01-أبريل-2017

مظاهرة في المغرب ضد القبض على امرأتين مغربيتين بعد أن اعتبرت ملابسهما غير مناسبة (Getty)

أطلقت جمعية مغربية قبل أيام حملة وطنية لجمع التوقيعات، بهدف تسليم عريضة إلى رئيس الحكومة لتجريم التحرش الجنسي في أماكن العمل. وقد كانت جمعيات حقوقية أخرى تعنى بحقوق النساء، حاولت لفت انتباه المجتمع إلى موضوع "التحرش الجنسي". وقد تم بالفعل قبل سنوات إطلاق قانون يحمي المرأة من التحرش، ويتوعد المتحرشين بغرامات مالية وعقوبات سجن. لكن في الواقع لم أسمع يومًا بامرأة رفعت دعوى قضائية ضد المتحرش بها في الأماكن العامة، خصوصًا وأنه يصعب إثبات ذلك.

صحيح أنّه يختلف مفهوم التحرش الجنسي من مجتمع لآخر، وصحيح جدًا أنّ بإمكان النساء أن تتحرش بالرجال، وفي هذه الحالة يكون الرجل هو الضحية، لاسيما في أماكن العمل، إلا أنها تبقى حوادث قليلة، لكنها في الحقيقة ليست نادرة.

رغم قوانين حماية المرأة من التحرش الجنسي بالمغرب، لم أسمع بامرأة رفعت دعوى ضد متحرش بها في الأماكن العامة، خصوصًا وأنه يصعب إثبات ذلك

عمومًا، تبقى نساء كثيرات ضحايا التحرش الجنسي، ومن المفروض على المرأة أن تفكر يوميًا مئة مرة فيما ترتديه إن قررت الخروج إلى الشارع.

فالقاعدة العامة تقول إن المرأة هي سببٌ في التحرش الجنسي، سواء كانت محجبة أم لا، فالنتيجة هي نفسها. كيفما كان نوع اللباس الذي سترتديه فإنه لن يحميها من التحرش الجنسي، لهذا أرى أنه يجب على المرأة التفكير جديًا في ارتداء "طاقية إخفاء"، إن وجدت طبعًا. صدقوني هذا هو الحل الوحيد لحمايتهن من تربص المتحرشين بها. المتحرش يرى أنها السبب الوحيد لمشاكله ولفشله أيضًا، لهذا يجب عليها أن تختفي من محيطه عاجلًا وليس آجلًا، يجب عليها أن تلبس هذه الطاقية السحرية لكي لا ينظر إليها، لأنه لن يستطيع التحكم بلسانه، وسيطلق بالتأكيد تحرشاته المقززة، وأحيانًا كثيرة سيصل تحرشه لمستوى أخطر، من خلال تعمد العبث بجسم النساء في الأسواق أو الأماكن العامة ووسائل النقل العمومي.

اقرأ/ي أيضًا: المنشور 108.. عن انتهاك حرية اللباس في تونس

كل هذا فقط لأنها ارتدت لباسًا اختارته وفقًا لذوقها الشخصي أو إمكانياتها المادية أو لقناعتها وحريتها الشخصية.

لكن بمجرد أن تسأل المتحرش "لماذا تتحرش بالنساء؟" سيجيبك بغباء وبسخرية مستفزة، "هي تريد ذلك"، بمعنى أنها هي التي ارتدت لباسًا يراه هو مثيرًا. وإن سألت فتاة محجبة ستقول إنها هي الأخرى تعاني من التحرش الجنسي.

المتحرشون سواء كانوا نساء أو رجالًا، لا يرون التحرش الجنسي سلوكًا مرضيًا يستوجب العلاج الفوري، وهو ظاهرة بالتأكيد لها أسباب كثيرة. لكن فيما يخص تحرش الرجال بالنساء يبقى تبريرهم الوحيد هو نوعية اللباس فقط.

قطعة قماش يمكن أن تعكس إن كنت شخصًا ملتزمًا أو العكس، ذا أخلاق حميدة أو العكس، لا أحد سيقتنع أن اللباس حق، وحرية شخصية تخصك

فقطعة قماش مثلًا يمكن أن تعكس إن كنت شخصًا ملتزمًا أو العكس، ذا أخلاق حميدة أو العكس، فلا أحد سيقتنع أبدًا أن اللباس حق، وحرية شخصية تخصك وحدك. إن عليك في نظرهم أن ترتدي لباسًا وفقًا لأفكارهم وقناعاتهم هم، وإن سألت النساء أو حتى الرجال عن نوع اللباس الذي يرتديه الآخر، سيحكم عليه وفق قناعته. فالمرأة المحجبة مثلًا سترى المرأة التي ترتدي بنطال "جينز" أو سروالًا ضيقًا على أنها ترتدي بذلك لباسًا متحررًا، حتى وإن كانت ترتدي غطاء، فهي ترى أن هذا اللباس لا ترتديه سوى النساء "الكاسيات العاريات" أو اللواتي سيكنّ في مقدمة الداخلين إلى جهنم.

وفي المقابل إن سألت الفتاة المرتدية لباسًا تقول عنه إنه يواكب الموضة والعصر، ستجيبك برأي يرى أن من ترتدي النقاب إنسانة متزمتة جدًا، ويمكن أن تكون متطرفة لدرجة خطيرة، وأنها السبب في تشويه صورة الإسلام.

هذه بعض الصور النمطية التي تعكس مدى سطحية البعض منّا، فنحن نحكم على أشخاص بمجرد ارتدائهم ملابس لا توافق قناعتنا أو حتى ذوقنا الخاص، ونحكم على الآخر بمجرد اختلافه عنا، ونتحرش به لأنه يستفز فشلنا، أو تعاستنا، بالرغم من أنه بعيد جدًا عنا.

اقرأ/ي أيضًا:
من هُن النساء اللواتي دعمن ترامب؟
إثبات نسب المولود خارج الزواج بالمغرب..بيد القاضي!