28-يوليو-2018

طالب المتظاهرون العراقيون بمحاسبة نظام الفساد والمحاصصة (Getty)

في 20 تموز/ يوليو الجاري، انطلقت تظاهرات في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل، جاءت عقب الاحتجاجات التي شهدتها محافظات وسط وجنوب العراق، لكن تظاهرات بغداد قوبلت بمزيد من القمع، وباعتقال أكثر من 17 متظاهرًا، بعد أن هتف المتظاهرون بوضوح "الشعب يريد إسقاط النظام".

رفع المتظاهرون العراقيون في جمعة الحقوق، لافتات مكتوب عليها "ارحلوا"، وهتف بعضهم "إيران برة برة"

 وبعد أن تم قمع التظاهرات وتفريقها بالغازات المسيلة للدموع، أطلق نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ #جمعة_الحقوق، داعين فيه إلى تظاهرات واسعة تنطلق في يوم الجمعة  27 تموز/ يوليو الجاري، مؤكدين أن الحقوق مقدسة، وأن هناك إجماعًا عليها أكثر من أي وقت مضى طوال 15 عامًا من عمر نظام ما بعد 2003.

المرجعية الدينية تحذر الحكومة

جاءت خطبة المرجعية الدينية العليا لهذا الأسبوع، مؤيدة لمطالب المتظاهرين، فيما حذرت الحكومة بشكل غير مباشر، بأنه "إذا خفّت مظاهر المطالبة بالإصلاح مدّة فإنها ستعود في وقت آخر بأقوى وأوسع من ذلك بكثير، ولات حين مندم"، داعية الشعب إلى "تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعومًا في ذلك من قبل كل القوى الخيّرة في البلد"، في حال لم تستجب السلطات لمطالبه.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة تتوسع في العراق.. سخط الجنوب يوحد الشارع

فيما قدمت المرجعية عدّة مقترحات للحكومة، وطالبت بالإسراع في تشكيل الحكومة على أسس صحيحة، مشددة على أن "يكون رئيس الوزراء المقبل حازمًا وقويًا وأن يشن حربًا لا هوادة فيها على الفاسدين". وهو الأمر الذي فهم منه مراقبون، أن المرجعية لا تدعم ولاية ثانية لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وتسحب يديها منه.

 وسرعان ما بدأت الكتل السياسية وزعماؤها في تأييد خطبة المرجعية، بما في ذلك حيدر العبادي نفسه، إذ قال إن "ما دعت إليه المرجعية الدينية العليا كان وسيبقى نصب أعيننا"، وأضاف أنه "أعلن الاستجابة الفورية لكل المطالب المشروعة للمتظاهرين في المحافظات منذ اللحظات الأولى وفق الصلاحيات المحددة والإمكانات المالية المتوفرة".

لكن تأييد العبادي وغيره من القوى السياسية لدعوة المرجعية في الإصلاح وتغيير الواقع السياسي، بحسب مراقبين لا يجدي نفعًا، خصوصًا وأن للمتظاهرين تجربة في احتجاجات 2015، حيث دعت المرجعية أيضًا إلى تنفيذ مطالب المتظاهرين وإصلاح النظام السياسي، ورد العبادي على المرجعية في 7 آب/ أغسطس 2015 بتصريح شبيه، إذ قال إنني "أعلن التزامي الكامل بالتوجيهات القيمة للمرجعية، وأتعهد بالإعلان عن خطة شاملة للإصلاح والعمل على تنفيذها"، داعيًا القوى السياسية إلى التعاون معه في تنفيذ برنامج الإصلاح". ومنذ ذلك اليوم حتى تظاهرات تموز/ يوليو 2018 وإعلان العبادي التزامه مرة ثانية بتوصيات المرجعية، لم يتغيّر أي شيء.

جمعة الحقوق

رفع المتظاهرون الذين خرجوا فيما أطلقوا عليه جمعة الحقوق، لافتات مكتوب عليها "ارحلوا" و"مطالبنا هي أن ترحلوا"، وهتف بعضهم "إيران برة برة" و"إيران دمرتوا البلد"، وطالبوا بـ"محاسبة الفاسدين" وتغيير "نظام المحاصصة" الذي يعتبر أساسًا لمشاكل البلاد، فضلًا عن توفير الخدمات التي تعتبر جوهر الاحتجاجات منذ بدايتها.

فيما حمل المتظاهرون صورًا وشعارات وقصائد تدين تدخل الأجهزة الأمنية وقمعها للمظاهرات، معتبرين ما يحدث بأنه ثورة ضد الظلم والفساد والمحاصصة.

تحاول الحكومة احتواء التظاهرات وإخفات صوتها من خلال دعوة النشطاء والمتظاهرين للقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي

وعن السؤال عن سبب تسمية التظاهرة بـ"جمعة الحقوق"، قال أحد المتظاهرين لـ"ألترا صوت" إنه "منذ بداية التظاهرات وحتى الآن تخرج الحكومة بشتى التبريرات لقمعنا، منها قولها بأننا مندسون. لكن اليوم نحن نطالب بحقوقنا المشروعة فقط ونواجههم بها".

اقرأ/ي أيضًا: من المطالب الخدمية إلى "إسقاط النظام".. حرب حركات ومواقع الثورة العراقية

وحتى الآن، فإن السلطات لم تناقش مطالب المتظاهرين بشكل جدي في محافظات الوسط والجنوب. كما أن المتظاهرين لا ينفكون يشككون بكل ما تطلقه الحكومة من وعود للتهدئة، خاصّة فيما يتعلق بتوفير الوظائف، فالعراق ملتزم بشروط صندوق النقد الدولي التي تنص على عدم التوظيف في مؤسسات الدولة.

وتحاول الحكومة احتواء التظاهرات وإخفات صوتها من خلال دعوة النشطاء والمتظاهرين للقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، الأمر الذي لاقى رفضًا واسعًا من قبل الناشطين والمتابعين، خصوصًا وأن الأخير مسؤول عن دماء المتظاهرين الذين سقطوا منذ انطلاق التظاهرات قبل أكثر من أسبوعين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

احتجاجات الكهرباء في كربلاء.. أيادٍ حزبية وراء الفوضى وتشويش الحراك

حلف المليشيات وسلطة المحاصصة.. جدار الحرس القديم ضد الشارع العراقي