اليمن ضمن مهمات التخريب