15-أغسطس-2017

نساء تونس قد يتمتعن بقانون يقر المساواة في الإرث في حال إجماع حول مقترح السبسي (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

أطلق الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي كرة حارقة في خطابه بمناسبة العيد الوطني للمرأة بعد إعلان دعمه للمساواة بين الجنسين في الإرث وإباحة زواج التونسية المسلمة بغير المسلم. ورغم أن ما أعلنه السبسي مجرّد مقترح حيث كوّن لجنة أكاديمية لتقديم صيغ عملية لتقديمها للبرلمان لاحقًا، فقد ألهب خطابه مواقع التواصل الاجتماعي، لتتنازع المواقف بين الناشطين والسياسيين والأكاديميين، بين مؤيد ورافض ومتحفّظ حول طرح الموضوع وتوقيته.

اختلفت الآراء حول خطاب قائد السبسي الأخير بين مؤيد ورافض ومتحفظ حول طرح موضوع المساواة في الإرث وتوقيته

وقد أبدى رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني عن "صدمته" ممّا ورد في خطاب السبسي، واعتبر طرح مسألة المساواة في الإرث "عاملاً إضافيًا لتقسيم المواطنين". ووصف المقترح بأنه "هدم لنظام الميراث" منتقدًا اعتبار موضوع الإرث من أمور البشر الممكن الاجتهاد فيها.

في المقابل دافعت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش عن المقترح، حيث قالت في حسابها على فيسبوك إن "المشكل ليس دينيًا بل مشكل استقلال اقتصادي للمرأة"، مشيرة إلى أن 62% من النساء يعملن في القطاع الفلاحي في إطار الملكية العائلية دون أجر". وطلبت تفسيرًا حول سبب تطبيق المساواة في الإرث في تركيا وعدم مساس أردوغان بهذا القانون.

اقرأ/ي أيضًا: مساواة في الميراث قريبًا في تونس؟

وفي نفس الاتجاه، اعتبرت الأكاديمية النسوية ومديرة "دار الكتب الوطنية" رجاء بن سلامة بأن المسألة هي "تطبيق للمساواة وليست تأويلًا أو اجتهادًا". وقالت إن "القرآن للعبادة وللتّأمّل الرّوحانيّ وللصّلاة لا للتّشريع ولتنظيم العلاقات بين النّاس".

من جهته، قال الأكاديمي المتخصّص في التشريع الإسلامي والمواريث عبد المجيد الزرّوقي، أن "البعض يريد أن يوهم بأنّ أحكام الميراث المستمدّة من القرآن ليست فيها مساواة بين الرّجل والمرأة، وهذا خاطئ". وقال إنه يدعم القانون الحالي لأنه لا يكرّس عدم المساواة، ولكنه اقترح لحسم المسألة ديمقراطيًا أن يقع عرضها على الاستفتاء.

اقرأ/ي أيضًا: المساواة في الإرث بالمغرب.. جدل وتكفير

اقترح البعض في تونس أن يحل الخلاف حول تطبيق المساواة في الميراث عبر استفتاء شعبي

وفي نفس السياق، تساءل الأكاديمي سامي براهم: "لماذا لم تكن لدى رئيس الدّولة الشّجاعة الكافية للدعوة إلى تقنين المساواة في النفقة بين الرّجال والنّساء على غرار دعوته إلى تقنين المساواة في الإرث؟" معتبرًا أن ذلك "سيشكّل فوضى اجتماعيّة وقانونية في ظلّ الفقر المؤنّث وحجم البطالة في صفوف النّساء".

دار الإفتاء.. تزلّف وسخرية

وفي خضم احتدام الجدل بين التونسيين، أصدرت دار الإفتاء بيانًا على صفحتها لتعلن تأييدها لخطاب السبسي مستعملة خطابًا متزلفًا. حيث قالت إن السبسي "خاطب الشعب من القلب والعقل ولذلك يصل كلامه إلى قلوبنا جميعًا وعقولنا"، وشكرته واصفة إياه بأنه "أب كل التونسيين" و"محفوظ العناية الإلهية الدائمة".

ولقي بيان دار الإفتاء سخرية واسعة بين الناشطين، واعتبروا أن المفتي عثمان بطيخ، وهو آخر مفتٍ في عهد الرئيس المخلوع بن علي، لا يزال مستمرًا في تزلّفه للحكّام بطريقة مهينة لا تتناسب مع رفعة منصبه. وكان قد نشر موقع محلّي سابقًا تصريحًا له قال فيه "أخشى أن تطردني رئاسة الجمهورية لو أصرّح بما يغضبها".

كما كشف الناشطون تناقض المفتي حول مسألة الميراث، حيث أعلن سابقًا رفضه لتغيير قواعد الميراث، في المقابل أعلن اليوم بعد خطاب السبسي عكس ذلك، واصفين إياه بـ"مفتي البلاط".

وردّا على موقف دار الإفتاء التونسية، اعتبر الأزهر الشريف في مصر أن دعوات المساواة في الإرث "تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام". وقد أثار هذا التدخل حفيظة ناشطين تونسيين بسبب سكوت الأزهر ومباركته لانتهاكات النظام المصري ومنها مجزرة رابعة، حيث كتبت ناشطة منتقدة تدخل الأزهر قائلة "كان الأولى أن تأخذه الحمية على آلاف الشهداء والأبرياء داخل سجون السيسي وحال مصر الذي يدمي القلب".

تحفّز وترقب بين السياسيين

سياسيًا، أطلق تيار المحبّة الممثّل بنائبين في البرلمان عريضة شعبية لجمع مليون توقيع لسحب الثقة من السبسي.

فيما أعلن الرئيس السابق المنصف المرزوقي أن "موقفه الحقوقي مصرّح به منذ 20 سنة"، في إشارة ضمنية لدعمه للمساواة في الإرث، غير أنه اعتبر أن مقترح السبسي هو "عملية سياسوية بامتياز للتعمية على الإخفاق المهين للرجل ولحزبه... لمزيد من إذلال النهضة وإضعافها".

من جهتها، لم تعلن حركة النهضة الإسلامية، شريكة الحكم مع السبسي، موقفًا رسمياً بعد، وإن أعلن عدد من قياداتها مواقفهم بطريقة غير مباشرة على غرار ما كتبته عضوة المكتب التنفيذي في الحركة يمينة الزغلامي بأن "العدالة الاجتماعية للنساء الكادحات هي قضيتنا الحقيقية".

وفي المقابل، أًصدرت حركة نداء تونس التي تقود الائتلاف الحكومي بيانًا أعلنت "مساندتها التامّة" لما ورد في خطاب السبسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

10 أحكام مميّزة لدستور العائلة التونسية

زواج التونسيات بغير المسلم.. جدل القانون والمدنية