17-يوليو-2017

من المستبعد أن تنجح استراتيجية ترامب وماكرون بالتودد لبشار الأسد، في تحقيق أهدافها (بيتر ديجونغ/ أ.ف.ب)

على صفحات موقع مجلة فورين بوليسي الأمريكية، نشرت الصحفية لبنانية الأصل كيم غطاس مقالًا حول سياسات كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي يتصادف تماثلها من حيث إشارتيهما لإمكانية القبول بوجود بشار الأسد في السلطة بسوريا التي فتكت بها الحرب المشتعلة للآن بسبب صراعات دولية بشكل أساسي، كل من أمريكا وفرنسا طرفان أصيلان بها. في السطور التالية، نعرض لكم مقال كيم غطاس مُترجمًا.


مثلما يشير كل من دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون، إلى أنهما لا يسعيان خلف تغيير النظام الحاكم في دمشق؛ عليهما أن يتذكرا أن هناك ثمنًا لإبقاء الأسد في سُدة الحُكم.

تحولت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبريطانيا، من زيارة رسمية إلى توقف سريع تحت جُنحِ الليل، لتتأجل حتى العام المقبل. لكنه حصل في مقابل ذلك على معاملة الملوك في باريس، فها هو يحُل ضيفًا على الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون للاحتفال بيوم الباستيل.

ليس هناك شك في وجود سوريا ضمن أجندة اللقاء الأخير للرئيسَين في باريس، فسوريا كانت ذات مرة تخضع للانتداب الفرنسي، وتعدها باريس دومًا مدخلًا لتحقيق نفوذها في الشرق الأوسط.

منذ تنصيب ماكرون وفوزِه في الانتخابات، كثُرت التساؤلات التي لم تجد جوابًا شافيًا، فأي الأمرَين سيدفع سياسة ماكرون في الشرق الأوسط، أهي القيم أم السياسة الواقعية؟ ويمكن قولُ الشيءِ نفسِه بالطبع مع نظيره ترامب. كان الرئيسُ الأمريكي قد قصف قوات الرئيس السوري بشار الأسد في نيسان/أبريل الماضي؛ لأن الأسد كان يقتل "الأطفال"، أما وزير خارجية ترامب فقد أشار أيضًا إلى أن إدارة الرئيس كانت مستعدة لترك روسيا تقرر مصير الأسد؛ وهذه تعد طريقة للقول بأن الأسد قد يظل في الحُكم.

الكيفية التي يظهر بها التصور الفرنسي والأمريكي لحل الصراع السوري، سيحدد مصير سوريا ما بين السلام أو الدمار

وبدوره حذر ماكرون من أن استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية سوف تعده فرنسا خطًّا أحمرَ لا يمكن تجاوزه. لكنه أدلى مؤخرًا بحديث لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، أفصح فيه عن أن الأسد يُعدّ عدوًّا للشعب السوري، وليس لفرنسا، بما يبدو من حديثه أنه غير مُبالٍ بالدمار الذي أصاب البلاد من قِبَل الأسد، وإنما يهتم بتداعيات الصراع في فرنسا.

اقرأ/ي أيضًا: ماكرون والشرق الأوسط.. ماذا ترك الرجل لأهل اليمين؟

إن الكيفية التي يظهر بها تصوُّرُ كلٍّ من فرنسا والولايات المتحدة لحلّ الصراع القائم في سوريا اليوم، من شأنه أن يساعد في تحديد مدى استدامة السلام، أو إنْ كانت سوريا ستصبح مَرتعًا للدمار والهلاك. إن المآسي، شخصيةً كانت أم وطنية، أصبحت تُلقي بظلالها قبل وقتٍ طويلٍ من وصولها.

قبل خمسة وعشرين عامًا، وضع عالم الاجتماع الفرنسي ميشيل سورا، سلسلةً من المقالات التي سلطت الضوء على ما وصفه بـ"الدولة المتوحشة"، مشيرًا بذلك إلى حُكم عائلة الأسد. وقد شرح في مقالاته وحشيتَهم في قمع الانتفاضة في حماة في أوائل الثمانينات، مع فرض الإعدام بإجراءات موجزة لعشرات من القرويين، ومئات السجناء الذين قتلوا بالرصاص في زنزاناتهم، والقصف العشوائي لمدن بأكملها.

وقال سورا إن: "انهيار الشرعية السياسية للنظام يترجم على أرض الواقع لتفعيل أشكال الشرعية التي تسبق الهياكل السياسية". وبعبارة أخرى، سادَ تضامنُ الجماعات الإثنية والطائفية، بدلًا من المنظمات الاجتماعية والسياسية، وقد تحولت الرؤية السياسية للرئيس حافظ الأسد إلى مجرد "ربط مصير الطائفة العلوية بمصيره هو". 

فدفع سورا أغلى الأثمان بسبب عمله ذلك، ففي بيروت في العام 1985 في ذروة الحرب الأهلية، اختطفتْه حركةُ الجهاد الإسلامي التي لها علاقات مع سوريا وإيران. ثم أُعدِم في الأسْر، ولم يُعثَر على جُثته وتُعاد إلى فرنسا إلا في عام 2005. وبما أن كلًّا من ترامب وماكرون يسعيان إلى إمكانية التوفيق بينهما وبين حكم الأسد في دمشق، فإن كتابات ميشيل سورا تبقى عِبرةً لتكاليف هذا النهج.   

جدير بالذكر أن بشار الأسد نفسَه كان ضيفًا على الرئيس الفرنسي لتهنئته بمناسبة عيد الباستيل. أما نيكولا ساركوزي، فكان حريصًا على فِعل عكسِ كلِّ ما فعله سلَفُه جاك شيراك، إذ كان قد بسط السجادة الحمراء في عام 2008 للزعيم السوري، الذي تحول إلى رئيس منبوذ دوليًّا بسبب جاك شيراك وجورج دبليو بوش.

إلا أنّ ساركوزي في ابتغاءِ مرضاته تميز بالعودة إلى نمط سابق معهود. إذا كانت ذِروةُ سَنامِ الأمر تُمثل بالنسبة إلى الدبلوماسيين الدوليين، تحقيقَ السلام الإقليمي في الشرق الأوسط، فإن السلام بين سوريا وإسرائيل قد تَحدَّد منذ فترة طويلة ليكون خطوةً أولى نحو هذا السلام. قال هنري كيسنجر ذات يوم، إنّه "لا يمكنك أن تؤجج نارَ الحرب في الشرق الأوسط بدون مصر، ولا يمكنك أن تبذر بذور السلام بدون سوريا". بلغت هذه الجملةُ الواحدةُ أسماعَ عدد لا يُحصَى من الدبلوماسيين وأولي الأمر الذين سَعَوا إلى دمشق في محاولة يائسة لإقناع والد بشار، الرئيس حافظ الأسد، بالتوقيع على اتفاقات السلام، إلا أنه لم يوقّع أبدًا بالرغم مت بعده خطوات قليلة عن التوقيع.

في البداية، كان هناك مزيد من الأمل في بشار، الذي درس طب العيون في بريطانيا، والذي حافظ على اتخاذ القرارات الصحيحة حول السلام والإصلاحات الواعدة في المنطقة؛ ثم قدّم وعودًا بدا أنها جيدة بما فيه الكفاية ليظل الجميعُ يترددون عليه، على أمل أن الزيارة القادمة ستكون خاتمة الاتفاق.

لولا دعوة ساركوزي لبشار الأسد، والتي كسرت سنوات من العزلة المؤلمة للأسد؛ لكان الوضع الآن مختلفًا من حيث إيقاف الأسد عند حده 

بدأت عزلة الأسد عندما اتُّهِم نظامُه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، فى انفجار قنبلة ضخمة على كورنيش البحر ببيروت، يوم 14 فبراير/شباط من عام 2005. وحدثت احتجاجات ضخمة في لبنان تدعو إلى إنهاء الاحتلال السوري الذي دام 30 عامًا في ذلك البلد. وبسبب الرئيسَين بوش وشيراك، وكانا صديقَين حميمَين للحريري، ومع قيادتهما لهذه التهمة، أقصَى المجتمعُ الدولي بشارَ الأسد، وأجبر قواتِه البالغَ عددُها 15 ألفًا إلى تراجع مهين للخروج من البلاد التي تعتبرها عائلة الأسد جزءًا من سوريا.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا لو بقي بشار الأسد في السلطة؟

إلا أن دعوة ساركوزي في عام 2008 إلى "الطاغية المهذَّب"، كما وصفتْه صحيفة لوموند لاحقًا؛ أنهَتْ سنوات من العزلة المؤلمة للأسد. كانت فترةً تُحاك فيها خطةُ نعيه السياسي، وكان أصدقاؤه المقربون من النظام في دمشق، يطلقون النِّكات سرًّا عمَّن سوف يُطفئ الشموع، وهم في طريقهم إلى الخروج من البلاد.

وكان دافعَ ساركوزي هو الاعتقادُ بأنه، على النقيض من سَلَفه، يمكنه أن يقيم علاقة مختلفة مع الأسد، وأنه بشخصيته ومَكره يمكنه أن يقنع حاكم دمشق بتغيير طُرُقه وأساليبه. كذلك ويمكن القول بأن هذه الثقة بالنفس ذاتَها كانت دافِعَ وزيرِ الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، الذي كان من أواخر مَن يسحبون الثقة في الأسد بعد أن بدأت قواته إطلاق النار على المتظاهرين في عام 2011.

الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس النظام السوري بشار الأسد، قبل سنين العزلة (فرانسوا موري/ Getty)
الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس النظام السوري بشار الأسد، قبل سنين العزلة (فرانسوا موري/ Getty)

يمكن للمرء أن يتكهن بشأن مسار بديلٍ للأحداث إنْ كان ساركوزي لم يُعِدْ الثقةَ بالأسد في عام 2008، إذْ ربما كان يمكن بالضغط أن يُوقَف بشارٌ عند حده ولا يكون أمامه سوى أن يفي بوعوده الغامضة بالإصلاح. وربما كان من المحتمل أن تتفاقم المعارضة الشعبية في وقت أبكر مما كانت عليه في عام 2011، ولكن لم تكن لتحصل على نفس الاستجابة القاسية من قِبَل زعيمٍ سبق له أن تعرّض للإخضاع. في هذه السيناريوهات كان يمكن أن تبقى سوريا بلد آمن. ولكن مَن كان يدري.

ولكننا أبناء اليوم، فعلينا أن نفكر في نهج ماكرون الذي يركز على سوريا وعلى المنطقة، فإن ما تريده فرنسا من سوريا لم يعد السلامَ مع إسرائيل، أو حتى رفض تحالفها مع إيران. فالأسد، على أي حال، لا يمكن أن يحقق أيًّا من تلك الأشياء، وفي المقابل يركز ماكرون على مكافحة الإرهاب، ووقْف تدفق الجهاديين من سوريا إلى أوروبا.

وفي مقابلة أُجريت مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية على نطاق واسع ودقيق، قدم ماكرون نقطتين رئيستين بشأن قضية سوريا، أُولاهما هو بيانُ أنّ الأسد ليس عدوًّا لفرنسا، والأخرى، توضيحُ موقفه من مستقبل الأسد. وبعد أن قال مرة إنه لا يوجد حلٌّ للصراع في سوريا والأسدُ في السلطة، أوضَحَ فقال: "لم أقُلْ أبدًا إن حرمان بشار الأسد شرطٌ أساسي لكل شيء، لأن أحدًا لم يُقدِّم لي خَلَفَه الشرعيَّ".

ولكن مثلما تعلم فرنسا جيدًا، هناك أيضًا ثمنٌ لإبقاء الأسد في السلطة. بالرجوع إلى عام 1981، نفَّذ العملاءُ المتهمون بالعمل لحساب دوائر المخابرات السورية، عملية اغتيال لويس ديلامار، السفير الفرنسي في لبنان، في وضح النهار ببيروت، وفي عام 1983 نُسب الهجومان المنفَّذان على قوات البحرية الأمريكية وعلى قوات المظلات الفرنسية في بيروت، إلى حركة الجهاد الإسلامية (وهي النسخة الأولى من حزب الله)، المتصلة بإيران وسوريا. وفي منتصف ثمانينيات القرن العشرين، عانت باريس من سلسلة هجمات إرهابية، راح ضحيتَها العشراتُ، وكانت الأحداث مرتبطةً سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، بجماعات متصلة بسوريا.

قد يبدو ذلك تاريخًا قديمًا، لكن نظام الأسد لجأ إلى بعض التهديدات المواربة ضد الغرب في الآونة الأخيرة كذلك، فقد حذر رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الأسد، في حوار مع صحيفة نيويورك تايمز، قائلًا: "لا يضمن أحد ما سيحدث بعد ذلك، لو حدث شيء لهذا النظام لا قدر الله. يجب أن يعرفوا أننا حين نعاني، فلن نعاني وحدنا".

كانت نسخة أخرى من التهديد السوري المفضل: يمكننا أن نساعد في إحلال السلام بالمنطقة، ولكن تجاهلَنا يقع على مسؤوليتكم الخاصة، لأننا بإمكاننا أن نتسبب بفوضى عارمة.

لا يبدو مقنعًا الحديث عن أن للأسد أي شرعية، في ظل أشكال العنف الشديد الذي مارسه ويمارسه ضد أبناء شعبه

في بداية الثورة السورية، هدد مفتي سوريا بإرسال انتحاريين إلى أوروبا إذا تعرضت سوريا لهجوم. ليس هناك ما يشير إلى ارتباط النظام السوري بأي شكل بالهجمات التي وقعت في أوروبا مؤخرًا، إلا أن العديد من المفكرين الفرنسيين والسوريين واللبنانيين، أشاروا في خطاب علني موجّه إلى ماكرون، بأن الأسد يساعد في خلق بيئة يمكن للجماعات المتطرفة والجهاديين أن يحيوا في ظلها. إن إعادة الأسد إلى الساحة مرة أخرى تعرقل مسيرة وجود الحل المستدام للمشكلة التي وصلت في الوقت الحالي إلى شواطئ أوروبا.

اقرأ/ي أيضًا: عن الهجمات الأكثر دموية في تاريخ فرنسا

كان التصريح الثاني الذي أدلى به ماكرون فيما يتعلق بالشرعية ومستقبل الأسد، مزعجًا كذلك، فعلى الرغم من البيانات الماضية الصادرة عن زعماء العالم، ومن ضمنهم فرانسوَا هولاند وباراك أوباما، بعدم وجود مكان للأسد في مستقبل سوريا، فلم ينص أي بيان صادر بشأن محادثات السلام في سوريا إطلاقًا على أن رحيل الأسد يمثل شرطًا أساسيًّا في الحل. وفي حين أثارت كلمات ماكرون قلق العديد من الأشخاص في المعارضة، فإن كلماته لا تتعارض بالضرورة مع النهج الحالي في محادثات السلام السورية.

وبينما نص البيان الأول الصادر عن جنيف عام 2012، على تشكيل حكومة جديدة من خلال "التوافق المتبادل"، والذي يستبعد بشكل غير مباشر احتمالية مشاركة الأسد، لأن المعارضة سترفض ذلك؛ إلا أنه في الوقت الحالي، وبعد مرور ست سنوات من الحرب، يعتقد قلة من الناس بأن الأسد سيرحل ببساطة، وأيًّا ما كانت النتيجة، فستشمل على عملية انتقال قد يشارك فيها الأسد على الأرجح.

استطاعت عائلة الأسد البقاء وفرض نفسها بالقوة عدة مرات (لؤي بشارة/ أ.ف.ب)
استطاعت عائلة الأسد البقاء وفرض نفسها بالقوة عدة مرات (لؤي بشارة/ أ.ف.ب)

قد يتساءل أحدُنا عن موقف الشرعية التي يتحدث عنها ماكرون. فهل ما يزال الأسد يحتفظ بشرعيته، بعد أن ارتكب جميع أنواع العنف ضد شعبه؟ وهل ما يزال من الناحية الشرعية رئيسًا يمكن الاعتماد عليه للتعاون في مكافحة الإرهاب، بينما يكاد يسيطر على دولته ويعتمد اعتمادًا كاملًا على القوة القتالية التي تأتيه من جانب إيران وروسيا؟

أما بالنسبة لسؤال ماكرون: "أين الخليفة الطبيعي للأسد؟"، فإذا طرحناه على أي سوري معارض للأسد فسيكون ردُّه: "لقد قتلَ الأسد أي شخص يمكن أن يكون بديلًا له أو سجنه أو نفاه". ويُعد ذلك من الطرق الفعالة التي لجأ إليها أفراد عائلة الأسد من قبل، حتى في لبنان، فوُجِّهت إليهم أصابع الاتهام باغتيال كل الشخصيات السياسية والفكرية البارزة على مدار عقود.

من المتوقع وجود قادة مستقبليين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، وهم نتاج سنوات من المقاومة المدنية، والذين لا يكاد يعرفهم العالم الخارجي جيدًا، إلا أنهم قد يظهرون على الساحة بمجرد أن تضع الحربُ أوزارَها.

إن كان الغرب يرغب في خليفة جاهز يتحدث الإنجليزية، ليرأس الحكومة الانتقالية، فإن هناك قائمةً من الأسماء المطروحة بالفعل على الساحة. فهناك عبد الله الدردري، وزير المالية السوري السابق، الذي كان يقود عمليات التخطيط لإعادة إعمار سوريا في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة، إلا أنه قد يبدو مُقربًا من الأسد من وجهة نظر بعض المعارضين. 

هناك أيضًا أيمن أصفري، رجل الأعمال السوري في مجال النفط والمولود في سوريا، والمعروف بنقده الصريح للأسد، وهو مؤسس مؤسسة الأصفري، التي تقدم المساعدات الإنسانية وتعزز من دور المجتمع المدني. أمّا الاسم الثالث فهو رياض حجاب، رئيس الوزراء السابق، الذي انشق عام 2012، وهو الآن منسق الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية.

على عكس صدام والقذافي، فإن عائلة الأسد قادرة على البقاء، ويبدو أن فرنسا وأمريكا ستتوددان للأسد، على أمل تعاونه هذه المرة بشكل جاد

إن كانت هناك إمكانية للتوصل إلى حل وسط لمرحلة انتقالية بوجود الأسد، فقد نحتاج أيضًا إلى وجود تلك الأسماء التي سلفَ ذكرُها. وما يُعد أمرًا أساسيًّا هو جعلُ المرحلة الانتقالية مرحلةً شاملةً حقًا، حتى وإن استدعَى الأمرُ وجودَ قائد تكنوقراطي. قد يكون من الصعب تخيُّلُ أحدٍ غيرِ عائلة الأسد على كرسي الحكم في سوريا، لا سيما بعد أكثر من 40 عامًا من حكم عائلة الأسد للبلاد. إلا أن التفكير بتصورات خارج هذا الصندوق المعروف، هو ما نحتاجه في هذا الموقف، فبهذه التصورات إلى جانب بناء قوة ونفوذ عسكري على الأرض، يستطيع الغرب الاستفادة منها على طاولة المفاوضات.

اقرأ/ي أيضًا: "داخل سورية الأسد".. صورة عادية من الجحيم

لو غيرْنا بعض التواريخ وبعض الأسماء التي وردتْ في مقالات ميشيل سورا وتوصيفاته، فإننا سنجد أن التاريخ يعيد نفسَه في هذه الأيام في سوريا. وعلى النقيض من صدام حسين ومُعمَّر القذافي، كانت عائلة الأسد قادرةً دومًا على البقاء في القمة. ويبدو أن فرنسا وأمريكا وغيرهما، على وشك العودة إلى التودّد للأسد، على أمل أن تكون وعودُه للتعاون هذه المرة ليست سلاحًا ذا حدَّين. وربما يتحتم على ماكرون أن يقرأ ما كتبه ميشيل سورا لفهم طبيعة الخصم الذي يواجهه.

‎إذنْ بعد كل ما سبق، أتختار القيم أم السياسة الواقعية؟ ‎في بعض الأحايين تكون السياسة الواقعية الخالية من القيم مجردَ إنكار للواقع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بين وحشية الأسد وشيخوخة معارضيه.. أين السياسة؟

الجيش في سوريا.. من عقائدية المؤسسة إلى مليشيا العائلة وطائفيتها