24-أكتوبر-2016

مدرسة مصرية تقوم بالاعتداء على أحد طلابها (فيسبوك)

بدأت جلسة نقاش صغيرة مع بعض الأصدقاء وبعض الأشخاص الذين قابلتهم توًا على قهوة "الندوة الثقافية" بوسط القاهرة، كان النقاش جديًا حول مدى سوء الخطاب النسوي الصادر من بعض النسويات المتصدرات للمشهد "النسوي"، واللاتي يُتخذن كقدوة من بعض الفتيات.

الأمر الذي يضرّ بالقضية النسوية وبحقوق المرأة أكثر مما يفيدها، قالت إحدى النسويات المبجلات اللاتي حضرن الجلسة إنه من الخطأ استخدام لفظ "الخطاب النسوي"، فالخطاب النسوي ليس له تعريف محدد، وكل سيدة تختص نفسها بخطابها وآرائها وأن تعميم آراء كل النسويات تحت جملة الخطاب النسوي هو خطأ لا يمكن التجاوز عنه.

فيمكننا لوم بعض النسويات على خطأ تنفيذهن للنظرية، ولكن لا يمكننا التعميم. قلت إن التعميم هنا لا يعني بالضرورة ضم كل النسويات تحت رايته، فعندما نقول إن الشعب المصري شعب كريم، نقصد أن غالبية الشعب المصري كذلك أو هكذا الصورة المأخوذة عنه، وبتطبيق الأمر ذاته فعندما أنتقد الخطاب النسوي في مصر، فأنا أقصد بذلك الخطاب المتصدر للجرائد والقنوات والسوشيال ميديا، ورموز ومنظرين النسوية المعروفين.

الخطاب النسوي ليس له تعريف محدد، وكل سيدة تختص نفسها بخطابها وآرائها

وعلى رأسهم تأتي "غدير أحمد" كشابة مصرية نسوية تدافع عن حقوق المرأة، وفي خطابها الكثير من التطرف والازدواجية، بالإضافة للخطأ الشائع الذي يقع فيه العديد من النسويات المتمثل في فرض الخاص على العام، كأن تمر إحداهن بتجربة شخصية سيئة فتعمم هذه التجربة على المجتمع كافة.

كما أنني أرفض الحجة المتمثلة في "خطأ تنفيذ النظرية" فذلك التبرير يُستخدم دائمًا لأي فشل، كفشل الاشتراكية أو الرأسمالية أو غيرها، يكون التبرير دائمًا بأن العيب في التنفيذ وليس في النظرية!

اقرأ/ي أيضًا: 9 نساء قويات من أزمنة أقل نسوية

دعنا من كل ذلك ولنتجه إلى صلب القضية، ما الذي يجعلني أتحدث عن هذا الموضوع بالتحديد في هذا التوقيت. نُشرت صورة لمدرّسة ما، قيل إنها مدرّسة تربية نفسية أي ما يعرف بالأخصائية الاجتماعية، تعمل بمدرسة إعدادية وهي تعاقب أحد الأطفال بوضعه تحت أقدامها وكلما حاول الطفل المقاومة تضربه بالعصا التي في يدها.

وحسب ناشرة الصورة فإنها تقول إن الطفل ظل يتوسل إليها ويقول لها أن قلبه سيتوقف وهي مستمرة في عقابه دون أن تلقي له بالًا، وعندما ذهب أهل الطفل لشكوى المدرّسة، قالت إنه سقط على الأرض وكانت تحاول مساعدته على النهوض، ومنذ هذه الحادثة يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة وهو خائف من نظرة أصدقائه إليه بعدما قالوا له إن منظره كان كـ "الصرصار" تحت أقدامها!

هذه الصورة التي نُشرت تحمل أكثر من اعتداء وجريمة في حق الطفل وفي حق شرف مهنة التدريس، ولا أظن أن أي إنسان عاقل يرى هذا المنظر إلا ويقرر أن هذه المدرّسة مجرمة يجب عقابها إداريًا وقانونيًا.

ولكن كان لغدير أحمد رأيًا آخر فخرجت علينا بآرائها المتطرفة مرة أخرى لتبرر للمدرّسة فعلتها لمجرد أنها سيدة، لتقول نصًا (وأعتذر مبدئيًا عن المصطلحات الإنجليزية ولكن هذا هو تعليقها دون أي تعديل أو حذف مني):

"والله المدرسات الستات بتشوف بلاوي في مدارس المراهقين، ولأ مفيش حاجة بتيجي كدة مرة واحدة، آه الست غلطانة، بس معلش يعني أما يبقي عيل بشخة مستهفأ مدرسة علشان ست وفرحان بشنبه اللي خط في وشه، يبقي دي power dynamics متتحلش غير ب power balance بين الطرفين، والست جابت الخلاصة، جابته تحت رجليها في رسالة واضحة وصريحة ومباشرة حتى لو مختلفين معاها.

وآه. مش عاوزه كومنتات من نوع إني بناصر الستات علشان ستات. أنا بـ contextualize ردود أفعال الستات وفقًا للمنظومة وبعدين بتكلم، ده توفيرًا للمناهدة".

اقرأ/ي أيضًا: "سودانيات ضد الحجاب".. اغتيال المعارِضات بالفبركة

لن أجهد فكري أكثر من ذلك في الرد على مثل هذه الترهات المتطرفة التي لا تأتي إلا عن جهل ومراهقة فكرية وتعصب أعمى لكل ما هو نسوي، ولكني سأذكر نصوص من مواد دستورية وقانونية تجرّم عمل هذه المدرّسة، والتبرير للمجرم هي جريمة لا تقل دناءة عما قام به المجرم نفسه.

يشيع في خطاب كثير من النسويات الكثير من التطرف والازدواجية بالإضافة للخطأ الشائع المتمثل في فرض الخاص على العام

تنص المادة رقم "60" من الدستور المصري على أن "لجسد الإنسان حرمه، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون".

تنص المادة رقم "5" من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة".

أمّا اتفاقية حقوق الطفل التي حددت تعريفًا للطفل على أنه كل إنسان لم يتجاوز الثمانية عشرة، فقد نصت في الفقرة الثالثة من المادة رقم (3) على أن: "تكفل الدول الأطراف أن تتقيد المؤسسات والإدارات والمرافق المسؤولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة، ولاسيما في مجالي السلامة والصحة وفي عدد موظفيها وصلاحيتهم للعمل، وكذلك من ناحية كفاءة الإشراف".

فما رأي السيدة غدير أحمد النسوية الحقوقية بعد أن تقرأ هذه النصوص؟

اقرأ/ي أيضًا:
المرأة والنص.. تاريخ التجاهل والتطور
فيلم ماستانج.. رصد أنوثة تركيا وترجمتها