17-فبراير-2017

يونثان فونسايتون/ ألمانيا

ما يشبه بيانًا

لأن المجتمع مريضٌ بالمثالية، وكلما سنحت له الفرصة ينفضَ عن كمالهِ أيّ شائبة قد تُقلِقَ ظنًا منه مثاليته، ولأن الحقيقة أكبر منه، رغم أن الصوتَ مسجون في غياهبه، دفعنا البابَ ببضعة أيادٍ ترتعش وبأحلام مؤرقة للبال. فصغرت ورقة التوت هذه المرة إلى الأبد، وتفشت في عراء التقاليد الضخامة، هي الآن رغم بحّة الكلمة لم تعد في عيوننا الوحش الذي يُرعب، ليس تمردًا فحسب، هناك في الجانب القريب من الواقع؛ السقطة لا تعني النهاية ولن تفسد استمرارية الحياة، من أجل فتاة قدت قميص العادات وارتدت حداثة المدن التي تكبر في مبدعيها، نحن رغم البؤس وقيد القبيلة عازمات على أن نتقدم لو خطوة واحدة، لعلَّ القصيدة تركل سقف الممنوع وتنتصر.


هل هذه الفتاة قابلة للأكل؟

1

شرطة الآداب
أجهل الغاية من وجودها
هي تأخذ البغاء على محمل الجد 
في البداية وسرعان ما يتسرب قوادوها
ليلة مجانية تحت التهديد!

أمي
التي كانت تدرب قلبي على العمى
لا يشغل بالها ذلك 
طالما البيت مفتوح ويعمل 
والزبائن تحفظ رقم الهاتف 
وفي جيوب معاطفها ما يكفي من نقود.

يسألها الزبائن:
هل هذه الفتاة قابلة للأكل؟
أمي تهز رأسها
وتقهقه بعهرٍ لدقيقة كاملة
وأنا أبحث عن مخبأ بحجم خوفي
وينتهي الليل كذلك.

زبون الليل أنيقٌ دومًا 
يدخن "الكينت"
ويحمل تحت إبطه زجاجة من نبيذ فاخر 
بيتنا ملهىً محترم 
يستقطب رجال الدولة 
ورجال العصابات
هو نافعٌ لكل زواره
وبعيد عن أعين الحسد.

كبرتُ ويا حسرة بدني
الذي تفشت به الضخامة
وطلّ نهداي على العالم
النهد يحكم
وينتصر.

والعتاب لا يجدي نفعًا
ولا يعيد للمرأة غشاء بكارتها
هذه المهنة ما أن تزدهر
يصير من الصعب جدًا إطفاء شهرتها
لهذا كنّا امرأتين متصالحتين.

الرجل الأول كان طبيبيّ النفسي 
والدافع الأول كان الفقر 
نحن إذًا متعادلتين يا أمي
لا لنا ولا علينا.

كيف تؤكل للمرة الأولى فتاة تجهل طرق الطهي 
وتجفل من الوجوه:
بكل بساطةٍ توهمها أمها أن وجهها مصفر
والحياة جميلة
تشككها في شكِّها 
وتستدعي طبيبًا نفسيًا تقول له هذه المسكينة
التي مسخها الحظ داوها بالتي هي الـ...
تنام مرةً 
وتستيقظ بعدها للأبد..

2

المدن البائسة
لا يثمر في قلبها شيء
مثال على ذلك هذا البلد الخراب
يفتقر لأخصائي واحد يعالج القهر
أو يشخّص الفتيات المتراميات
على خاصرة القبيلة
لذلك وجه الحياة نكد
وعين القبيلة وقحة
لا يقلعها إلا سمعةٌ تكسر ظهرها
وتنكّس حاجبها الأسود.

شناعتي المتلبسة ظهر جدائلي
بعد أن بقر خوفي عينها 
وخسرتُ مصداقيتي
لاذت بالتي هي أحسن لأسفل الدار
مرة أغلقتُ على بقاياي في الأعلى
وأرسلت دمية تنام في سريري.

الدمية تمّل من السرير
وتهرب من النافذة
وغرفة البنت لا ينفع بقاؤها شاغرة
أؤجل مهمة الأهل بغسل العار 
وأجمع ما تبقى من أعضائي التالفة 
وأرجع بنا للدار.

العجوز في الخارج مع نصف عشيرته 
يتعكز على الأحفاد 
وأبي في صدر ملعبه يمسك يد الباب
وأمي تقول لا تفتح قبل أن أصلّح وجه البنتِ.

أنا علكة
تلوكني الألسن
وتبصقني
بعد أن قذف علّته
أسفل بطني
وطلّقني.

 

أدفن في مكانٍ لا تعلمه أمي

1

انا عائلة مكونة من فرد واحد
مصاريفي محدودة
أتناول الوِحدة على العشاء
وبعض الأمل الساذج صباحًا
وأتناول نفسي ما بين ذلك
سريري المزدوج يوحي بأنني لا أنام وحيدة
فأنا أفسح مجالًا لكل شيء ليلًا
ولا يملأ ذلك المكان سوى الفراغ
أشتري كل شيء بالجملة.. حتى الحب!
ثم أطبخه على نارٍ هادئة
بينما يقع الجميع في فخ الرائحة 
يصبح الحي كاملًا بيتي.. ومع ذلك لا أحد يقترب!
أيضًا أكوم عيوبي لأغسلها دفعة واحدة..
وعلى حبل الغسيل أظهر ناصعة البياض.

أنا ربة منزل من الطراز الأول 
وأجلس صامتةً أغلب الوقت.
ميزة إضافية: أربي الملل جيدًا وأعتني به على أمل أن يعينني عندما أتقدّم في السنّ.

أعرف جيدًا كيف أزيّن الأشياء من حولي
فصور من مروا على الجدار؛ بقيت عليه ومشاهدهم حفرتها على كل الزوايا المتاحة. 
بيتي صاخب الهدوء
هدوء يؤدي بي لفقداني 
فكرة أن أكوّن عائلة
مكونة من عائلة عل ذلك يفي بالغرض.

2

في الليلة التي لعنتَ بها كل شيء وناديتني 
خلعتُ رأسي كالقبعة وتَبِعتكَ 
أبي الذي أستعمل بندقية الصيد لأول مرة
فُجِعَ بأن أيام نَفضِ الغبار عنها لن تطول 
وسلمتك نفسي
إلى اللحظة التي شعرتُ بها خوفًا
رحت أرتدي رأسي من جديد
وجهي من جديد
كل شيءٍ مكانه ولا دم مسفوكًا
تلك الليلة فقط.

لم يُفلح الطب الشرعي صباحًا
بإقناع أبي بشيء
يبدو أن رغبتهُ باستعمال تلك البندقية
أعلى من رغبتهِ فيّ
كان من دواعي سروري
أن أدع أبي يستعملها 
وكان من دواعي سرور العائلة
أن تُعَلَقَ هي كالبطلة
وأن أدفن في مكانٍ لا تعلمه أمي.

أنا مؤخرة العالم الكبيرة

1

أنا مؤخرة العالم الكبيرة 
أمشي لا إراديًا 
وراء زيف المشاعر الصادقة 
والمجاملة جعلتني مؤخرة فاتنة
أريد أن أجلس الآن
ألعن زيفي
وأكره حبي لأمي المملة 
متأسفة على صداقاتي.

2

الخروج بأقل الخسائر 
قلبي تحت الطاولة
قميص نومي مشقوق من التعب
قطرة أخيرة من رائحتي 
رائحتك عالقة في رأسي 
كل البياض على جسدي 
رقبتي تميل هناك 
فرصة أخيرة للعناق 
قلبي حيوان شرس سينهشك
يداي تحت السرير ترتجف 
فمي يتسع يمكنني ابتلاعك دون انتهاء
مممم
الخروج بأقل الخسائر 
يتعفن الشبق على جسدي 
غادر رغبتي الآن!

 

اقرأ/ي أيضًا:

13 شاعرةً من العراق.. فصل الدم عن الماء (1 - 2)

13 شاعرةً من العراق: كل ما أدخر من الوجوه (2 - 2)