11-مايو-2017

سيلفا حسن (فيسبوك)

هل يعيش السوريون في عوالم مختلفة، وهل حقًا أنهم أبناء وطن واحد اقتسموا فيه كل شيء، حتى الإهانات والعوز والجوع والعتمة؟ أم أنهم انقسموا حتى في البيت الواحد إلى ملل وشيع وبقايا؟ واقع الأمر أن السوريين هم بشرٌ ابتلوا بالموت، واتخذوا من أجل مواجهته طرقًا شتى.. هناك من اختار المواجهة والقبول بالمصير أيًا كان، وهناك من صمت ووقف على الحياد، فإما نجا أو مات بالخطأ والصدفة والقهر، ومنهم من أراد أن يكمل حياته بعيدًا عن الجميع... حياة كما لو أن شيئًا لم يكن، وأنها تسير كما شاء لها أن تكون... صخب وفرح وضحك على الموتى ومنهم.

سيلفا محسودة على متابعيها فأي بث مباشر لها يتابعه الآلاف، وأي صورة ما بين 7-10 آلاف لايك

حوالي 200000 متابع على صفحتها، وفي مجمل يومياتها صور لوجهها الذي تكيل له الغزل وحده، وفيديوهات بث مباشر فقط أغنية خلفية تغني وتتمايل معها، وصور مع ما تحب من سيارات وقطط وكلاب... ومعلقون يشتمون ويهيمون بجمالها وآخرون يضعون "لايكاتهم" بصمت... إنها جمهورية سيلفا حسن، أو "فريزة جبلة"، كما أحبت أن تسمي نفسها.

اقرأ/ي أيضًا: الدكتاتور المجنون.. مارك زوكربيرغ

سيلفا حسن أعلنت خطوبتها من شخص يرتدي بزة عسكرية يدعى أبو علي، وهذه وحدها دلالة على رجلته وعصمة لها من المعاكسات وطلبات الوصل، وهي تعتقد أنها في الطريق لأن تكون على شاكلة ميريام كلينك اللبنانية المثيرة، وهي لا تهتم لكل ما يحصل حولها، حتى لأولئك القتلة من مدينتها الساحلية السورية... فقط هي "فاقت من النوم"، "تشرب المتة"، وتلتقط صورًا لجسدها بالألوان والوضعيات المشتهاة، وأبو علي خطيبها يشم ذراعه التي تبدو قوية ومحايدة.

سيلفا حسن المحسودة على متابعيها، فأي بث مباشر لها يتابعه الآلاف، وأي صورة ما بين 7-10 آلاف لايك، وكل تفاهاتها تلقى صدى عند جموع جمهورها. هي ببساطة جمهورية تفاهة لها جمهورها الذي يهتز لأي همسة تهمسها ابنة المدينة الساحلية.

بمقابل كل هذا الترف التافه، سوريات يلدهن الألم ويلدنه، أمهات يعددن أولادهن الشهداء، وضائعات على سكة هجرة، وغارقات في بحرٍ اعتقدن أنه الطريق للفرار من موت بالنار فإذا هو موت بالماء المالح، مغتصبات، وجائعات لرغيف خبز في أرض الوطن، وطوابير من التكريم الزائف لأمهات الشهداء اللواتي يقتتلن على "كرتونة" مواد غذائية، أو شرشف صوف لا يساوي انتظاره.

ليست سنواتٍ بعيدةً تلك التي تفصلنا عن خديعة المواطنة والأخوّة والمصير

على حافة الموت هناك، وحافة الشهوة والفراغ هنا، في الشام عاصمة السوريين جميعًا مهجّرون يركبون الباصات إلى مدن محكومة بالموت المؤجل، وآخرون يصطافون بالربوة ومصايف وادي بردى، وفرحون بفتح طريق الزبداني ومضايا أمام سيارات نزهاتهم... في كلا الحالتين موت هنا وهناك.

اقرأ/ي أيضًا: اعترافات فيسبوكية

بعد كل هذا الفصام الوطني...هل السوريون على قلب واحد، ووطن واحد؟

في الطريق إلى ذكريات مضت قبل سنوات الحرب كانت شعارات الوحدة والمصير الواحد، والشعب الواحد، تعلو صفحات الجرائد والجدران، وأناشيد العروبة والوطنية و"أنا سوري آه يا نيالي"، تفتق قلوب المخدوعين بمصيرهم القريب... ليست سنوات بعيدة تلك التي تفصلنا عن خديعة المواطنة والأخوّة والمصير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فوبيا النساء في العالم العربي

هستيريا سوريّة... لغة ممولة بالرصاص