17-يوليو-2017

إن البلاد التي لا تحترم أرواح البشر، أ يمكن أن ننتظر منها احترام حياة الحيوانات؟ (ماركو لونغاري/أ.ف.ب)

منذ أيام قليلة بث أحدهم على موقع فيسبوك تصويرًا حيًا لحادثة تسميم "الكلاب البلدي" المحيطة بدرب 1718، حيث يعرض الفيديو اللحظات الأخيرة لموت الكلاب بعد أن تعرضت لأكل مسمم، ودرب 1718 هو مكان ثقافي في مصر، يتبنى المواهب الشابة من كافة الفنون، ويقيم الحفلات والندوات، بالإضافة لورشات العمل وكورسات تعليم العزف أو الخزف أو غيرها من الفنون.

تسميم الكلاب الضالة حوالي درب 1718 أصاب الكثير من رواده بالصدمة من مفارقة أن ينخرط رواد الثقافة في هكذا ممارسات

بعد هذا الفيديو، نشر أحد مستخدمي موقع فيسبوك تصويرًا حيًا آخر، وثّق اللحظات الأخيرة لموت كلاب في ذات المنطقة أيضًا، وذكر أن تلك الكلاب لم تكن مؤذية أبدًا، وزوار المكان يعرفون ذلك جيدًا، وأشار إلى تسميم كلبته التي كان يُطلق عليها "أمل". ولأسباب غير معروفة، حسب تعبيره، "قررت إدارة درب 1718 تقديم شكوى لمديرية الطب البيطري، وعلى إثرها سُممت الكلاب".

 

اقرأ/ي أيضًا: البلفيدير في تونس.. تاريخ مهمل

الزوار يقاطعون المكان، والإدارة تتبرأ

جاء الفيديو المنشور صادمًا لرواد المكان وزائريه، وأثار ضجة واسعة في الأوساط الشبابية والثقافية، مما حمل البعض للتدوين عن الحادث بتعليقات سلبية ومهاجمة المكان وطريقة إدارتهم للمشكلة، كانت الناشطة السياسية منى سيف من أبرز المدونين عن الحادث، حيث نشرت على صفحتها الرسمية أكثر من تعليق يؤكد الحادث وتورط إدارة المكان.

 

وقبل أن يتصاعد الجدل، صدر بيان رسمي من إدارة المكان، جاء فيه أن "إدارة المكان تؤمن بمبادئ الرفق بالحيوان، وأن الخطأ الذي حدث لم يكن مقصودًا ولم تكن الإدارة على علم به"، وأضافوا "منذ افتتاح درب 1718 في 2008، كانت هناك حيوانات أليفة من القطط والكلاب التي تعيش حول المكان وبداخله، ولم تتسبب هذه الحيوانات بأي مشكلات سابقة، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تزايدًا ملحوظًا لأعدادهم، وتم رصد 3 حالات عض على الأقل، والكثير من حالات التهجم على زوار المكان، حاولت الإدارة ، حسب تعبيرها، نقل الكلاب إلى مكان آخر بعد أن قدموا لها المنوم، ولكنهم فشلوا في ذلك، كذلك عرضوا صور الكلاب للتبني، ولم يجدوا سوى التعاطف، فما كان أمامهم إلا توجيه شكوى إلى هيئة الطب البيطري، الذين قدّموا وجبات مسمومة للكلاب على غير علم الإدارة".

 

اقرأ/ي أيضًا: معتقدات يمنية تهوى قتل بعض الحيوانات

بيان غير مقنع وهجوم متواصل

يبدو أن هذا البيان لم يكن مقنعًا لرواد المكان، فاستمروا في كتابة تعليقاتهم السلبية، ونعتوا البيان بالسذاجة، فالجميع يعرف أن هيئة الطب البيطري تسمم الحيوانات في مصر. علّقت يمنى الجرزاوي، إحدى الفاعلات بمجال حقوق الحيوان في مصر، على البيان قائلة إنه "محاولة فاشلة لتجميل الجريمة البشعة، وأن إدارة درب 1718 تساهلت مع الأمر في حين كان هناك العديد من الحلول الأخرى"، كذلك قالت لميس محمد، إحدى الزوار الدائمين للمكان، إنها كانت تجد راحتها في ذلك المكان لما يوفره من مناخ ثقافي وموسيقى جيدة، ولكن بعد حادث التسميم كرهت المكان ودعت الناس إلى مقاطعته، خاصة بعد بيان الإدارة الذي جاء كتبرير سخيف وغير مقنع بالنسبة لها، وأضاف محمد سلامة، أن "لا حق لأرواح البشر في مصر، فما بالك بأرواح الحيوانات، ودعا الناس إلى مقاطعة المكان الثقافي ومحاولة فضح الجريمة المرتكبة، فلا شيء آخر يستطيع تقديمه"، حسب تعبيره.

 

 

 

 

 

محاولة أخيرة لحفظ ماء الوجه

صدر بيان من أحمد الشوربجي، مؤسس جمعية Hope، إحدى الجمعيات المسؤولة عن إنقاذ وتأهيل الحيوانات في مصر، وقال إنه تواصل مع مؤسس درب 1718 بخصوص حادث التسميم وتأكد من عدم علم الإدارة وألقى المسؤولية بالكامل على هيئة الطب البيطري، كما أشار إلى اتفاق متبادل مع إدارة درب 1718 من أجل تدارك الأخطاء والحلول المستقبلية، وستتولى إدارة المكان حملة تعقيم وتطعيم وعلاج للكلاب الناجية بداخل وخارج الدرب، وأشار إلى مناقشة حلول أخرى، لم يذكرها البيان، لضمان سلامة وصحة الكلاب بالمنطقة.

 

حقوق الحيوان في مصر! نكتة؟

ينظر البعض إلى الحديث عن حقوق الحيوان في مصر على أنه حديث مترف وغير واقعي

قانونيًا لا توجد عقوبة لمن يقتل الحيوانات في مصر أو يعذبها، فالدستور المصري أشار في المادة رقم 45 إلى الرفق بالحيوان بشكل عام على النحو الذي يحدده القانون، بينما لم يجرم القتل إلا في حالة واحدة وهي أن تكون حيوانات ذات منفعة ومملوكة للآخرين مثل الماشية والدواب، ولم يشر إلى الحيوانات الضالة.

وينظر البعض إلى الحديث عن حقوق الحيوان في مصر على أنه حديث مترف وغير واقعي، يقولون إن البلاد التي لا تحترم أرواح البشر،  أيمكن أن ننتظر منها احترام حياة الحيوانات؟ ورغم خلل هذه الرؤية ونقصانها إلا أنها تجد من يدافع عنها.

وفي الأثناء، تتكرر حالات قتل الحيوانات الضالة في مصر حتى لو كانت مسالمة، وخاصة منها الكلاب وسبق أن تحرك ناشطون في هذا المجال مطالبين بتجنب الطرق "الهمجية" في التعامل مع الحيوانات من قتل بالسم أو الرصاص ومعتبرين أن هناك طرقًا أخرى يمكن اعتمادها للحد من تكاثر هذه الحيوانات مثلًا دون الإضرار بها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرفق بالحيوان في السودان، عظيم.. والإنسان؟

المغرب.. غضب افتراضي من تعذيب جمل وأكله نيئًا