28-نوفمبر-2016

لقطة من الفقرة التلفزيونية (سوشيال ميديا)

أثار عرض برنامج صباحي نسائي على القناة الثانية المغربية، فقرة لتعليم النساء فن "مكياج" تضمنت نصائح حول كيفية التخلص من آثار العنف المنزلي، موجة غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي وحراكًا حقوقيًا يهدف إلى الاحتجاج ضد ما أسموه "انتهاكًا لصورة المرأة المغربية". وتضمنت الفقرة المتلفزة، نصائح من قبل مقدمته بوضع مساحيق التجميل، كحل للنساء المعنفات لكي يتمكن من مواصلة حياتهن من دون أي آثار للعنف يمكن أن تفتضح وضعهن.

أثارت فقرة متلفزة في المغرب احتجاجًا بسبب تضمنها نصائح للنساء المعنفات بوضع "ميك آب" مكان آثار العنف

وتزامنت الفقرة مع اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء، مما أثار غضب العديد من المغاربة، الذين عبروا عن استيائهم متسائلين عن كيفية مرور هذا الخطأ ضمن جدولة البث في قناة حكومية. واجتاحت سلسلة من التدوينات الغاضبة على موقع "فيسبوك"، بالإضافة إلى اهتمام وسائل الإعلام خاصة الإلكترونية منها بالموضوع، مما دفع القناة لتقديم بيان تعتذر فيه عن الفقرة المثيرة للجدل. وفي صباح اليوم الاثنين، اعتذرت أيضًا مقدمة البرنامج، بنبرة حزينة للمشاهدات، موضحة أن "ما حدث هو سوء تقدير"، مشيرة إلى أن "البرنامج لمدة سنوات تناول مواضيع تهم المرأة وقدم لها النصائح والمساعدة سواء كانت قانونية أو نفسية".

وقد ظهرت في الفقرة، امرأة مع رضوض مزيفة على وجهها جالسة على كرسي فيما مقدمة البرنامج تؤكد أن الأمر يتعلق بمجرد "مؤثرات سينمائية". وتضمنت الفقرة نصائح حول كيفية استعمال المكياج لإخفاء الآثار، آملة أن تكون قدمت حلولًا للنساء المعنفات ليتمكن من مواصلة حياتهن والتوجه إلى مراكز عملهن. 

اقرأ/ي أيضًا: العنف الأسري في المغرب.. ضد الرجال أيضًا

وبالنسبة لبيان القناة الثانية، التي حاولت من خلاله امتصاص غضب المغاربة والجمعيات النسائية التي دخلت على الخط، أوضح البيان أن "هذه المقاربة تتناقض تمامًا مع خط القناة التحريري وميثاقها المبني على إعطاء قيمة بارزة لصورة المرأة"، ووعدت باتخاذ كافة الإجراءات المناسبة ضد المسؤولين عن هذا الخطأ، مؤكدة أن البرنامج عرض "ترسانة قانونية"، لتحسيس النساء بالعنف الممارس ضدهن وما وقع هو سوء تقدير فقط.

وعلى الرغم من اعتذار القناة الثانية، لا يزال الجدل قائمًا بخصوص الفقرة، إذ أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاغًا بعنوان "ضرب_مها"، للتنديد بالفقرة التي رأوا فيها تطبيعًا مع سلوك من المفترض أن يرفضه المجتمع. وبدأ ناشطون مغاربة بجمع توقيعات على عريضة على الموقع « change.org » ستسلم إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب "الهاكا" من أجل إصدار معاقبة قانونية بحق القناة الثانية.

صحيفة "الغارديان" انتقدت ماكياج العنف المنزلي على موقعها الإلكتروني وتساءلت عن أحوال المرأة في المغرب

ويبدو أن الفقرة المثيرة للجدل وصل صداها إلى وسائل إعلام أجنبية، حيث تفاعلت مع الموضوع، الذي وصفوه المغاربة بـ"المخجل"، صحيفة "الغارديان" البريطانية، وقد تناولت الموضوع بتخصيص حيز له ضمن موقعها الإلكتروني، عبر مقال عنون بـ"التلفزيون الحكومي يبث للنساء طرق إخفاء العنف المنزلي". دون أن تخفي الصحيفة استغرابها من الواقعة، وموردة عشرات الأسئلة حول وضعية المرأة بالمغرب والعالم العربي. بالإضافة إلى مواقع أجنبية أخرى، تناولت الموضوع، دون أن ننسى وسائل إعلام عربية.

وتجدر الإشارة إلى أن بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، نظمت ندوة في اليوم العالمي للعنف ضد النساء. حيث سلطت الوزيرة الضوء على الاعتداءات الجسدية والجنسية الممارسة ضد المرأة في الأماكن العمومية في المغرب، والتي لا تزال تسجل نسبًا مرتفعة مقارنة مع تلك الممارسة داخل بيت الزوجية أو في أماكن العمل.

وأضافت أنه وفقًا لإحصاءات عام 2014، فإن عدد حالات العنف ضد النساء بلغ 15865 منها 14408 حالات لنساء تعرضن لعنف جسدي في الأماكن العامة و1457 لنساء تعرضن لعنف جنسي. في السياق نفسه، تقول بديعة البقالي، محامية وناشطة حقوقية لـ"ألترا صوت" إن "ما حدث شيء مخجل بالفعل، ويعتبر فضيحة"، متسائلة: "كيف يعقل أن يمر هذا الخطأ الفظيع والذي يسيء إلى المغربيات عمومًا؟". وموضحة: "صحيح لا يمكن أن ندخل في النوايا، فالقناة اعتذرت ومقدمة البرنامج أيضًا اعتذرت، إلا أن كل واحد منا يجب أن يتحمل مسؤوليته من خلال موقعه".

أما فيما يخص النساء المعنفات بالمغرب، فتؤكد الناشطة أنهن "يواجهن الكثير من المشاكل القانونية، بالإضافة إلى نظرة المجتمع الذكوري لهن، ويجب على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها اتجاه هؤلاء النساء عبر تطبيق القوانين بشكل سليم وليس العكس".

اقرأ/ي أيضًا:

العنف الزوجي وزواج القاصرات.. أرق المغربيات

المناصفة والحد من العنف.. أهم الوعود للمغربيات